كشفت مصادر مسؤولة من المركزية النقابية أن قائمة المهن الشاقة التي تمنح أصحابها حق الاستفادة من التقاعد دون شرط السن أصبحت جاهزة وسيتم تسليمها لوزارة العمل قبل نهاية السداسي الجاري، مؤكدة أن القطاع الاقتصادي سيتصدر هذه القائمة بأكبر “كوطة” من المناصب، فيما تم الإجماع على غربلة قطاعات الوظيفة العمومية، ليتم إسقاط التعليم العالي والصحافة ومختلف أسلاك الإدارة التي لا يواجه مستخدموها أمراضا تتطلب إحالتهم على تقاعد مسبق. قالت مصادر قيادية من الاتحاد العام للعمال الجزائريين إن نسبة إعداد قائمة المهن الشاقة تجاوزت 95 بالمائة، حيث يعكف الأمين العام للمركزية النقابية، عبد المجيد سيدي السعيد، حاليا، على وضع لمسات تقنية محضة على مضمونها قبل إيداعها رسميا على مستوى اللجنة المختلطة مع وزارة العمل لمناقشتها والتدقيق فيها تحسبا لعرضها على الحكومة. وحسب المصادر ذاتها، فإن القائمة النهائية ستكون جاهزة في غضون شهر ماي المقبل، أي مباشرة بعد الانتخابات، ومن المرتقب أن يتم تسليمها لمصالح مراد زمالي قبل نهاية السداسي الأول من العام الجاري، مشيرة إلى العمل الكبير الذي يقوم به الخبراء المعينون على مستوى الاتحاد، بالنظر إلى خصوصية جميع المهن واختلاف طبيعتها حسب نوعيتها ومجالات نشاطاتها. وفي هذا الإطار، كشفت مصادرنا عن عراقيل كانت وراء تأخر عمل اللجنة التقنية المكلفة بإعداد قائمة المهن الشاقة، وأشارت إلى رفض مؤسسات اقتصادية خاصة، تعمل في مجالات التنقيب والمناجم، التنسيق مع أعضاء اللجنة لتحديد طبيعة الخطورة التي يتعرض لها عمال هذه النشاطات المهنية، وحظي هذا الجانب بتركيز كبير من قبل اللجنة، بعد أن أثبتت تقارير طبية تحصلت عليها أن عشرات العمال يعملون في محاجر تسيرها شركات خاصة، توفوا بسبب نفس الأعراض المرضية، وهو سبب إصرار لجنة المركزية النقابية على إعطاء هذا الملف أولوية كبيرة، رغم رفض أرباب العمل التعامل معها والتنسيق لإيفادها بالمعلومات اللازمة والكافية، أمر يؤكد أن قائمة المهن الشاقة لن تكون مجرد “ورقة مجاملة” لامتصاص غضب العمال وتمكنيهم من مطلب الاستفادة من التقاعد دون شرط السن، “وإنما هي قائمة خضعت لدراسة معمقة ومدققة وسلطت الضوء على النشاطات التي تعتمد على المواد الكيميائية والمشعة وتلك التي تمثل خطرا يهدد حياة شاغليها..”. وفي سياق متصل، قال مصدر ذي صلة بالملف إنه بعد دراسة المعايير التي تم اعتمادها في أعداد المهن الشاقة، تبين أن المهام التي يقوم بها مستخدمو عدد من قطاعات الوظيفة العمومية لا تشكل خطرا على “صحتهم”. وركز تقرير المركزية النقابية، الذي ناقشته القيادة والأمناء العامون لجميع الفيدراليات الوطنية، على الجانب الصحي، كون المهن الشاقة مرتبطة به، حيث تم ضبط قائمة لن يستفيد المنتمون إليها من التقاعد دون شرط السن، على غرار التعليم العالي ومختلف أسلاك الإدارة وكذا الصحافة. وبالنسبة لمهنة الصحافة، اتفق أعضاء اللجنة على أن رجال الإعلام معرضون لمخاطر تندرج في مجالات عملهم اليومي، وهي منظمة في إطار تعويضات مادية ومنح من المفروض أن يستفيدوا منها، وتغطية أمنية ومهنية واجتماعية تكرسها تعويضات “معتبرة” يمنحها رب العمل، كما أن قطاع التعليم العالي مثلا، ماعدا أسلاك الإدارة، يعتبر من المجالات التي يتمتع أصحابها بمزايا كثيرة، كون الأساتذة، مثلا، يعملون لساعات معدودة في الأسبوع ويستفيدون من منح وتربصات بالخارج، إضافة إلى امتيازات عديدة لا يحلم بها العاملون في ميادين أخرى.