عرض الوزير الأول المستقيل، أحمد أويحيى، فيلته المتواجدة بأعالي حيدرة قرب مقر الأفالان للبيع، في الوقت الذي سارع رجال الأعمال والمال المحسوبون على النظام، الأيام الأخيرة، إلى عرض ممتلكاتهم العقارية للبيع، بعد أن تعذر عليهم التصرف في ممتلكاتهم العينية من شركات وأصول منقولة تخضع لإجراءات إدارية معقدة ومطولة. أكدت مصادر موثوقة ل”الخبر” أن الوزير الأول السابق، المستقيل بعد اندلاع الحراك الشعبي، يكون من المبادرين إلى بيع عقاراته في الجزائر بعد أن عرض فيلته المتموقعة في حي راق بحيدرة للبيع بسعر سيكون أضعاف أضعاف ما دفعه للخزينة العمومية عندما تنازلت له مديرية أملاك الدولة عن هذه الفيلا بسعر رمزي، وهو ما اعترف به أحمد أويحيى شخصيا في ندوة صحفية نشطها سنة 2004، في سياق التحضير للانتخابات الرئاسية التي كللت آنذاك بتمديد العهدة الثانية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وقالت المصادر ذاتها إن سعر فيلا أويحيى الفخمة المعروضة للبيع لا يقل عن 50 مليار سنتيم، بحكم موقعها الاستراتيجي بأعالي العاصمة قريبا من مقر الأفالان، حيث كانت هذه الأخيرة مقرا لسفارة يوغوسلافيا سابقا. وتأتي هذه التحركات لتؤكد مخاوف مسؤولين في السلطة ورجال الأعمال والمال من ارتدادات الحراك الشعبي المطالب برحيل النظام ورجالاته جميعا، لاسيما بعد رفض الشعب لتمديد العهدة الرابعة للرئيس المنتهية ولايته، عبد العزيز بوتفليقة، وتعيين وزير الداخلية السابق في حكومة أحمد أويحيى، نور الدين بدوي، كوزير أول سيشرف على المرحلة الانتقالية المقبلة. وارتبطت في السنوات الأخيرة أسماء مجموعة من رجال الأعمال بشكل واضح بمحيط الرئاسة، وفي مقدمتهم رئيس منتدى رؤساء المؤسسات، على حداد، الذي يحرص في كل المناسبات على الظهور بجنب شقيق الرئيس ومستشاره الخاص، سعيد بوتفليقة، كعلامة على الصداقة القوية التي تجمعهما. وتحول علي حداد، بفعل هذه الظروف، إلى أحد أكبر النافذين في البلاد، بتسييره لمنتدى يوظف أكثر من 40 مليار دولار في الاقتصاد الوطني، بحكم العدد الكبير للشركات الخاصة والعمومية الذي تجاوز الألف شركة أجبرت على الالتحاق بالمنتدى بتعليمات فوقية ودفع مبالغ اشتراكات سنوية معتبرة، استغل الجزء الكبير منها في تمويل الحملات الانتخابية للعهدات الأربع لبوتفليقة. وكشفت المصادر ذاتها عن حيازة علي حداد لوحده أكثر من 30 شركة اقتصادية وتجارية وحتى إعلامية تنشط في جميع المجالات أهمها الطاقة، بعد أن نجح في امتلاك 17 بالمائة من أسهم شركة “فرتيال” المختصة في صناعة الأسمدة، ليطمح بعد ذلك في الاستحواذ على نصيب أسهم الإسبان في هذه الشركة الممتلكة بالأغلبية من طرف سوناطراك. حداد الحاضر أيضا بقوة والفائز الأكبر بصفقات قطاع الأشغال العمومية كان يترأس قائمة رجال المال المطالبين بفتح الاستثمار في القطاعات الاستراتيجية كالنقل الجوي والبحري، للرفع من عدد شركاته التي سيعجز حاليا عن تصفيتها بعد محاصرته من الحراك الشعبي. وسبق للمعارضة أن اتهمت رجال الأعمال والمال بالتغلغل في مفاصل الدولة وتأثيرهم على القرارات الاقتصادية والسياسية المتخذة من طرف المسؤولين والوزراء المشرفين على مختلف القطاعات، ما سمح لهم بالاستحواذ على عدد كبير من الشركات العمومية في إطار الخوصصة المعلن عنها من طرف الحكومات المتعاقبة، التي تغير عنوانها بعد ذلك دون المساس بمضمونها، لتركز خطابات المسؤولين على تشجيع الشراكة بين القطاع العام والخاص، بفتح رأسمال الشركات العمومية للخواص. كما سمحت الامتيازات والإعفاءات الجبائية الممنوحة لعدد محدود من رجال الأعمال المقربين من المسؤولين في السلطة بتحقيق أرباح معتبرة، بعد إصدار قوانين مالية خيطت على مقاس مصالحهم، جعلتهم ينجحون في إنشاء عدد هائل من المؤسسات في العديد من القطاعات، وبالأخص في صناعة السيارات وتسويقها، بعد أن أعلن أويحيى عن قائمة مفتوحة لأربعين متعاملا اقتصاديا من أصحاب المال، رخص لهم بفتح مصانع لتركيب السيارات في الجزائر، قرار أخفق في تقليص فاتورة الاستيراد بعد أن سجلت واردات هياكل السيارات ارتفاعا قياسيا بأكثر من ثلاثة ملايير دولار سنويا. ويبقى السؤال مطروحا إن كان رجالات النظام من المصنفين في قائمة المغضوب عليهم من الشعب الجزائري سينجحون في تجاوز سحابة الحراك الشعبي والإفلات من مقصلة الحساب قبل العقاب؟