سقط القناع، مرة أخرى، عن عمر غريب، ورفع الرجل رايته عاليا مستظهرا ولاء واستعدادا دون مشروط لتقديم خدماته لأصحاب سلطة "الأوامر الفوقية" خدمة لأي مشروع يسير ضد طموحات ورغبات الشعب الجزائري، من خلال عودة الرجل، دون سابق إنذار، لتولي منصب مسؤول أول عن نادي مولودية الجزائر في ظروف غامضة وغير طبيعية، تزامنت مع رغبة السلطة في كسر الحراك الشعبي القائم في الجزائر. عودة عمر غريب لرئاسة مولودية الجزائر أياما فقط بعد تنصيب الدكتور زبير باشي مديرا عاما للنادي، بجانب مجموعة من اللاعبين السابقين، ضمن ما سمي لجنة مديرة خلفا للمدير العام "الرياضي" كمال قاسي السعيد، تبرز صحة الطرح السائد أيضا وسط القاعدة الجماهيرية الكبيرة لنادي مولودية الجزائر، التي ردت بقوة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأظهرت وعيا غير مسبوق، من خلال انتقادها الشديد لتعيين غريب من جديد على رأس المولودية وإعلانها صراحة أنها على دراية كبيرة بأن الأمر يندرج في إطار خطة لاستعمالهم واستغلالهم من طرف عمر غريب لضرب الشعب الجزائري وكسر عزيمته من خلال استغلال أنصار المولودية في "حملات مضادة" للحراك الشعبي. غريب ساند بوتفليقة وأهان الجمهورية وعاد بقرار من سلال والغريب في أمر غريب عدم نزوله يوما، منذ 22 فيفري المنصرم، إلى الشارع للتأكيد على أنه جزء من الشعب، فالرجل لم يكن ليقوم بمثل هكذا خطوة اقتناعا منه بأن الشعب يرفضه وبأن الشعب ذاته يعلم بأن عمر غريب من أكبر المستفيدين من السلطة ويأتي في آخر الصف من حيث المصداقية، بدليل أن غريب، حين كان سنة 2013 على رأس المولودية، استغل مولودية الجزائر سياسيا من خلال الزج بها في خطوة "مساندة رئيس الجمهورية" براية عملاقة باسم المولودية وُضعت في وسط أرضية ميدان ملعب 5 جويلية 1962 الأولمبي بالجزائر، رغم أن "شعب المولودية"، على غرار جماهير النوادي الجزائرية، كان على درجة كبيرة من الوعي والمسؤولية ولم يزك يوما الوضع السائد في عهد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فضلا عن أن النوادي الجزائرية، في نظر القانون، لا تمارس أي نشاط سياسي. عمر غريب الذي أقصي مدى الحياة بعد نهائي كأس الجزائر 2013 وطُرد من إقامة الدولة بموريتي بسبب إهانته لرموز ومسؤولي الدولة الجزائرية في قضية منعه اللاعبين والمدربين والمسيرين من الصعود فوق منصة التتويج لنيل الميداليات في نهائي كأس الجزائر، عاد إلى عميد الأندية الجزائرية ب"قرار سياسي"، فرئيس "الفاف" السابق، محمد روراوة، أسر لمقربيه بأنه تلقى استدعاء عاجلا من الوزير الأول سابقا، عبد المالك سلال، وكانت مفاجأة "الحاج" كبيرة وقتها حين وجد بمكتب سلال جالسا بجانبه عمر غريب وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة ماكرة، قبل أن يقول سلال لروراوة "أتهلى في عمر"، وفهم روراوة بأنه أصبح مضطرا لرفع العقوبة عنه واقترح ذلك في أول جمعية عامة للاتحادية، وهكذا شعر غريب بأنه يملك "حصانة سياسية" فقدها سنة 2013 عندما مارس سلطته باسم رئيس الجمهورية. "الأوامر الفوقية" تعيد من طرد بأوامر فوقية وما يلفت الانتباه في قضية قبول عمر غريب ب"المهمة القذرة" الجديدة التي أسندت له، التي تجعل غريب يستفيد، مرة أخرى، من تسيير الجانب المالي للعميد، خاصة فيما يتعلق برواتب اللاعبين، بضبابية، جعلت الشكوك تحوم حول تضخيم المستحقات لتمكين أشخاص، غير اللاعبين، من الاستفادة من الأموال دون وجه حق في إطار "الاحتيال القانوني"، أن غريب ومنذ تنحيته في 2017 بعد نصف نهائي كأس الجزائر أمام وفاق سطيف بمجرد انتقاده عبد الغني هامل، المدير العام للأمني الوطني سابقا، لم يدخر أي جهد لانتقاد سوناطراك والرئيس المدير العام عبد المومن ولد قدور، ووجه غريب سهامه أيضا لرئيس مجلس الإدارة حيرش بقوله "نحن نريد استعادة مولودية الجزائر من سوناطراك، إنه فريقنا ولا نريد أن يبقى الفريق رهينة سوناطراك، عليها البقاء كممول فقط"، قبل أن يظهر غريب قبل يومين وهو يثني على سوناطراك وعلى حيرش ويقول إن الأخير "يملك نظرية" وكان يقصد طبعا نظرة، فالكلام خان الرجل منذ زمان لعدم بلوغه مستوى تعليميا راقيا. عمر غريب لم يعد فقط تحت لواء سوناطراك، بل تحالف مع سفير سابق ووزير حالي نافذ ومسؤول لقناة تلفزيونية خاصة للضغط على ولد قدور الذي اعترف حين التقى بالدكتور زبير باشي بأنه تلقى "أوامر فوقية"، بما يؤكد أن السياسة هي التي وظفت عمر غريب من جديد وفي أجندتها تنفيذ المهمة القذرة بجعل العميد وسيلة لكسر الحراك الشعبي وتسويق وسط الشباب بأن القيم والمبادئ والأخلاق والتربية والمستوى العالي والنجومية في عالم الكرة ليست معايير لتولي مناصب عليا على رأس أحد أعرق النوادي الجزائرية وهو نادي الشهداء الذي كتب التاريخ منذ تأسيسه سنة 1921 وذاع صيته بين الأمم، بل يكفي أن تنزل إلى الحضيض ليكون لك مكان وسط منظومة كروية أريد لها أن تلبس ثوب "الأشرار" وتضرب أسمى القيم والمبادئ وتشطب من قاموسها مصطلح "الأخيار".