تمكّنت سوناطراك منذ بداية السنة الجارية من تجديد معظم عقودها الغازية مع أكبر زبائنها خاصة من الدول الأوروبية التي تموّن سوقها بحصة الأسد من حجم غازها المنتج، غير أن الطريق لا يزال غير معبد أمام سوناطراك لإقناع زبائن آخرين للالتحاق بالركب، في ظل الشروط الصعبة التي يحاول هؤلاء فرضها على الشركة الوطنية للتخفيض من أسعار غازها، ما تزامن والأزمة المالية الخانقة التي تعيشها الجزائر السنوات الأخيرة جراء تراجع محسوس في عائداتها من صادرات المحروقات. وقالت مصادر مسؤولة في تصريح ل"الخبر"، "إن المفاوضات لتجديد عقود أخرى لبيع الغاز الجزائري في أوروبا لا تزال مستمرة غير أنها صعبة، وخاصة مع بعض الدول التي تضغط على الجزائر للتخفيض من أسعار غازها". وتستمر الدول الأوروبية في الضغط على سوناطراك، رغم تخلي هذه الأخيرة عن العمل بالعقود طويلة الأجل وتعويضها بتلك العقود التي لا تتجاوز عشر سنوات بعد أن كانت تصل حتى العشرين سنة. وحسب ذات المصادر "فإن دولا أوروبية أخرى لا تزال تضغط على سوناطراك للتخلي عن نظام العمل بمؤشر الربط، وتطلب الاعتماد على أسواق "السبوت" في تحديد الأسعار". وكانت سوناطراك قد نجحت في تجديد خمسة عقود لبيع الغاز في أوروبا ستسمح لها بالحفاظ على نصيب من حصتها في السوق الأوروبي التي تدهورت خلال السنوات الأخيرة إلى 9 في المائة بعد أن كانت تقدر ب12 في المائة. ويتعلق الأمر بتجديد العقد الموقع مع الإسبانية "ناتورجي" بتموينها ب8 ملايير متر مكعب سنويا إلى غاية 2030، متبوع بتجديد العقد مع "بوطاس" التركية لتموينها لخمس سنوات بالغاز الطبيعي المميع بما حجمه 5 ملايير متر مكعب سنويا، ثم التوقيع على اتفاق آخر مع الإيطالية "إيني" لتزويدها ب9 ملايير متر مكعب سنويا من الغاز الطبيعي للعشر سنوات المقبلة والبرتغالية "غالب إينرجي" بحجم يصل إلى 2,5 مليار متر مكعب سنويا وأخيرا العقد الموقع أمس مع الشركة الإيطالية "اينال" لتموين السوق الإيطالي ب9 ملايير متر مكعب للعشر سنوات القادمة. ورغم الوضع السياسي والاقتصادي المتأزم الذي تعيشه البلاد، لا يزال الشركاء الأوروبيون يثقون في الجزائر كمزود رئيسي لأسواقهم بالغاز الطبيعي والمميع، حيث نجحت سوناطراك في إقناع زبائنها التقليديين على تجديد عقود تموينهم بالغاز الجزائري لعشرية أخرى، في ظل المنافسة الشرسة التي تفرضها عليها دول أخرى مثل روسيا وقطر والشروط التعجيزية التي أصبحت تفرض من طرق الدول المستوردة للغاز، لاسيما الأوروبية والمتمثلة أساسا في تخفيض أسعار الغاز وتقليص مدة العقود طويلة الأجل. للتذكير، فإن إنتاج الجزائر يسجل تراجعا منذ سنة 2017، حيث استقر هذه السنة عند مستوى المليون وال80 ألف برميل يوميا، يوجه الجزاء الأكبر منه لتلبية الاستهلاك الداخلي للمواد الطاقوية بنسبة تجاوزت 22 في المائة.