تتجه الواردات لتسجيل مستوى عال هذه السنة أيضا، رغم التدابير والإجراءات المتعددة المتخذة من قبل السلطات العمومية لكبح جماحها، حيث يرتقب بلوغها 42 مليار دولار هذه السنة، مقابل تسجيل الواردات السنة الماضية لمستوى عال ب 46.197 مليار دولار. وتظل مستويات الواردات الجزائرية عالية، والأمر نفسه ينطبق على العجز في الميزان التجاري الذي بلغ 5.029 مليار دولار العام الماضي. وفيما اعتمدت السلطات جملة من الإجراءات، حيث باشرت الحكومة في تطبيق الرسم الإضافي المؤقت على المواد المستوردة بداية من فيفري، هذا الإجراء ساهم في مضاعفة الأعباء على واردات السلع والمنتجات المعنية التي تتعدى قائمة المواد الممنوعة من الاستيراد، وتخص الخضر والفواكه واللحوم بمختلف أصنافها، ومواد استهلاكية مختلفة. وقامت السلطات بفرض نسب كاملة ب200 في المائة على بعضها، مثل الإسمنت، بينما فرضت رسوما ب50 في المائة على أصناف اللحوم. ومن شأن اعتماد هذا الإجراء أن يضاعف من تكلفة المواد المستوردة، ومن ثم ارتفاع أسعارها على عاتق المستهلك النهائي. كما عمدت السلطات أيضا إلى ضبط واردات المدخلات وهياكل التركيب للسيارات والأجهزة الهاتفية والالكترونية و الكهرومنزلية . كما تضمنت الإجراءات أيضا قيام عمليات الاستيراد في مجال النقل بصيغة البيع بشرط التسليم على ظهر السفينة "فوب"، وهي تعني أن البضائع تكون على مسؤولية المستورد عندما تكون البضائع جاهزة للتسليم على رصيف الشحن الخاص بالمورد، ثم يقوم المستورد بالتأمين على البضائع وتغليفها وتحمل مصاريف الشحن حتى الوصول إلى ميناء المستورد، كما أن المستورد يتحمل كافة المخاطر كضياع الشحنة أو أي تلف قد يحدث للبضاعة. على صعيد متصل، تركز السلطات العمومية على لجوء المتعاملين الاقتصاديين إلى الأسطول البحري الوطني والقدرات الوطنية للنقل البحري، كلما كان هذا الخيار متاحا وممكنا، مع ارتقاب أن يتم توسيع نطاق تطبيق النقل بصيغة البيع بشرط التسليم على ظهر السفينة "فوب" للواردات في مرحلة ثانية، لتصبح سارية المفعول على كافة الواردات في أجل أقصاه 31 ديسمبر 2019، يضاف إلى ذلك الإعلان عن الاستغناء عن استيراد مواد منها القمح الصلب لتحسين المحصول. ورغم الإجراءات المتخذة على المدى القصير، بقيت مستويات الواردات عالية، ويرتقب أن تبقى كذلك السنة المقبلة، خاصة وأن الجزائر سجلت عدة مناقصات لطلبيات استيراد الحبوب برسم العام المقبل في الثلاثي الأخير من السنة الحالية، فضلا عن ارتقاب دخول إجراءات استيراد السيارات المستعملة أقل من ثلاث سنوات حيز التنفيذ، زيادة على الحاجيات التي تظل معتبرة في عدة مجالات، في وقت سيكون الجانب الثاني الخاص بمواجهة حقيقة الفوترة وتضخيمها مهمة معقدة تحتاج للكثير من الفعالية والتنسيق بين الهيئات. وقد سجلت مصالح الجمارك في إطار التجارة الخارجية الجزائرية، خلال الفترة الممتدة ما بين جانفي ونهاية سبتمبر 2019، تسجيل الميزان التجاري للجزائر عجزا ب 5.22 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من 2019. وما يلاحظ هو مستوى التراجع المعتبر للصادرات على خلفية انكماش صادرات المحروقات، الذي ساهم في الإبقاء على مستوى عال للعجز في الميزان التجاري، فقد بلغت الصادرات الجزائرية 27.21 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من 2019، مقابل 31.07 مليار دولار صدرتها خلال الفترة نفسها من 2018؛ أي بانخفاض قدره (-12.43 بالمائة). أما الواردات، فقد بلغت 32.43 مليار دولار مقابل 34.23 مليار دولار، مسجلة بذلك انخفاضا نسبته (-5.27 بالمائة).