يصل اتفاق تقليص الإنتاج ما بين الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للنفط (اوبيب) وشركائهم يوم غد الثلاثاء إلى تاريخ انقضاء فترة صلاحيته دون تجديد في سياق متميز بانخفاض كبير في أسعار الخام لا سيما بسبب انتشار فيروس كورونا الجديد. وهي المرة الأولى منذ أزيد من ثلاث سنوات لا تجدد فيها منظمة الاوبيب وحلفائها وعلى راسهم روسيا، التزامهم بتقليص إنتاج النفط الخام الذي كان الاتفاق المبرم في ديسمبر الماضي قد خفض إجمالي الإنتاج ب1.7 مليون برميل يوميا والذي ستنقضي صلاحيته غدا الثلاثاء 31 مارس. ويُضاف إلى هذا الوضع عدم احترام بعض البلدان المنتجة للنفط لتسقيف الإنتاج ابتداء من بداية الشهر المقبل ومن ثمة يأتي انخفاض بأزيد من 50 بالمائة في الأسعار في شهر مارس مقارنة بيناير الماضي حسب تحاليل الخبراء. وخلال الاجتماعات الأخيرة لمنظمة الاوبيب وحلفائها التي عقدت يومي 5 و6 مارس بفيينا اتفق كل المشاركون على تمديد الاتفاق الحالي (تقليص الإنتاج ب 1.7 مليون برميل يوميا) إلى غاية نهاية السنة الجارية قصد الحد من انخفاض أسعار النفط نتيجة تأثيرات فيروس كورونا الجديد على الطلب. ودعا إلى هذا التمديد اللجنة التقنية للمنظمة التي اجتمعت في شهر فبراير الماضي. كما دعت هذه اللجنة إلى تطبيق تخفيضات جديدة في الإنتاج مع ترك القرار النهائي للمشاركين في اجتماعات الاوبيب وتحديد مستوى هذا التقليص. وبعدها طلب أعضاء الاوبيب من حلفاءهم ومنهم روسيا تقليص جديد ب 1.5 مليون برميل يوميا إلى غاية نهاية 2020 من اجل دعم أسعار الخام. و لم تتم المصادقة على هذه التوصية خلال الاجتماع ال8 لبلدان الاوبيب و غير الاوبيب، علما أن روسيا تساند مبدأ الإبقاء على الاتفاق الحالي (1.7 مليون برميل يوميا). وتبع هذا الرفض نشوب حرب في الأسعار زادت في حدة تدهور الوضع. حرب أسعار للتحايل على انخفاض الطلب وكانت العربية السعودية التي أجرت أكبر انخفاض في أسعارها منذ 20 سنة، قد أعلنت مؤخرا انها تريد رفع صادراتها من النفط إلى أزيد من 10 مليون برميل يوميا في ضوء حرب الأسعار القائمة. وستقوم العربية السعودية التي تعد أول مصدر للذهب الأسود بزيادة صادراتها الحالية ب 250.000 برميل يوميا من خلال استعمال الغاز لاستهلاكها الداخلي. فمنذ بضعة أيام أعلن هذا البلد العضو في منظمة الأوبيب عن نيته في رفع طاقته الإنتاجية من النفط ب 1 مليون برميل/يوم لتبلغ 12.3مليون، مقابل 9.7 حاليا. و تتواصل حرب الأسعار في الوقت الذي ترفض فيه روسيا, ثاني منتج عالمي وأهم حليف لمنظمة الأوبيب خفض الإنتاج العالمي للنفط الخام لتعويض انخفاض الطلب جراء انتشار فيروس كوفيد-.19 وكان التحالف المعروف ب "أوبيب+" الذي يضم 24 بلدا قد التزم منذ أربع سنوات بالاحترام الصارم للحصص دعما للأسعار وحددت هذه التفاصيل وفقا لاقتراح قدمته الجزائر وتمت المصادقة عليه خلال الاجتماع العادي 171 للندوة الوزارية لمنظمة لأوبيب المنعقد في نوفمبر2016 بفيينا. كما عقدت اللجنة رفيعة المستوى لمنظمة الأوبيب اجتماعات مع دول غير أعضاء في المنظمة و أفضت هذه المباحثات إلى التوقيع على اتفاق تعاون بين الدول الأعضاء في الأوبيب و الدول خارج الأوبيب المشاركة في اجتماع ديسمبر 2016. و من ثم قررت المنظمة خفض إنتاجها من النفط بحوالي 1.2 مليون برميل في اليوم ابتداء من الفاتح يناير 2017 لتحذو حذوها بعد ذلك 11 دول من خارج المنظمة قبلت بخفض عرضها ب600.000 برميل/ يوم. بعد مضي سنة قررت المنظمة وشركاؤها تمديد تسقيف إنتاجها إلى نهاية 2018. في ديسمبر الماضي قررت المنظمة و شركائها خفض إضافي للإنتاج ب500.000 برميل/يوم، الأمر الذي جعل عملية خفض الإنتاج التي استهلت في 2017 تبلغ1.7 مليون برميل/يوم لمجموعة 24 بلد ككل غير أن انتشار وباء كوفيد-19 تسبب في تراجع الأسعار إلى أدنى مستوياتها المسجلة منذ 17 سنة. و من جهة أخرى، أدى هذا الوضع إلى تراجع عائدات المحروقات في العديد من الدول المنتجة الأعضاء في المنظمة على غرار الجزائر التي تضمن رئاسة ندوة الأوبيب وتواصل جهودها من أجل تقريب الرؤى بين مختلف الموقعين على بيان التعاون. و كانت منظمة الأوبيب و الوكالة الدولية للطاقة قد عبرتا مؤخرا عن "انشغالهما العميق" إزاء الأزمة الصحية العالمية الخطيرة التي أثارها فيروس كوفيد-19 و تداعياتها على استقرار الأنظمة الاقتصادية و الأسواق سيما في الدول النامية.