رسّخت الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، مرة أخرى، ثقافة تغليط الرأي العام الرياضي وإعطاء الانطباع بأنها هيئة كروية منهمكة في الأعمال والأشغال، من خلال موقعها الرسمي الذي حاد عن مهمته الأساسية، وتحوّل إلى موقع "دعاية" أكثر منه موقعا يعكس مدى حرص "اتحادية زطشي" على جعل "الفِكر" و"المال" و"التخطيط" أولوية للارتقاء إلى درجة المسؤولية التي أوكلت لها من طرف الجمعية العامة ل "الفاف" صاحبة السيادة. بالعودة إلى البيان المنشور على موقع "الفاف"، الذي يبدو في الوهلة الأولى أنه متعلّق بإستراتيجية حقيقية للاتحادية لإيجاد حلول تجنّب كرة القدم أزمة اقتصادية ورياضية جرّاء وباء كورونا، فإن القراءة المتأنية له تكشف بوضوح بأن الهيئة الكروية الجزائرية لم تستعرض مخططها بناء على توجيهات وإستراتيجية "الفيفا"، بل هي قامت، فقط، بإعادة نشر بيان الاتحادية الدولية لكرة القدم بحذافيره، والمتعلق بالإجراءات الواجب اتخاذها من مختلف الاتحادات والتوصيات، وحتى الإستراتيجية المقترحة، إلى درجة أن طريقة نشر بيان "الفيفا" على موقع "الفاف"، غالط العديد من المتتبعين وعشاق الكرة الذين اعتقدوا، في غياب إشارة صريحة للمصدر، بأن الأمر يتعلق ببيان الاتحادية الجزائرية، وقد بدت أنها "تردّ بقوة" على "الفيفا" وتحذرها من مغبة التدخل في شؤون الجزائر كرويا. والصادم فيما ورد على موقع "الفاف" أن البيان هو "نسخة طبق الأصل" مما نشرته "الفيفا" على موقعها الرسمي بخصوص وباء "كوفيد 19" بعنوان "النقاط القانونية المتعلقة بكرة القدم"، وهي توجيهات ليست موجهة فقط للاتحادية الجزائرية، إنما لكل الاتحادات الكروية المنضوية تحت لواء "الفيفا"، وفيه تجدد هيئة جياني أنفاتينو، في عز أزمة وباء كورونا، التأكيد على أنها اتحادية "لا تتدخل في شؤون الدول"، بشأن اتخاذ قرار استئناف البطولات، وتبرز أيضا، في فقرة أخرى مخاطبة الاتحادات، بأنها (الفيفا) تحوز "المسؤولية والتوكيل" لتقديم التوجيهات والنصائح لتجاوز الأزمة التي تهدد مستقبل كرة القدم العالمية، غير أن هذه الفقرة بالذات، تعرّضت ل "مقص رقابة" الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، التي أعطت الانطباع وكأنها تأخذ من بيانات "الفيفا" ما يخدمها ويجعلها تسوّق "طرحا شعبويا" غريبا، يعطي الانطباع بأن "الفيفا" حين تمارس صلاحياتها وتتحمّل مسؤولياتها، وكأنها تتدخل في شؤون الدول. وبالتدقيق في البيان الأصلي ل"الفيفا" وفي "النسخة طبق الأصل" تقريبا ل"الفاف"، فإننا نقف عند "حذف" الاتحادية الجزائرية للفقرة المتعلقة بصلاحيات ومسؤوليات "الفيفا" على الاتحادات، وهي فقرة بدأت بعبارة "بصفتها هيئة مسيّرة لكرة القدم العالمية، فإن "الفيفا" لها المسؤولية والتوكيل لتقديم توصيات ونصائح للتخفيف من أضرار الأزمة"، لتليها الفقرة الأخرى والتي تتحدث فيها "الفيفا"، وبصراحة، عن أنها "هيئة غير مخوّل لها توجيه تعليمات للجمعيات صاحبة العضوية أو تحديد متى يتم استئناف ممارسة كرة القدم على مستوى كل اتحادية أو إقليم". غير أن "النسخة المشوّهة" للاتحادية الجزائرية أخذت العبارة الأولى ل "الفيفا" وقامت بتحريفها، من خلال كتابة "برغم من أنها هيئة مسيّرة لكرة القدم العالمية.."، ثم تُلحقها بالفقرة الموالية "التي تخدمها (الفاف)، لتصبح العبارة "برغم من أنها هيئة مسيّرة لكرة القدم العالمية، فإن الفيفا غير مخوّل لها توجيه تعليمات للجمعيات صاحبة العضوية أو تحديد متى يتم استئناف ممارسة كرة القدم على مستوى كل اتحادية أو إقليم". "مقص الرقابة" أو "النسخة المشوّهة" للبيان وتغييب ذكر المصدر، لجعل الرأي العام الرياضي الجزائري على بيّنة مما يُنشَر على موقع الهيئة الكروية الجزائرية، فإن العديد من المتتبعين اعتقدوا بأن ما تم نشره على موقع "الفاف" هو موقفها الشخصي من "الفيفا"، في حين كانت اتحادية زطشي، وهي تقوم ب "تحريف" بيان الهيئة الكروية الدولية، تجتهد لإعطاء الانطباع بأن تحرص على منح الشرعية للاتحادات لعدم تطبيق أي توجيهات من طرفها، وهو ما يعني حرص "الفاف" على تبرير "إسقاطها عن قاموسها ممارسة نشاطها والقيام بمهامها الموكلة لها من طرف الجمعية العامة"، وهي العمل على إيجاد حلول حقيقية وتقديم إستراتيجية عملية للخروج من أزمة وباء كورونا بأخف الأضرار، وضمان عدم تأثر كرة القدم الجزائرية، بأنديتها ورابطاتها، رياضيا واقتصاديا واجتماعيا وإداريا وتنظيميا، من هذا الفيروس.