في حوار مع 'الخبر '' ، أكد المحلل السياسي د.عبد القادر سوفي أن فرنسا و التحالف الصهيو-مغربي يعملون على عرقلة الجهود الجزائرية لحل الأزمات في الساحل حفاظا على مصالهم في المنطقة. بإعتقادك ، لماذا يراد تكسير جهود الجزائر لتسوية الأزمات في الساحل من له مصلحة في ذلك ؟ لتحليل المعطيات الميدانية التي باتت واضحة و مفضوحة ، ننطلق من أهمية المنطقة بالنسبة للاستعمار التقليدي و الرئيس الفرنسي الذي هدد بأكثر من مرة بسحب قوة برخان من الساحل، و هذا الخطاب من ورائه تهديدا لان مصالح فرنسا باتت مهددة في منطقة الساحل، و لكن هل يمكن لفرنسا سحب قواتها من إفريقيا؟ بالتأكيد لا، فهذا يعني نهاية كل مصالحها ، و لا يمكنها تحقيق أي مصالح في إفريقيا إلا من خلال التواجد العسكري. في مالي لم تستطع حماية المواطنين عملية برخان و أداء مهامها كما يجب باستثناء العاصمة باماكو ، و هذا يعني أنها عملية مزدوجة تقوم بها فرنسا سواء من خلال الجيش النظامي أو الجماعات الإرهابية التي تخضع لقرارات باريس و بالأحرى ل"فرانس افريك" او المؤسسات الاقتصادية الكبيرة في المنطقة، و نعلم إن التسوية في ليبيا باتت شبه منتهية ومنها ظهرت الأزمة في تشاد على خلفية مقتل الرئيس ادريس ديبي ، و بالتالي تحاول فرنسا استرجاع اصطفاف السودان لصالحها، من اجل إعادة بعت إستراتيجية جديدة تمكنها من الحفاظ على مصالحها إذا علمنا أن إفريقيا الوسطى باتت متقاسمة بين روسيا و رواندا، و هذا يهدد كل مصالح فرنسا في إفريقيا الاستوائية و الغربية، لذلك بغض النظر عن صراعات القوى الكبرى، القوى الغربية هي التي تسعى لمنع التحول الاستراتيجي الجزائري خاصة في ظل التنافس الجديد في إفريقيا مع دخول روسيا و الصين على الخط، و عودة الجزائر بقوة و افصاحها عن مشروع خط الطريق نحو أدغال إفريقيا، وميناء الحمدانية في شرشال، ما يعني أن هناك إستراتيجية واضحة بين الجزائر و الصين في إطار خط الحرير لذلك لا يُستغرب وجود نزاعات أو منع حلحلة النزاعات عبر الجهود الجزائرية بالإضافة لمصلحة فرنسا في إقصاء الجزائر من الحلول السلمية في الساحل و شمال إفريقيا، هناك الكيان الصهيوني الذي تحالف مع المخزن و اللوبيات الصهيو-مغربية و الذي يدفعنا للحديث عن تكتل ثلاثي، يبحث بشتى الوسائل منع الحلول لمنع تواجد الجزائر في المنطقة كقوة إقليمية مسيطرة وذات مصداقية و قاطرة لكل قرارات الساحل و إفريقيا، و دعم خط عازل عبر شريط الساحل لتقسيم إفريقيا قسمين و منع التواصل بين الجنوب و الشمال، علما أن مشروع زليكاف و خط الحرير بالإضافة لوجود قوى أخرى على سبيل المثال تركيا و اليابان و روسيا التي من شأنها ان تبني علاقات إستراتيجية قوية مع الجزائر. إذا هل يمكن القول أن هناك صراع بين المقاربات بين الأمنية و مقاربة التنمية و الحوار؟ المقاربات يجب أن تجمع بين الأمنية و السياسية، و الاجتماعية، و التنموية، و أي مقاربة خالية من احد الجوانب السابقة، هي مقاربة ضعيفة و لا يمكن تحقيق أهدافها الا إذا أخذت بعين الاعتبار مجموعة من المتغيرات منها الموارد الموجودة، و فهم المشاكل و الظواهر المحيطة تم التوجهات العالمية والإقليمية فيما يخص عملية التنمية، و لذلك العملية التي يمكن تحقيقها عند الحديث عن المقاربات الجزائرية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار جميع العوامل و لا يكفي أن تتواجد الجزائر في المنطقة لأنه هناك دائما من يتربص بتنفيذ عملية التنمية لتحطيمها.
إلى أي مدى يشكل حضور الجزائر في مالي عامل استفزاز للقوى الأجنبية في المنطقة؟ لا يهم إن كان حضور الجزائر في مالي يمثل عامل استفزاز للدول التي وضعت نفسها في خانة الأعداء، مع العلم أن أول منتج لعدم الاستقرار في إفريقيا هو دولة المخزن التي تسعى بشتى الوسائل إلى زرع الفتن و عدم الاستقرار ،و تواجد الجزائر في مالي يزعجها و يزعج من ورائها، لكنه تواجد طبيعي بحكم طبيعة العلاقة التاريخية بين البلدين، و بحكم أن مالي آو النيجر من الدول الصديقة و لها حتمية التعاون والمساندة الفعلية، ولذلك لا يمكن أن تبقى الجزائر مكتوفة الأيدي، و عندما تكون مالي في استقرار الجزائر تغلق باب من أبواب التوتر و التهديدات التي يمكن أن تؤثر عليها.
و ما هي مجالات تحرك الجزائر لفرض مقاربتها وحلها في المنطقة وما مصلحتها من ذلك؟ هناك مجموعة من المجالات و أولها الدبلوماسية الدينية بحكم تواجد بعض الجزائريين هناك و معرفتهم الجيدة للمنطقة ، إضافة لبعض نقاط الارتكاز الهامة في النيجر و مالي أين السلع الجزائرية مطلوبة، فيجب تقوية هذا المجال من خلال التواجد الفعلي الجزائري ليس ببيع السلع فقط بل من حيث الاستثمار في مجالات و بنايات قاعدية تمكن من تطوير الجوانب الاقتصادية مع هذه الدول، و الاستثمار الفعلي في التواجد الجزائري الذي يمنح الولاء للإقتصاد الجزائري، و يفتح مجالات كبيرة للتعاون يغلق أبواب على كل أعداء إفريقيا عامة والجزائر خاصة. و من هنا يمكن القول ان تحرك هو شيء طبيعي يدخل في العمق لمنع وجود بؤر توتر تهدد الاستقرار ، و مصلحة الجزائر لا تأتى من خلال توفير الأمن فقط ، بل توفير مجال التنمية المحلية الذي يمكن شعوب المنطقة من الاستقرار و إمكانية الاستثمار في أوطانهم.و يمكن للجزائر أن تلعب دورا مهما في هذا الجانب وكذلك دول شمال إفريقيا التي نواياها سليمة و تعمل للتطور الجماعي.