خلال زيارتنا لمدينة كابادوكيا التاريخية، كانت لنا جولة بإحدى الورشات التي تعد منارة تلك المنطقة، إحداها للخزف والأخرى للحلي التقليدية التي أخذت شهرة عالمية، بعدما روجت له مسلسلات "حريم السلطان"، حيث باتت منطقة كابادوكيا تولي اهتماما لهذين التخصصين اللذين يجمعان بين التاريخ وجمال القطع. بداية، كانت محطتنا الأولى جولة داخل ورشة الخزف غاليب كوركسو، لعائلة كرست تاريخها للخزف، دخلنا تلك الورشة التي تشمل ألوانا لا تعد ولا تحصى لصحون وأوان رائعة الجمال، ميزها ذلك اللون الأخضر الذي اعتدنا مشاهدته في مختلف قطع الديكور، أوان عكف على صناعتها غاليب لسنوات طويلة، يمنح لزائر المدينة إمكانية التجول في مغارته للتأمل في روعة قطعه، كما يوفر فرصة الشراء ليتكفل بإيصالها عبر البريد إلى عنوان الزبون. ورشة الحلي.. ملاذ الفتيات وجهتنا الثانية كانت ورشة الحلي، دخولنا إليها وكأننا داخل مغارة من مغارات علي بابا، مجوهرات في كل مكان، أحسن مسيرو الورشة تصنيفها حسب اللون، نوع الأحجار وأثمانها، بمعادن ثمينة، كانت تلك المحطة ملاذ النساء، أو كما سماه صاحب المكان "قصر النسوة" أو ما تحلم به المرأة. هنا حدثنا ميكاخيل، أحد ملاك تلك الورشة، عن أجود أنواع الحجارة التي يمكن أن تجدها في تركيا، وبالتحديد في تلك المنطقة، بداية عرفنا بحجر "الفيروز" وهي من أكثر الحجارة التي تعكس تاريخ هذه المنطقة، وتركيا بصفة عامة، إذ تم استعمالها بصفة كبيرة في صناعة حلي النساء، وكذا بعض قطع الديكور للسلاطنة في العهد العثماني. إلى جانب حجر الزلطانيت أو حجر الهلتان، وهو نوع من حجر الكريستال يستخرج من المنطقة، ميزته أن لونه يتغير عندما يتعرض للضوء. أشار محدثنا إلى أن هناك فقط صانعين اثنين متخصصين في تركيا في صناعة الحلي بهذا النوع من الأحجار، لأنه يعد جد حساس وسهل الكسر، حيث يصعب نحته على أشكال محددة لتزين بها مختلف أنواع الحلي، وهو ما يجعله من أثمن الحجارة في تركيا. عند الحديث عن "حريم السلطان"، لا يمكن فصل الكلام عن الحلي التي متعت أنظارنا خلال مشاهدتنا لتلك الحلقات من مسلسل السلطان سليمان، حيث تألق السلاطين رجالا ونساء بتلك القطع التي تركت تأثيرها في قلوب فتيات الجزائر. كان لنا خلال جولتنا بكابادوكيا فرصة زيارة إحدى أكبر الورشات التي لا تزال تصنع قطع طبق الأصل لتلك التي شاهدناها في مسلسل الحريم. حدثنا ميكاخيل عن "الأنتيك" في صناعة الحلي القديم وتصاميم العهد العثماني، حين كان يتم استعمال الفضة ومختلف أنواع الأحجار الكريمة، كالزمرد والسفير والياقوت وحتى الألماس في صناعة مجوهرات العائلات الملكية، وأكد المتحدث أنه في العهد العثماني كانت تركيا تحوز على الأحجار الكريمة، إلا أنه في الوقت الحالي، تأتي من دول أجنبية أخرى. عن أنواع الحجارة، قال المتحدث؛ بعضها مخصص للنساء وأخرى للرجال، وكان بالإمكان التفرقة بين التصاميم عن طريق نوع الحجارة المستعملة، إذ كانت النساء ترتدي مختلف الألوان حسب فساتينها وباقي أكسيسواراتها، في حين كان الرجل أساسا يعتمد على اللون الأسود وأكثر الحجارة استعمالا هي "لينكس" الأسود. وللإبقاء على أصالة القطع العثمانية، يقول المتحدث بأن هناك مختصون في تركيا يستعين بهم الصانع لتصميم موديلات من النوع القديم، حتى لا تخرج الأصالة من إطارها، وهذا أكثر ما يبحث عنه الزبائن رغم مرور السنين، وهو "الطابع العثماني" للسلاطين، إلا أنه حاليا يفضل بأحجام أقل فخامة وأكثر بساطة للحياة اليومية التي تميزها البساطة. ❊نور الهدى بوطيبة