يختار بعض الشباب الاستمتاع بالعطلة السنوية في موسم الخريف، لما يميّزه من أجواء منعشة بفعل الانخفاض التدريجي لدرجة الحرارة، وعادة ما يكون الشباب أكثر ارتباطا بهذه الفترة من السنة، بسبب عدم ارتباطهم برزنامة الدخول الاجتماعي. لإثراء هذا الموضوع، كان لنا حديث مع بعض الشباب الذين اختاروا الخروج في عطلة خلال هذه الفترة، وقد أوضح يونس (موظف في إحدى البنوك العمومية) ل«المساء"، أنه يفضل سنويا الاستفادة من عطلة خلال سبتمبر أو أكتوبر، وهما الشهران المناسبان لتمضية عطلة ممتعة لا حرارة فيها ولا برودة، ويمكن خلالها اختيار وجهات مختلفة بين البحر والبر للاستمتاع بالأجواء اللطيفة. من جهته قال نبيل (صاحب محل للألبسة الجاهزة)، بأنه بعد سنة كاملة من العمل، يبحث عن إجازة ممتعة تكون بعيدة عن ضوضاء الحياة اليومية، وبعيدا عن الاكتظاظ الذي قد تعرفه بعض الوجهات السياحية خلال فصل الصيف، وبذلك يختار موسم الخريف لتمضية الإجازة السنوية التي لا تتعدى 15 يوما، لاسيما أنه لا يتحمل الحر. لم يكن دافع الجو الوحيد الذي يؤجل عطل الكثيرين، إنّما التكاليف التي تنخفض بشكل محسوس خلال المرحلة التي عرفها أصحاب الوكالات بين الموسمين، أي الموسم الصيفي، وهو موسم الذروة الذي يشهد حركة كبيرة للسياح، وكذا موسم السياحة الصحراوية التي تنتعش في أواخر شهر أكتوبر، ليبقى هذا الموسم مثاليا بالنسبة للكثيرين ممن يستغلون فرصة "التخفيضات" التي يقدّمها المتعاملون في قطاع السياحة، بسبب عدم ركود الموسم سواء من فنادق وحتى شركات طيران، وهو ما أشارت إليه كلثوم موظفة براتب متوسط قائلة: "أحاول في كل مرة التخطيط لمشروع عطلة رفقة عائلتي الصغيرة، حيث اغتنم فرصة التخفيضات التي تكون بنصف تكاليف شهري جويلية وأوت، سواء على مستوى شركات الطيران أو الفنادق". عن هذا الموضوع، حدثنا سمير مختاري (مدير تجاري بوكالة سياحية في العاصمة)، قائلا "الصيف هو موسم ذروة الخرجات السياحية، سواء المحلية أو الأجنبية، حيث يرتفع عدد السياح خلال هذه الفترة من السنة، بفضل الجو الذي يسمح للزبائن باختيار وجهات ساحلية، للاستمتاع بجمال تلك البلدان والاستجمام على شواطئها، لذا يقع الاختيار على دول محددة، على غرار تونس، إيطاليا، إسبانيا، مرسيليا بفرنسا، شرم الشيخ بمصر، اليونان وغيرها من الدول الأخرى الأكثر تكلفة لبعض السياح، إلى جانب مدن ساحلية جزائرية، على غرار سكيكدة، بجاية، تلمسان وجيجل...، وهذا ما يطابق ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة التي تميز أيام الصيف". قال المتحدث بأن أكثر ما يستميل السياح في الموسم الصيفي؛ الفنادق التي لديها مسابح، وتكون قريبة من الشواطئ، خاصة أن أغلبية الناس يفضلون ذلك الموسم رغم ارتفاع الأسعار خلاله، وهو أمر طبيعي نظرا لإقبال السياح المتزايد من كل ربوع العالم، الذين يبحثون على تنظيم رحلات رفقة عائلاتهم، ولا يكتمل برنامج هذه الأخيرة إلا بخروج الأطفال أو المتمدرسين عامة في عطلة صيفية. يبقى اختيار فترة ما بعد فصل الصيف لفئة أخرى من السياح، غالبا ما تكون من الشبان يقول سمير مختاري الذين ليس لديهم ارتباطات عائلية تمنعهم من اختيار الموسم الذي يناسبهم من السنة، فتجدهم بذلك يخططون إلى الخروج في جولات سياحية، لا تكون بالضروري نحو بلدان ساحلية، وإنما في هذه المرحلة يزداد لديهم الخيار، بين الاستجمام في مدن لا يزال يشهد جوها ارتفاعا محسوسا في درجة الحرارة، وبين دول أخرى أو وجهات بجو أكثر لطافة، لاسيما أن هذه المرحلة من السنة يبدأ فيها موسم جديد خاص ببعض الدول الاستوائية، حيث تعرف اعتدالا في جوها، ولا تنزل حرارتها تحت 18 درجة مئوية على مدار السنة، وتتميز بموسمين؛ رطب وجاف، إذ يبدأ الموسم الجاف من أواخر شهر سبتمبر إلى غاية مارس وأفريل، وهي وجهات جديدة يقبل عليها بعض الجزائريين الذين يفضلون تغيير وجهاتهم، وهي بعض الدول من أمريكا اللاتينية، إفريقيا الوسطى وكذا أستراليا، فضلا على دول آسياوية موجودة على خط الاستواء، إلى جانب دول أخرى تعرف بداية موسم بارد، على غرار بعض الدول الأوربية كإيطاليا واسطنبول وبلغاريا. مضيفا أن إقبال البعض خلال هذا الموسم وتفضيله عن الموسم الصيفي، يعود إلى أسباب مختلفة يقول المتحدثة ، معظمها راجع إلى انخفاض التكاليف في هذا الموسم، إذ أن مختلف الفنادق وشركات الطيران تخفض الأسعار بعد خروج موسم الصيف الذي يعد الذروة بالنسبة للشركات العاملة في المجال السياحي، وهنا تعمل هذه الأخيرة في تخفيض تكاليفها، للاستمرار في استقطاب السياح بأسعار في بعض الأحيان تكون جد منخفضة. وأضاف المتحدث أن انخفاض درجات الحرارة في هذا الفصل أيضا عامل يجعل هؤلاء الراغبين في تمضية عطلهم الصيفية، في أجواء أقل ضغطا، يختارون وجهات من ربوع العالم.