تتواصل بدار الثقافة "هواري بومدين" في سطيف، العديد من الأنشطة الفنية والفكرية المسطرة ضمن برنامج فعاليات الطبعة السابعة للمهرجان الدولي للسماع الصوفي، وكان الموعد زوال أمس الأول، مع محاضرات فكرية من تنشيط ثلة من المفكرين والباحثين الجزائريين المختصين في مجال الموسيقى والأغنية الروحانية. نشط الأستاذ الدكتور ياسين بن عبيد من جامعة سطيف "2"، مداخلة سلط فيها الضوء على المفكر رينيه قينون، في محوره الفلسفي والفكري، تطرق فيها بالشرح والتفصيل في محاضرته الموسومة ب«دور الإستشراق في معالجة التصوف الإسلامي، إسهامات عبد الواحد يحي في التعريف بالتصوف الإسلامي لغير المسلمين"، إلى عدة محاور من فكر المفكر رينيه قينون، الذي أصبح اسمه عبد الواحد يحي، بعد اعتناقه الدين الإسلامي، على غرار فكره وتصوفه وإسلامه وفلسفته. الدكتور بن عبيد، عرّف بهذه الشخصية التي حضرت تاريخيا في فضائنا الجغرافي وفي وعينا الديني، وساهمت في التحولات التي يعيشها المجتمع الشرقي حاليا، حيث أقر المحاضر بأنها شخصية فكرية غير معروفة، داعيا إلى ضرورة إعادة اكتشافها في السياقين التاريخي والحضاري، معتبرا أن محاضرته تندرج في نفس المضمون. كشف المحاضر عن أن المفكر عبد الواحد يحي، عاش في الجزائر خلال الفترة الممتدة بين أكتوبر 1917 وسبتمبر 1918. درّس مادة الفلسفة بثانوية "محمد قيرواني" في سطيف "ألبرتيني سابقا"، كانت له صلات روحية بالجزائر ومعرفية، من خلال تواصله مع بعض المفكرين، خاصة بعد استقراره في مصر. أما عن شخصية المفكر عبد الواحد يحي، فقال الدكتور بن عبيد إنها إنعزالية، ومع ذلك كانت له إسهامات كثيرة ومتعددة، حيث عمل على الدعوة إلى العودة إلى الروحانية بمختلف أشكالها، مع استحيائها من مراقدها، حين كرس جملة من كتاباته حول نقد الحضارة الغربية، ولديه قرابة 25 كتابا، جلها عميقة ودسمة، كانت تدور في نفس المدار، ولا زال تأثيرها إلى اليوم، يضيف. لم تخلو مداخلة الأستاذ الدكتور ياسين بن عبيد، من الجوانب التنويرية من فكر عبد الواحد يحي، مع ذكر أبرز كتبه، على غرار كتاب "الشرق والغرب"، داعيا الحضور إلى الاطلاع عليها ودراستها عن كثب، قصد إعادة إحيائها وتدريسها للجيل الحالي، نظرا لما تتضمنه من أفكار عميقة وتنويرية، مع تقديمه بعض النماذج الأخرى لبعض المفكرين المستشرقين ممن ساهموا بكتاباتهم في مختلف مجالات التصوف الإسلامي، سواء ممن اعتنقوا الإسلام لاحقا أم بقوا على دينهم.
