أكدت أميرة حساينية، مدربة أبوية وأخصائية تواصل أسري، أن العائلات لا تولي اهتماما خاصا بالتدرب على الأبوة، والدليل على ذلك، غياب ثقافة استشارة أخصائيين في المجال. مشيرة إلى أنه على الأم والأب على حد سواء الاستعداد لهذه المهمة، لاسيما قبل إنجاب أول طفل، نظرا للأهمية القصوى التي تقتضيها هذه المسألة، لحسن التعامل مع التغير المفاجئ في الحياة. أضافت الأخصائية في التواصل الأسري، أنه يمكن تقوية العلاقة بين الأم والطفل أو الأب والطفل، من خلال عدة قواعد لا يكون البعض منها بالفطرة فقط، حيث قالت "إن العديد من النساء مثلا يعتقدن أن الأمومة تأتي بالفطرة، وهذا صحيح، لكن بنسبة معينة، وهو الصبر والحنان الذي تقدمه الأم لأطفالها مهما بلغ عددهم، ومهما كانت متعبة جسديا أو نفسيا، إلا أن هناك بعض القواعد الأخرى التي يمكن اكتسابها من خلال التدريب، لاسيما ما تعلق بالمعاملة وحسن التربية، وفق أصول جيدة تجعل تلك العلاقة سهلة على الطرفين. أشارت المتحدثة إلى أن العالم اليوم، يهتم أكثر فأكثر بهذه المفاهيم، من خلال العدد الكبير للكتب التي نشرت في هذا الإطار، والتي تعتبر بمثابة وثيقة تحمل عددا من النصائح التي تم التوصل إليها، من خلال تجارب سابقة، ودراسات شاملة تمس الجانب الأسري من المجتمع، وهذا دليل على الأهمية الكبيرة التي يوليها الناشطون في المجال لموضوع التواصل الأسري. تقول مدربة الأبوة، إن الدور الذي يلعبه المرشد الأسري لا يقتصر فقط على إعطاء عدد من الإرشادات للوالدين بطريقة التعامل مع الطفل، إنّما تتمثل أيضا في مرافقتهما، لاسيما بالنسبة للأشخاص الذين يخوضون التجربة لأول مرة، لأنه بعد ذلك يمكن إسقاط نفس التجربة السابقة مع أول طفل بالنسبة لباقي الأطفال، في حالة ما إذا كانت التجربة ناجحة، مع إحداث بعض التغيرات التي لابد أن تتوافق مع ذهنية وشخصية كل طفل، لأن الأمر يختلف من فرد لآخر، ويمكن أن يخوض الوالدان مع كل طفل جديد تجربة جديدة قد تكون صعبة، إذا كانت طباع الطفل حادة. أكدت المتحدثة أنه تجدر الإشارة، إلى أن العديد من الأولياء الحديثين، إن صح التعبير، يجهلون المطالب الحقيقية للطفل، التي لا تقتصر فقط على إطعامه وتعليمه وتربيته بالأساليب الكلاسيكية القديمة، لأن العالم اليوم يشهد العديد من التغيرات، وبالعولمة التي حملنا محاسنها ومساوءها في نفس الوقت، وأثرت كثيرا على المفهوم الأسري، إلى جانب التكنولوجيات الحديثة التي باتت تهدد مكانة الوالدين بالنسبة للطفل، لتلعب دور المربي، فكيف ستكون أجيال الغد إذا تخلى الأولياء عن التربية الحقيقية وفق هذه التغيرات؟ لذا يعد من الضروري فهم كل تلك التغيرات والبحث عن سبل جديدة لحماية أطفالنا وتربيتهم أحسن تربية، وفق مبادئ وخصال حميدة تقيهم من كل التهديدات الخارجية. أشارت الأخصائية إلى أن أهم شيء لابد من التركيز عليه خلال التربية؛ التواصل، الذي يتمثل في فهم الطفل وكسر الحدود بينه وبين الأب والأم، ولا يعني ذلك فقدان الاحترام، إنما كسر الجدران التي يضعها البعض وفقا للسن، وكأن الطفل لا يفهم ما يقوله الراشد الذي قد يكون الأب أو الأم، ومنه يمكن فهم الطفل ومختلف حاجياته. أكدت المتحدثة أنه إذا كانت العلاقة بين الوالدين والطفل قوية ستصبح المهمة أسهل، فمثلا إذا قرر الوالدان منع سلوك عن طفلهم، سيكون للطفل قابلية فهم الوضع والتصرف وفقه، وهذا ما يمكن ملاحظته في الأقسام الدراسية، حيث نلاحظ أن الطفل الذي اكتسب علاقة متينة مع معلمه أو أستاذه، سيكون متفتحا أكثر لما يتلقاه من عنده، والعكس صحيح، وهي نفس القاعدة التي لابد أن يتماشى وفقها الوالدان مع أطفالهما. شددت المتحدثة على عدم الوقوع في فخ ترامي المسؤولية، والمقصود بذلك تقول أن يلقي كل طرف مسؤولية التربية على طرف آخر، مثلا إلقاء الأم مسؤولية التربية على عاتق الأب، أو أن يحملها الأب المعلم، لأن الأمر يعتبر خطأ قد يزيد من تفاقم المشكل ويسيء إلى تربية الطفل، وتبقى دائما الأشهر الأولى، ثم السنوات الأولى من عمر الطفل هي المرحلة الحساسة التي لابد أن لا يستهان بها، لأنها تشكل كل الفرق في شخصية الطفل تربية ومستقبلا، فهي تكون 70 بالمائة من رجل أو امرأة الغد. وفي الأخير، قالت المتحدثة، إن مرحلة التدريب على الأبوة لا تقتضي فقط استشارة أخصائيين في المجال بالتنقّل إلى مكاتبهم، وإنّما يمكن القيام بذلك من خلال الكتيبات والكتب المتوفرة في هذا الخصوص، والتي تمنح جملة من السلوكيات الصحيحة التي يمكن الارتكاز عليها لدخول عالم الأبوة.