عملية التسوق اليومي مهمة يتشاطرها الزوجان، وهو روتين كثيرا ما خلق جدلا في البيت، بسبب نوعية السلع المقتناة أو حاجة البيت إليها، ويبدو أن هذه المهمة ليست سهلة، كما يعتقد البعض، فلا يحسن الجميع التسوق. في هذه الأسطر، حاولت "المساء" سرد بعض الوقائع التي لمستها من خلال محاولة معرفة المسؤول عن عملية التسوق في البيت، ومن يحسنها الرجل أو المرأة أو كليهما. سؤال حملناه لبعض المواطنين الذين اقتربنا منهم في السوق الأسبوعي ببلدية الدار البيضاء، حيث استفسرنا عن من يحمل "القفة" للتسوق؟ التسوق فن تتقنه المرأة عادة، لدرجة ارتبطت بها كل الكلمات المتعلقة بهذا العالم، وأصبحت أكبر العلامات تروج لبضاعتها باستمالة المرأة، التي يسكنها عشق وجنون التبضع، لكن بين التسوق في محلات بيع مستحضرات التجميل والملابس الجاهزة، أو أسواق الخضر والفواكه أو المواد الغذائية اختلاف شاسع، فالرغبة في دخولهما تختلف، بعضها نابع من الرغبة في الاستمتاع بحاجات المرأة، وبعضها الآخر ضرورة تلبية الحاجيات اليومية للأسرة. فن تتقنه المرأة بدخول "المساء" السوق، بدا الفرق واضحا بين عدد الرجال المتواجدين فيه وعدد النساء، وظهر أن تلك السوق أصبحت حكرا على النساء، لكن هل ذلك رغبة منهم، أم أن الرجال تخلوا عن مهمتهم، أو بكل بساطة المرأة هي التي تحسن عملية التسوق. بداية، كان لنا حديث مع السيدة زهرة (ربة بيت وأم لأربعة أطفال)، أوضحت أن المرأة اليوم هي التي أصبحت مسؤولة على شؤون البيت من "أساسه إلى رأسه"، على حد تعبيرها، حيث تخلى بعض الرجال تدريجيا عن مهمة اقتناء حاجيات البيت، وأصبح يسير بمنطق واحد وهو توفير المال، لتعود المسؤولية على المرأة في التسوق، مشيرة إلى أنها تقوم بعملية التبضع من سوق الخضر واللحوم والمواد الغذائية مرة في الأسبوع، وعادة تكون في بداية الأسبوع، حيث تحاول توفير كل المستلزمات حتى لا تضطر إلى الخروج مرة أخرى خلال الأسبوع. من جهتها، قالت عائشة (متزوجة حديثا) "إلى غاية اليوم لا زال الزوج يتكفل بهذه المهمة، إلا أنني لست راضية بما يقتنيه، حيث يبدو أنه لا يحسن اختيار الخضر أو الفواكه، وعليه سأتكفل بالمهمة بعد فترة، وأضافت أن المهمة في الأساس تقوم بها المرأة بطريقة أو بأخرى، حيث تحضر يوميا قائمة الحاجيات، وتضيف فيها كل مرة اللازم، فالرجل ليس على دراية بما يجب توفيره للبيت إلا بطلب من زوجته. معايير ووتيرة واضحة على صعيد آخر، أشار عدد من الرجال الذين التقيناهم بنفس السوق، إلى أن التسوق اليومي أصبح يتم وفق معايير واضحة، حيث يتجول الرجل في السوق بوتيرة تختلف من بيت لآخر، حسب نسبة استهلاك كل أسرة، وحينها يقتني الرجل ما هو متوفر في السوق، وحسب الأسعار المتداولة أيضا، والتي تشبه إلى حد كبير سوق البورصة، لاسيما ما يتعلّق بالفواكه واللحوم والأسماك، لتبقى المواد الأخرى التي يحتاجها البيت بطلب من ربات البيوت اللواتي يدركن أحسن ما يستلزم اقتناؤه، لتلبية حاجيات الأسرة. في سياق آخر، رصدت "المساء" رأيا آخر، يتمثّل في عدد من النساء (غالبا كبيرات السن)، اللواتي قطعن بأن المهمة تحسنها المرأة أكثر من الرجل، فالسوق عالم غريب ومتشعب، يبهرك منظر المعروضات والبضاعة الجيدة التي يعرضها الباعة، لكن دائما ما تكون وراءها عمليات غش، حيث يخفي بعض الباعة المحتالين بضاعة تالفة وسط الجيدة، ولا يشعر بها المتسوق إلا في البيت، لتكتشف المرأة عند تحضيرها للطعام أن نصف البضاعة تالف. في هذا الصدد، قالت الحاجة حورية، إن المرأة تحسن التعامل مع البائع، وتفرض منطقها، لاسيما أنه غالبا ما يحترمها ويخجل منها الرجل في حالة طلبت منه تغيير البضاعة، في حين لا ينتفض الرجل مطلقا ويرضى بما يقدم له. كما أن المرأة تدرك ما تحتاجه في البيت من مواد استهلاكية، إلى منتجات التنظيف أو العناية بالبيت، لكن الرجل لا يفقه في باقي المتطلبات ودائما ما يحتاج إلى المرأة لتنويره وتذكيره بتلك الحاجيات، مضيفة أن هناك مشكلا آخر وهو نوعية البضاعة، فبحكم التنوع في السلع سواء من خضر أو حتى المنتجات المصنعة، يجهل الرجل ما يقتنيه للبيت، ولا يعرف الاختلاف الموجود بين تلك العلامات التجارية، إلا أن المرأة وفقا لتجربتها في المطبخ أصبحت تحسن اختيار أجود المنتجات وترك الرديئة منها. مهمة يتشاطرها الزوجان.. أبدى عدد ممن حدثناهم، أن صعوبة التبضع تكمن في حمل المشتريات التي كلما زادت، كلما أصبحت ثقيلة ويصعب حملها، لاسيما بالنسبة للمرأة، خصوصا المتقدمات في السن، لهذا تفضل الكثيرات مزج الخبرتين والإمكانيتين لها ولزوجها في آن واحد، حيث تكمن مهمة المرأة في اختيار السلعة، وعلى الرجل دفع الفاتورة وحملها إلى البيت أو السيارة، وعليه غالبا يتجول عدد من الأزواج في السوق أو في المساحات الكبرى، فتجد المرأة تختار السلعة والرجل يدفع الحساب، في هذا الخصوص، قالت أسيا، إن ذلك أحسن وسيلة لتفاهم الزوجين، حيث يحدد الزوج ميزانية للأسبوع ويرافق زوجته لمساعدتها في حمل البضاعة، وبذلك تقوم بمهمتها بكل أريحية.