* email * facebook * twitter * linkedin دعا منتدى رؤساء المؤسسات إلى إعادة النظر في دور الهيئات المكلفة بالاستثمار، خاصا بالذكر المجلس الوطني للاستثمار الذي اعتبر "عاملا كابحا"، ولم يتردد رئيس المنتدى محمد سامي عقلي في القول إنه أصبح بمثابة "نادي" يمرر ملفات الاستثمار لبعض المحظوظين، ما جعله يتحول إلى "عش للفساد". وقدم منتدى رؤساء المؤسسات في الأيام الماضية دراسة إلى مصالح رئاسة الجمهورية، تضمنت تحليلا للوضع الاقتصادي الراهن ولاسيما إطار الاستثمار ومجموعة من الاقتراحات التي ترمي إلى تسهيل فعل الاستثمار وتخفيف الإجراءات ذات الصلة. فضمن سعيه إلى التركيز على "مهمته الاقتصادية"، وإثبات نفسه ك"قوة اقتراح" في المجال الاقتصادي حصرا، يعمل المنتدى منذ سبتمبر الماضي على تقديم اقتراحات تخص إشكالات اقتصادية مختلفة إلى السلطات العمومية، أولها كانت اقتراحات تخص عالم المؤسسة، ولاسيما تلك التي تعيش وضعا صعبا. كما تطرق في دراسة حديثة إلى إطار الاستثمار وجاذبية الاقتصاد الوطني التي تم تسليمها إلى مصالح الرئاسة حديثا، ويعتزم في هذا الصدد تقديم اقتراحاته حول "تنويع الاقتصاد" و"تطوير قطاع السياحة والرقمنة. ذلك ما أعلن عنه رئيس المنتدى أمس، خلال ندوة نظمت بمقره بالجزائر العاصمة، حول "إجراءات الاستثمار التي تخدم النمو والتنمية"، نشطها إلى جانبه، نائب رئيس المنتدى صلاح الدين عبد الصمد والخبير الاقتصادي محمد شريف بلميهوب. وتميزت الندوة بتوجيه انتقادات لاذعة للمجلس الوطني للاستثمار، الذي وصف بكونه عائقا أساسيا أمام الاستثمار طيلة السنوات الماضية. وقال السيد عقلي في هذا الإطار إنه "قبل 2019 كان فعل الاستثمار شاقا وكان المجلس الوطني للاستثمار عبارة عن هيئة تكبح الاستثمار"، لدرجة تحوله إلى نادي تمييزي يقدم الموافقة على المشاريع خارج متطلبات القانون. وبرأي نائب رئيس المنتدى صلاح الدين عبد الصمد أن المجلس استغل غياب النصوص التنظيمية للاستثمار الصادر في 2016، من أجل فرض قانونه الخاص واتخاذ قرارات فردية تخضع لمنطق المحسوبية، موضحا أن ذلك أدى إلى صدور قرارات مختلفة تخص مشاريع متشابهة، كما أن إلغاء تسقيف مبلغ الاستثمار الخاضع لموافقة المجلس، أدى إلى إجبارية مرور كل ملفات الشراكة على طاولته، ما نتج عنه منع إنجاز الكثير من المشاريع، التي تساوي مناصب عمل وقيمة مضافة ومداخيل ضريبية. من هذا المنطلق، تمت الدعوة إلى إعادة النظر في دور المجلس، الذي قال السيد عبد الصمد إنه لا بد أن ينحصر في المستوى الاستراتيجي، وأن يترك المجال حرا أمام الاستثمار سواء كان وطنيا أو أجنبيا. وهذا يتطلب في رأي المتحدث إعادة النظر في الإجراءات الحالية، والإسراع في توضيح بعض القرارات المتخذة ولاسيما إلغاء قاعدة 51/94 المتعلقة بالاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتحديد مجالات تدخلها. وهو ما ينتظره المنتدى في قانون المالية التكميلي، الذي قال السيد عقلي بشأنه إنه لا بد أن يتضمن إجراءات إصلاحية جذرية، وأن يعمل على تخفيفها عن المستثمرين الذين يوجد ضمنهم الصالح والطالح، داعيا إلى عدم النظر بعين الريبة إلى الجميع لتبرير العراقيل الموضوعة أمام الاستثمار الذي يحتاج إلى مرافقة "من البداية إلى إنجاز المشروع"، مضيفا أن الجزائر بحاجة إلى مستثمرين أجانب لنقل التكنولوجيا التي أصبحت تفرض نفسها اقتصاديا، والحصول على رؤوس الأموال التي باتت اليوم متوفرة عكس السنوات الماضية. لكن ذلك حسب الخبير بلميهوب يتطلب مراجعة قانون الاستثمار الذي يعتبره استثنائيا ببلادنا، لأنه يتضمن 41 مادة من بينها 39 مادة تمت إحالة تطبيقها إلى نصوص تنظيمية، ما يعني أن القانون لا يمكن تطبيقه. وقال في هذا الصدد إن "القانون الجيد هو الذي يكتفي بذاته ويتضمن كل الإجراءات". من جانبه، ذهب السيد عقلي إلى أن القانون يجب أن يكون حاميا للمستثمر وليس "نصا يخيفه"، مطالبا بفتح نقاش حوله مع الجميع وعلى رأسهم المتعاملون الاقتصاديون المعنيون الأوائل به، مضيفا "لدينا اليوم حكومة جديدة نرحب بتصريحات مسؤوليها، ونقول إنه لا مجال للفشل اقتصاديا في الوقت الراهن لأن البلد لن يتحمل ذلك"، وأن الفرص موجودة بشهادة المستثمرين الأجانب الذين ينتظرون فتح الباب لاستغلالها. وفي هذا السياق، أكد نائب رئيس المنتدى أن المشكلة الأساسية للجزائر هي كثرة النصوص القانونية المتعلقة بالاستثمار، مشيرا إلى أنه بين 1988 و2016 تم وضع 13 إجراء متعلق بالاستثمارات، بمعدل إجراء أو قانون كل ثلاث سنوات ونصف، وهو أمر اعتبره غير عاد، ويدل على عدم الاستقرار التشريعي، مشددا على أن يكون كل إجراء أو قانون استثمار مرتبطا باستراتيجية ورؤية الحكومة الشاملة، "لكن ما حدث ببلادنا هو إصدار نصوص كثيرة بدون أي أساس استراتيجي، فلا توجد أهداف ولا أرقام محددة". وبخصوص القانون الأخير حول الاستثمار الصادر في 2016، ذكر المتحدث أن الكثير من المتعاملين الاقتصاديين رحبوا به عند صدوره، نظرا لما تضمنه من إيجابيات لاسيما التطبيق الآلي للمزايا ونظام التصريح. لكنه تأسف لكون هذه المبادئ لم ترسخ ميدانيا بسبب عدم إصدار القوانين التنظيمية، وقال إن ما نحتاجه اليوم هو "إطار قانوني مستقر وشفاف يضمن المساواة بين جميع المستثمرين ويحميهم كما يحمي الإدارة الاقتصادية المكلفة بتطبيق القوانين". واعتبر الخبير بلميهوب بدوره أن مراجعة القوانين لا يجب أن تتم بغرض المراجعة ودون تقييم للقوانين السابقة، موضحا أن "مشكلة الجزائر هو غياب التقييم وهو ما لا يدفعنا إلى التطور، بل إننا نغير القوانين من دون معرفة ما هو الجيد وما هو السيء فيها، بينما التقييم هو أساس كل سياسة اقتصادية". ولتدارك ذلك، طالب المتحدث بوضع دفتر شروط محدد وعقد مع المتعاملين، يتم تقييمه من طرف الدولة للنظر في مدى تجسيد الالتزامات مقابل المزايا التي يستفيد منها المتعامل، وإلزامه بدفع كل المستحقات في حال إخلاله ببنود العقد، مشددا على أن تعمل الدولة على "حماية المؤسسة الاقتصادية وليس المتعامل، الذي عليه أن يقدم حسابات للسلطات العمومية".