بعد عدة تجارب في السينما، حيث أخرج ثلاثة أفلام روائية طويلة، هي "أيام الرماد" (2013)، و«العشيق" (2017)، ثم "دم الذئاب" (2019)، يُعد مسلسل "عندما تجرحنا الأيام"، التجربة التلفزيونية الأولى للمخرج عمار سي فوضيل، والتي يدخل بها السباق الرمضاني لهذا العام، بخطوات متعثرة. تعثر المسلسل سببه الحوار الدرامي الذي كان هشا، ضعيفا إلى مستويات بعيدة، فغلبت الثرثرة والكلام الزائد والمكرر بدون معنى، على لغة الصورة، التي هي أساس أي عمل سمعي بصري رغم أنه علميا وحتى منطقيا، يكون الحوار داعما للصورة المحكية، وحتى تكون عملية البناء الدرامي متوازنة، لا ثقيلة تشوش انتباه المتفرج. من بداية الحلقة الأولى يتداعى هذا المسلسل إلى مشكل في الصميم، يتعلق بالحوار، نابع من استسهال المخرج هذا العنصر الهام في أي عمل تلفزيوني أو سينمائي، حيث رفع من لغة الحوار مقارنة بلغة الصورة، وهذا الأمر أيضا راجع لغياب مختصين في كتابة الحوار، وهي مهنة قائمة بذاتها، وجب الانتباه إليها. ويشوب المسلسل أيضا وهذا شأن يتعلق بالمخرج مشكلة التقطيع الفني والربط بين الأحداث، إذ أقحم العديد من المشاهد الفاصلة بين الأحداث، بتصوير المدينة من مختلف الجوانب، ووقع في اختلال نسج الأحداث بأخرى، بروابط تنتقص لقيمة فنية جميلة، وهذا لا يعني أن عمار سي فضيل لم يقدم صورا بديعة، على غرار المشهد الأول من الحلقة الأولى، إذ تنزل الكاميرا من عال حتى تصل إلى الشاطئ، حيث "خالد" و"ناصر" (عزيز بوكروني)، إلا أن هذا غير كاف لتقديم صور ذات جمالية. ويبدو أن تجارب عمار سي فضيل في السينما، لم تفده في هذا المنجز الدرامي، ذلك أن حتى تجاربه تلك لم تكن ناجحة على الأقل، حسب ما كتبته الصحافة أو قاله المختصون والمتابعون للشأن. كتبت سيناريو "عندما تجرحنا الأيام" حورية خدير. وتروي فيه قصة "خالد" (مصطفى لعريبي)، له ثلاث زوجات. تنقلب حياته لما يعثر على زوجته الثانية "جميلة" (شمس)، وابنته "وفاء" (أسماء محجان)، ويحاول استرجاعهما بعد أكثر من 20 سنة من الغياب، الذي لم يبرَّر إلى حد الحلقة العاشرة رغم أنهما فتحتا له الباب، وأعطياه فرصة ثانية للتدارك، على أساس المصلحة وتغيير حياتهما إلى الأفضل، ثم سرعان ما تتضح أن لهما كرامة، ثم تختفي، ثم تعود، وتبقى الحال على ذلك بدون معرفة سبب الغياب الطويل، فيبقى المتلقي في المبهم. واختير عنوان طويل للمسلسل، ولا تشد جملة "عندما تجرحنا الأيام" المتلقي، بل تتعبه، فأصل العناوين أن تكون مختصرة، وجذابة، ولافتة.
