وضع البيت الأبيض، أمس، حدا لعدة أسابيع من التكهنات بإعلانه عن جولة للرئيس، جو بايدن، إلى منطقة الشرق الأوسط تدوم أربعة أيام (من 13 الى 16 جويلية القادم) ستكون الأولى له منذ توليه رئاسة الولاياتالمتحدة، وسيزور خلالها إسرائيل والضفة الغربية والمملكة العربية السعودية. كونها أول رحلة يتوجه فيها رئيس أمريكي مباشرة من إسرائيل إلى دولة عربية وهي السعودية التي لا تعترف بالكيان العبري، فقد أجمع متتبعون على وصف الزيارة ب"التاريخية" بكل ما ستحمله من رسائل مشفرة وأخرى واضحة بخصوص عودة الولاياتالمتحدة للاهتمام بمنطقة أهملتها نسبيا لصالح ملفات أخرى بعد إعادة ترتيب أولوياتها الخارجية مع مجيئ الادارة الحالية. ومع التطوّرات الحاصلة خاصة تلك التي أفرزتها الحرب الروسية الأوكرانية من مواقف جعلت حتى حلفاء تقليديين لواشنطن في الشرق الاوسط يميلون ضمنيا للكفة الروسية، أعادت إدارة بايدن حساباتها بخصوص هذه المنطقة، ضمن مسعى لاسترجاع ثقة الحلفاء والشركاء بعد أن كانت قد حددت أولوياتها في مواجهة الصين وروسيا وطموحاتهما وتقدم الملفات الاقتصادية. كما أن الخلافات بين الرئيس الأمريكي وبعض الدول العربية خاصة دول الخليج إضافة إلى تركيا كان لها دور مهم في ابتعاد السياسة الأمريكية عن منطقة الشرق الأوسط. وحسب برنامج الزيارة، سيبدأ الرئيس بايدن جولته بلقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، حيث سيجدد له التزام الولاياتالمتحدة الدائم، إزاء حماية أمن إسرائيل. كما يتوقع أن يبحث دعم الولاياتالمتحدة للجيش الإسرائيلي وخاصة نظام القبة الحديدية للدفاع الجوي المضاد للصواريخ وسط توترات تصاعدت بفعل الإخفاق في تفعيل اتفاق القوى الكبرى مع طهران بشأن برنامجها النووي. وسيجتمع بايدن بنظيره الفلسطيني، محمود عباس، في لقاء من المحتمل أن يعقد ببيت لحم، حيث من المقرر أن يجدد أيضا التزام الولاياتالمتحدة الدائم بحل الدولتين "للفلسطينيين والإسرائيليين والعمل على إعادة العلاقات مع القيادة الفلسطينية التي كانت" شبه مقطوعة "في ظل الإدارة السابقة لدونالد ترامب. بعدها يشد الرحال الى السعودية، حيث من المقرر أن يشارك بايدن في قمة دول مجلس التعاون الخليجي التي تجمع قادة البحرين والكويت وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وسط توقعات بحضور القمة زعماء مصر والعراق والأردن. كما يتضمن برنامج الجولة عقد الرئيس الأمريكي لقمة افتراضية مع قادة آخرين من المجموعة المعروفة باسم "أو 2 أي 2" التي تضم إسرائيل والهند والإمارات العربية المتحدة بالإضافة إلى الولاياتالمتحدة والتي ستخصص "لمناقشة أزمة الأمن الغذائي وغيرها من مجالات التعاون بين المناطق التي تعتبر فيها الإمارات وإسرائيل مراكز ابتكار مهمة". وفقا للبيت الأبيض، سيكون "الأمن الطاقوي" موضوعا رئيسيا في زيارة الرئيس بايدن للأراضي السعودية، لكن مسؤولين أمريكيين أوضحوا بأن جولته بأكملها تشمل أهدافا دبلوماسية أوسع من منطلق أن إدارة بايدن تسعى لصياغة رؤية أمريكية للشرق الأوسط توازن بين المشاركة والانسحاب. وتشير التوقعات إلى أن الرئيس الأمريكي سيسعى لدفع السعوديين لزيادة إنتاجهم من النفط من أجل وقف تصاعد أسعار الوقود والتضخم في بلاده، حيث ستجرى انتخابات التجديد النصفي للكونغرس شهر نوفمبر القادم والتي تشكل خطر بالنسبة لحزبه الديمقراطي في حال ما عادت نتائجها لخصمه الجمهوري، ما سيشل أعمال إدارة بايدن فيما تبقى له من وقت حتى الانتخابات الرئاسية القادمة. ويرى متتبعون أنه مهما كانت نتيجة زيارته إلى الشرق الأوسط، فإن اجتماع بايدن مع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، سيمثل في حد ذاته تغييرا مثيرا للجدل في الدبلوماسية الأمريكية، وهو الذي سبق وأن وصف المملكة العربية خلال حملته الانتخابية بأنها دولة "منبوذة" بسبب قضية اغتيال الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، عام 2018 والذي كان لاجئا بالولاياتالمتحدة. يذكر أن مدير شبكة الشرق الأوسط للمعلومات السياسية، إريك ماندل، كان قد كتب مقالا نشره موقع "ذا هيل" الإلكتروني بعنوان "زيارة بايدن إلى إسرائيل والشرق الأوسط تنطوي على فرص ومخاطر"، استهله بالقول إن الرئيس الأمريكي جو بايدن "قد يسافر إلى إسرائيل بعد مشاورات في أوروبا.. وستخضع تعليقاته وأفعاله هناك للتدقيق من قبل جميع القوى الإقليمية".