أثار الفنان شيريف مامادو من أصول سينغالية إعجاب زوار المعرض الدولي، إثر عرضه للوحات فنية مشكَّلة من أجنحة الفراشات التي تنتشر بقوة في إفريقيا الوسطى. تَدرُّج في الألوان وبريق مميَّز كان ينبعث من جناح الفنان التشكيلي بفضل لوحاته التي تعكس الطبيعة الإفريقية على غرار الفيلة والنخيل، إلى جانب الحياة اليومية البسيطة لسكانها، التي استطاع من خلالها تجسيد المشقة التي يعيشها الأفارقة على الطريقة البدائية بألوان زاهية ومتناسقة، ترجمتها حوالي 50 لوحة فنية بمختلف الأحجام والأشكال، والتي كانت أسعارها رمزية لا تترجم قيمتها الحقيقية. لم يقتصر عمل الفنان التشكيلي مامادو على استعمال تقنية واحدة في الرسم؛ حيث استعمل أجنحة الفراشات كمادة أولية لتجسيد مناظر طبيعية خلابة، وكبديل عن الألوان الزيتية فبريق هذه الأجنحة الطبيعي. ويرى مامادو أن في هذه التقنية وسيلة لتكريم هذه الكائنات الرائعة، التي تعيش بضعة أسابيع فقط كحد أقصى؛ أي حوالي 45 يوما بالنسبة لبعض الأنواع، ومنها ما لا تزيد حياتها عن بضعة أيام، وقد تكون أقل من أسبوع واحد. وعن مصدر هذه الكائنات يحدّثنا الفنان بأن إفريقيا الجنوبية والوسطى تشتهر بوجود جداول تضم أكبر عدد من الفراشات في العالم، فيجمع مامادو الميتة منها على الطرقات وفي الحدائق على طريقته الخاصة، والتي لا تكون قد أُتلفت بعامل الزمن والتحلل، لإعادة إحيائها في لوحاته الفنية النابضة بجمال البرية الإفريقية. ويوضّح مامادو، 35 سنة، أن حبه للألوان والتميز جعله يسلك هذا الدرب الفني المميَّز للاسترزاق منه. ويقول في حديثه إلى ”المساء”: ”أعلم أن فكرة الرسم بأجنحة الفراشات يبدو بها شيء من القسوة، إلا أنني أحرص على استخدام الفراشات الميتة فقط، حيث أشعر أن هذه الفراشة عندما يدخل جناحها في صورة ما ستخلَّد ذكراها وستظل جميلة كما اعتاد الناس على رؤيتها”. وأشار إلى أن أفضل ألوان الطبيعة تظهر مجتمعة على أجنحة الفراشات، حيث تمتزج الألوان والأشكال بصورة فريدة؛ إذ يتجلى الإبداع الرباني في زخارفها وألوانها وبريقها التي تصنع منها في آخر المطاف تحفة فنية في حد ذاتها. ومزجُها في بعضها يعطي تناسقا وتناغما منقطع النظير. وقام الفنان بعمل 85 صورة من أجنحة الفراشات فقط. ويقدَّر عدد الأجنحة الموجودة بكل بورتري بالمئات، حيث يساعده عدد كبير من جامعي القمامة في توفير ما يحتاج إليه من الفراشات. ويؤكد محدثنا أن الأجنحة المتوفرة هي التي تحدد الرسم عكس الفنون الأخرى، فيكون اختيار الرسم أوّلا، ثم إيجاد الألوان التي تناسبه، لكن قلة المادة الأولية وعدم توفرها دائما حسبه تجعلان الرسومات تتحدد بما هو متوفر في ”علبة ذخيرة الأجنحة”، حيث يعمل على وضع كل لون في علبة خاصة، إلا أنه أكد أن هناك من يقوم بصيد هذه الفراشات عمدا لاستعمالها في لوحاته، وهذا، بالنسبة له، غير إنساني وعمل متوحش؛ فقتل كائنات حية جميلة منافٍ لحب الطبيعة والحفاظ عليها؛ لأنه قد يؤدي إلى زوال بعض الأصناف النادرة من هذه الفراشات.