شكلت الهوية الثقافية والانتماء لدى الشباب الجزائري، موضوع المداخلة التي اختار أن يشارك بها الأستاذ يوسف جغلولي في أشغال الملتقى العلمي الذي احتضنته جامعة الجزائر «2» ببوزريعة، وتطلع من ورائها إلى الدعوة إلى إنشاء نواد علمية يشرف عليها أكادميون، تلعب دورا مهما في حماية الهوية الثقافية وتوجيهها عن طريق إفهام الشباب ماهية العقد الاجتماعي. وحول فحوى الهوية الثقافية والانتماء لدى الشباب، تحدثت «المساء» إلى الأستاذ جغلولي في هذا اللقاء. بداية، لما ربطت بين الهوية الثقافية والانتماء لدى الشباب؟ في اعتقادي، المواطنة في أي مجتمع عقد اجتماعي، لأنه التزام ضمني يجعل الفرد يفهم كيف يحترم الأسرة التي يعيش فيها والمجتمع الذي ينتمي إليه، ويحدد له ماهية العيش في الجماعة، وبما أن الهوية الثقافية هي التي تخلق آليات التعاقد الاجتماعي لأنها تتكفل ببناء هذا العقد، فهي تتمثل في طريقة التربية وخلق الانتماء والولاء والاحترام، لذا أعتقد أنه يوجد ارتباط وثيق بين الهوية الثقافية ودرجة انتماء الشباب.
كيف هي درجة انتماء الشباب الجزائري إلى كل ما هو هوية ثقافية؟ لو نقارن المجتمع الجزائري بالمجتمع الياباني، نجد أن درجة الانتماء مختلفة جدا، فالفرد الياباني إن أضرب، مثلا، عن العمل يعبر عنه بزيادة الإنتاج، ويتجنب الكثير من السلوكات العدوانية، كتحطيم الممتلكات بالنظر إلى متانة العقد الاجتماعي الذي يربطه بوطنه، لكن بالرجوع إلى المجتمع الجزائري نجد أن الأفراد يعبرون عن غضبهم وانفعالهم ببعض السلوكات العدوانية التي تمس الممتلكات العامة، مما يعني أن درجة انتمائهم تكشف عن ضعف هويتهم الثقافية، مع الإشارة إلى أن الشباب الجزائري لديه درجة مواطنة عالية، ولعل خير دليل على ذلك ما نشاهده عقب مباريات كرة القدم من تغن بالأناشيد الوطنية وتقديس للألوان الوطنية، غير أنه للأسف الشديد، لا يحسن التعبير عن هويته وانتمائه باعتماده على سلوك عدواني، مما يعني أن الهوية الثقافية لا تزال بحاجة إلى التوجيه لتحقيق الأمن الاجتماعي.
إذن، الهوية الثقافية تكشف عن ماهية الأفراد؟ حقيقة، إن رغبنا في معرفة ماهية الفرد، ما علينا إلا اختبار هويته الثقافية التي تظهر في سلوكه اليومي بالجماعة وكلامه ولغته، لأن التعامل معه يكشف عن سلوكه من خلال سلطة المظهر وجماعة الرفاق وسلطة الدين. ومنه، فإن الهوية الثقافية اليوم هي التي تحدد طرق التعايش مع المجتمع.
في اعتقادك، هل أثرت تكنولوجيا الإعلام على الهوية الثقافية؟ تكنولوجيا الإعلام، مثل «الفايسبوك» و«التويتر»، ساهمت بشكل كبير في التأثير على الهوية الثقافية، إذ من خلال تبادل بعض الثقافات والسلوكات كونت لدينا أفرادا ينتمون إلى هويات افتراضية تعتبر غريبة عن المجتمع الجزائري، مما يعني وجود هويات لا تنتمي إلى المجتمع وعاجزة عن أن تكون جزءا منه لأنها افتراضية.
ما الذي تقترحه للحفاظ على الهوية الثقافية؟ أعتقد أن الحل في مواجهة تأثيرات العولمة على معالم الهوية الثقافية لا يتحقق إلا بإنشاء نواد علمية على مختلف مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي، يشرف عليها أساتذة وأكادميون، تمارس الدراسات الأنتروبولوجية حول الهوية، وأعتقد أن تفعيل هذه الفكرة من شأنه أن يحمي الهوية الثقافية الجزائرية وينمي درجة الوعي لدى الشباب بسبل ممارستها.
