ما الذي يجعل تلاميذ المدارس حين يرن جرس الخروج يتزاحمون كيوم الزحف نحو باب الخروج هربا من المدرسة؟ شاهدت هذه الظاهرة في مختلف مناطق الوطن ورغم عقود من الاصلاحات ما زال التلاميذ يفرون من المدارس حين يدق جرس الخروج كانهم يفرون من السجون، للأسف المدرسة لم تعد ذلك المحيط الذي يستقطب الطفل وتغير عالمه من خلال الدروس النموذجية والتجارب العلمية، ففي مدارسنا ما زال التلميذ يعامل تماما كالعصافير التي في القفص ولا يجد حريته ولا بيئة ملائمة ليفجر فيها مواهبه وطاقته لهذا لا يجد سوى الشارع الذي يفر من المدرسة اليه. احد الزملاء يحكي لي عن زيارة قادته الى امريكا تعرف من خلالها على عمدة احدى البلدات في ولاية أيوا ودعاه لجولة في سيارته شملت اهم المعالم في البلدة، يروي الزميل أن العمدة اوقف سيارته امام احدى المدارس وراح يشرح للصحفي تاريخ المدرسة لكن ما استرعى انتباه الزميل هو توافد التلاميذ على المدرسة والساعة كانت تشير الى الثامنة مساءً فسأل العمدة ان كان التلاميذ يدرسون في هذا الوقت فرد عليه ان دوام الدراسة ينتهي على الثالثة زوالا ولما لاحظ استغراب ضيفه نزل من السيارة وقاده الى داخل المدرسة فوجد عشرات التلاميذ يمارسون مختلف الرياضات ثم توجه به الى ورشة كبيرة فوجد تلاميذ يمارسون مهنة الطهي وآخرين نهممين في مهنة الخياطة، وهمس في اذن ضيفه الصحفي ان هذه المادة تسمى مادة الاقتصاد المنزلي وعليها اختبار وعلامة، والمدرسة مفتوحة على مدار الساعة للتلاميذ والاساتذة حتى بعد الدوام يلتقون ويناقشون الدروس او يمارسون مختلف الرياضات وبعض النشاطات الاخرى كالمطالعه او حتى لعب الورق والعاب الفيديو وكل هذا طبعا تحت اعين المسؤولين في المدرسة دون ان يُشعروا التلاميذ انهم تحت المراقبة، حين سمعت مثل هذه الحكاية فهمت لماذا يفر تلامذتنا المساكين من المدارس فرار المساجين