قصة بارون الاستيراد.. بطاطا الخنازير وسيارة «التوارڤ» التي أهديت لابن الوزير السعيد بركات حاول مطاردة النهار و«مرمدتها» في المحاكم طيلة 3 سنوات كاملة قبل أكثر من 11 سنة، وبالتحديد في نهاية شهر جانفي من سنة 2008، نشرت «النهار» التي كانت حينذاك جريدة فتية لا يتعدى عمرها بضعة أشهر، على صدر صفحتها الأولى وبالبنط العريض. عنوانا لمقال حول فضيحة فساد تورط فيها الوزير في ذلك الوقت، السعيد بركات، وبعض أفراد عائلته. في ذلك الوقت، كان الحديث عما يسمى بوزراء الرئيس ضربا من ضروب الانتحار أو الاصطدام بحائط إسمنتي. وتضمن المقال حقائق مدعمة بالأرقام وبالوثائق حول تورط نجل الوزير بركات الذي كان على رأس وزارة الفلاحة في قضية رشوة. من خلال تدخله لمنح أحد بارونات استيراد البطاطا قطعة أرض، وبطبيعة الحال فإن نجل الوزير بركات استفاد من مقابل مادي نظير تلك الخدمة. حيث تحصل على سيارة من آخر طراز في ذلك الوقت وهي مركبة «توارڤڨ». الفضيحة التي نشرتها «النهار»، والتي هزت السلطات العمومية قبل الرأي العام. تناولت من خلالها «النهار» كيف توسط ابن الوزير بركات لأحد بارونات البطاطا لتمكينه من الاستفادة من قطعة أرض، مقابل الحصول على سيارة رباغية الدفع من نوع «توارڤ». ووسط تلك الصفقة كانت الوسيلة التي تم بها تجسيد كل شيء هو نفوذ الوزير بركات بحكم منصبه على رأس قطاع استراتيجي هام. وبالاستناد إلى الوثائق التي كانت بحوزة «النهار»، حول فضيحة منح قطعة أرض بولاية الوادي لبارون استيراد البطاطا. فإنه وإلى جانب ابن الوزير الذي كان يشكل حلقة هامة في الفضيحة، فقد تورط بعض إطارات الدولة في القضية. حيث قام بعضهم بانتحال أسماء مسيري مؤسسات كبرى تنشط ضمن نفس القطاع قصد التلاعب بهذه الأراضي واحتكار السوق الوطنية لهذه المادة واسعة الاستهلاك. من خلال استيراد كميات كبيرة من البطاطا الفاسدة، مما أدى بمصالح رئاسة الجمهورية إلى المطالبة بفتح تحقيق بسبب الخسارة التي تكبدتها الخزينة العمومية . جراء استيراد كميات معتبرة منها تبين أنها موجهة أساسا للخنازير. وبعد ساعات معدودات من نشر الجريدة لتفاصيل تلك الفضيحة. تحرك المسؤول الأول عن القطاع آنذاك، ليس من أجل التحقيق في الفضيحة ولا من أجل محاسبة المتورطين فيها، بل من أجل مقاضاة «النهار». حيث قام بتحريك دعوى قضائية على مستوى محكمة بئر مراد رايس ضد الزميلة الصحافية حبيبة محمودي بصفتها كاتبة المقال وضد إدارة الجريدة، ممثلة في شخص الزميل، أنيس رحماني. ولأن الوزير كان ما يزال وزيرا، فقد دامت التحرشات والمضايقات باستخدام القضاء ثلاث سنوات كاملة قضاها الزملاء في «النهار» في رحلات ذهاب وإياب نحو المحاكم. لتنتهي المعاناة في آخر جلسة بتاريخ الخامس والعشرين من شهر مارس عام 2011، عندما راح ابنا الوزير بركات اللذان تأسسا طرفا في القضية. يطالبون «النهار» بمبالغ مالية كبيرة كتعويضات عن الضرر الذي لحق بشرف عائلتهم. واليوم، وبعد أكثر من 11 سنة، يجد الوزير الأسبق السعيد بركات نفسه أمام العدالة مجددا. لكن هذه المرة ليس كضيحة وإنما كمتهم في قضية فساد، في انتظار ما ستكشفه التحقيقات في القضايا المتابع فيها . من تفاصيل من شأنها أن تصدم الجزائريين، بسبب هول الأرقام والمبالغ المالية التي فقدتها الخزينة العمومية.