الصراخ هو الامتحان الأول للرباط الذي بين الطفل وأمه فإذا ترجمت صراخ طفلك وقمت بتلبية رغباته على الفور فإنك بذلك تعطينه الشعور بالاطمئنان والثقة وفي نفس الوقت عندما تنجحين في تهدئة طفلك الصغير المتضجر فإن هذا يعطيك قدراً من الثقة التي تحتاجين إليها كثيراً وبخاصة في الشهور الأولى المليئة بالقلق والتوجس. أوضحت الأبحاث أن معظم الأطفال في عمر أسبوعين يبكون حوالي ساعتين يومياً وفي عمر ستة أسابيع يزداد البكاء إلى ثلاث ساعات يومياً وعند عمر ستة أشهر يقل مرة أخرى إلى ساعة واحدة يومياً غير أن هذه مجرد متوسطات وقد يبكي بعض الأطفال أكثر من ذلك أو أقل وقد لا يعبر بكاؤهم بوضوح عن الألم أو الجوع أو الملل ومن ثم فإن الأمهات تستغرق وقتاً أطول حتى يدركن ما يضايق أطفالهن. أوضحت الدراسات أن جزءاً كبيراً من طبيعة المزاج يولد مع الشخص ولذلك فإن كثيراً من المواليد ذوي المزاج المتقلب يسفرون بعد ذلك عن أطفال أكثر تهيجاً ومن ناحية أخرى قد يكون المغص أحد المشاكل الفسيولوجية التي تؤدي إلى الصراخ عند كثير من الأطفال الذين يصبحون أهدأ بكثير بمجرد تخلصهم منه وسواء كان الطفل سريع الغضب أو مسترخي البال فإن طبيعة بكائه ستستقر على منوال ثابت خاص به عند بلوغه 6 أسابيع من عمره غير أنه إذا حدث تغير مفاجئ في طبيعة بكائه أو معدل تكراره فقد يشير هذا إلى وجود مشكلة ما وأنه لا بد من عرضه على الطبيب. هل تجيب الأم الطفل على الفور كلما بكى؟ يتفق معظم الخبراء في شؤون نضج الطفل على أن الطفل في السن الصغير جداً لا يمكن أن يفسده الدلال بل أنه كلما كانت الأم أسرع استجابة لبكاء طفلها وتوليه العناية والاهتمام في الأشهر الثلاثة الأولى كان الطفل أقل بكاء في نهاية السنة الأولى ولكن هذا لا يعني أن تسقطي كل ما في يدك بمجرد انبعاث أول صرخة من بكاء طفلك فليكن هدفك فضلاً عن أن تكون أماً مثالية أن تعطي طفلك شعوراً بالاطمئنان وأنك قريبة منه وتدركين ما يريد وذلك بأن تلبي احتياجه قبل أن يغمره البكاء. ولا مانع من أن تتركي طفلك إذا بكى ينتظر بعض الشيء إذا اضطررت لذلك طالما تأكدت أنه في مأمن. وليس هناك قاعدة تحدد بالضبط ما هي المدة التي يمكن أن تتركي طفلك يبكي خلالها فالأمهات يختلفن من حيث مدى تحملهن لسماع صراخ أطفالهن وبالطبع فإذا كان الطفل يصرخ من الألم فلا بد من إجابته على الفور أما الطفل الذي يصرخ لا لشيء إلا للتضجر والملل فمن الممكن تركه فترة أطول اعلمي أن الطفل أثناء بكائه قد يصبح أكثر تهيجاً إذا شعر بانزعاج أمه وقلقها وتوترها. فإذا شعرت أنك تريدين أن تصرخي من شدة الإجهاد أو الاكتئاب فينبغي حينئذ أن تعطي طفلك لشخص آخر أو تتركيه بعض الوقت طالما هو في مكان آمن ففي هذه اللحظة يكون الطفل في أشد الحاجة إلى أم أو أب أهدأ. كيف تفسرين صرخات طفلك المختلفة؟ يوضح الخبراء والمختصون كيف تستطيعين من خلال شدة صرخة طفلك ودرجة نغمتها والوقت الذي تستغرقه أن تحددي المشكلة التي يعانيها الطفل والتي قد تكون: - الألم: صرخة مفاجئة طويلة ذات درجة نغمة عالية تتلوها لحظات قصيرة من التوقف ثم صرخة وهكذا. وعادة ما تكون صرخة الألم هي أول الأنواع التي تستطيع الأم تمييزها. - الجوع: نواح يتزايد ببطء وهذا النوع تتعلمه الأم بسرعة مع الوقت. - الملل: أنين فاتر فيه غنة كأنه يخرج من الأنف ويضايق بعض الشيء وقد يعني هذا أيضاً أن الطفل يشعر بالتعب أو عدم الراحة. - التوتر: أنين متضجر يشبه أنين الملل فكما أن الشخص الكبير إذا كان في ضيق فإنه يحب أن ينفس عن نفسه فكذلك الطفل الصغير الذي يشعر أن التضجر يعطيه شعوراً أكبر بالراحة. - المغص: أشد الصرخات التي لا تطاق وتبدأ فجأة وتستمر دون توقف لوقت طويل وقد يقبض الطفل خلالها على يديه بشدة أو يشد رجليه وقد يحمر وجهه وهناك نوع معين من المغص يصيب حوالي 20 بالمائة من الأطفال حديثي الولادة حيث يبدأ معهم في وقت مبكر ربما قبل أن يكملوا أسبوعين من عمرهم ويستمر لمدة ثلاثة أشهر.