ظلمنا اللغة العربية و ظلمنا المشاهد الذي يحبها أرجع الممثل المسرحي و التلفزيوني محمد فضيل حمزة في حوار خص به النصر، سبب نجاح دوره المهم في السلسلة الرمضانية «عنتر ولد شداد»، لكونه احترف فن المسرح لمدة 30 سنة، داعيا إلى الاعتماد على فناني الخشبة المتمكنين في الأعمال التلفزيونية، لخلق الاحتكاك مع الجيل الصاعد ، و تكوين مجموعة من الفنانين المتكاملين ، حسبه، مؤكدا بأن نجاح أي عمل لا يتوقف على مشاركة فنان مشهور فيه، و إنما لجهود المحيطين به ككل. حاورته / أسماء بوقرن . النصر: أنت معروف كفنان مسرحي محترف توّجت بعديد الألقاب منها أحسن أداء رجالي في مهرجان المسرح المحترف، غير أنك لم تبرز بأدوار تلفزيونية رئيسية إلى غاية هذا الموسم بأدائك دور مهم في سلسلة «عنتر وليد شداد»، ما هو السبب في رأيك؟ محمد فضيل حمزة: هذا نصيب، الحمد لله أنا موجود و حاضر بأعمالي الفنية لكن الكثيرين يتجاهلونني ، و دور سيد القوم أو « الوزير» الذي أسند إلي في سلسلة «عنتر وليد شداد» مهم جدا ، و قبلت به لأن المنتج و المخرج يؤمنان بموهبتي و قدراتي و وضعا ثقتهما الكاملة في شخصي، الحمد لله كنت عند حسن ظنهما و حسن ظن الجمهور. الاعتماد على فناني الخشبة في التلفزيون يخلق صلة مع الجيل الصاعد . شاركت بدور رئيسي و معقد في سلسلة «عنتر وليد شداد»، حيث تقمصت ثلاث شخصيات مختلفة، ألم تخف من الفشل، خاصة و أنه أول دور تليفزيوني مهم في مسارك؟ في سلسلة «عنتر وليد شداد» أديت دورا يتضمن ثلاث شخصيات، حيث أديت في بداية الحلقات دور فريد، صاحب محل بيع المواد الغذائية ، و كذا دور الشخص العنيف المتجبر، و في نفس الوقت تقمصت شخصية الأب الذي يخاف من ابنته بدرجة كبيرة، فحالتي النفسية تتغير من مشهد لآخر، و من حلقة لأخرى، و هذا الدور لا يستطيع أن يؤديه فنان عادي، و تمكنت بفضله إثبات، بأن الفنان المسرحي المتمكن، يستطيع الوقوف أمام الكاميرا و تحقيق النجاح. . هل هذا يعني أن سبب تغييبك عن التلفزيون رغم احترافيتك في المسرح، هو التشكيك في قدراتك أمام الكاميرا؟ الفكرة السائدة حول بعض ممثلي الخشبة خاطئة، فمفادها أن ليس كل فنان مسرحي ناجح ينجح بالضرورة في التلفزيون، و بعض المخرجين كانوا يقولون لي أنت ممثل مسرحي فقط، غير أن ذلك غير صحيح ، فالمخرج السوري هيثم الزرزوري الذي عملت معه في مسلسل «شجرة الصبار» ، أكد لي بأنني قادر على المشاركة في الأعمال التلفزيونية ، خاصة الدرامية، و الثقة الذي غرسها في نفسي، جعلتني أنجح في أدوار تلفزيونية، رغم صغرها. أؤكد هنا بأن الفنان المسرحي و حتى و إن كان لا يزال في بداية مساره التلفزيوني، فهو يسهل مهمة المخرج بنسبة 60 بالمئة، لأن رجل المسرح يقرأ النص جيدا و يدرس ما بين السطور، كما يهيئ نفسه بنفسه لتقمص الشخصية، دون تلقي شروحات، و المخرج يمده بالجو العام و طبيعة ردة الفعل فقط، عكس الفنان العادي الذي تكون المهمة صعبة بالنسبة إليه في البداية، حيث يتلقى شروحات مفصلة عن الدور. . الجمهور كان ينتظر أن تمتعه أكثر بشخصيتك الكوميدية، و علق على حلقات السلسلة بالقول «كنا ننتظر أن تضحكنا أكثر».. إضحاك الجمهور لا يكون بالكلام فحسب، فإيماءات الوجه و الحركات الجسدية، و ردة الفعل لها دور أساسي في الكوميديا، و قد تقمصت في دور «سيد القوم» ، ثلاث شخصيات متناقضة ، كما كان مطلوب مني، و من شروط احترافية الممثل أن يحترم المخرج ، و لا يضيف شيئا من عنده للدور. شهرتي على الركح سبقت التلفزيون . عمر مسيرتك الفنية بلغ 30 سنة، هل ترى بأن الشهرة التي حققتها جاءت متأخرة؟ الشهرة لا ترتبط بالعمر، فأنا كنت موجودا و حققت شهرة في مجال المسرح على المستوى الوطني، و عملت مع أغلب المسارح الوطنية بأدوار مهمة، كمسرح قسنطينة و عنابة و قالمة و بجاية و غيرها، فقد شاركت في أكثر من 16 عرضا مسرحيا محترفا، جلها حصدت تتويجات ، كما نلت من خلالها أربعة ألقاب كأحسن أداء رجالي، أحدها في المهرجان الوطني للمسرح المحترف بوهران، و توج عرض «الطبيب» الذي أديت فيه الدور الأساسي بأحسن عرض في المسرح الفكاهي، كما نلت عن هذا العرض جائزة أحسن أداء رجالي، و رشحت للفوز بعديد الألقاب، و شاركت بعروضي في مهرجانات دولية، أحدها في مصر في سنوات التسعينات، فمروري في المسرح كان إيجابيا. . بعد أن تابعت سلسلة «عنتر ولد شداد»في التليفزيون، هل أنت راض عن أدائك فيها؟ الفنان لا يكتفي بما يقدم، فهو دائما يطمح لتقديم الأفضل، و بعد مشاهدتي لحلقات السلسلة، قلت لنفسي بأنه كان علي تقديم أكثر من ذلك، لكنني عموما راض عن هذا العمل، و قد حقق نسبة مشاهدة عالية، كما لمسنا تفاعلا كبيرا للجمهور، الذي أعجب بالفكرة، و فريق العمل كله راض لحد بعيد عن السلسلة. . وجهت لسلسلة « عنتر ولد شداد» جملة من الانتقادات بخصوص تشويه اللغة العربية، هل هذا يدل على غياب مدقق لغوي في العمل؟ «عنتر ولد شداد « كأي عمل فني، يتضمن إيجابيات و سلبيات، غير أنه حقق نجاحا، و بخصوص المدقق اللغوي لم يكن يوجد في العمل، لكن هناك فنانين أكفاء تكفلوا بهذا الجانب، و هم متمكنين جيدا من اللغة العربية ، غير أن غيابهم عند تصوير بعض المشاهد، تسبب في وقوع بعض الهفوات، في حين هناك بعض الأخطاء ارتكبت عمدا عند استعمالنا للغة العنترية، لكن عموما اللغة العربية لغة حساسة، ففي بعض الأحيان يخطئ المرء دون أن يشعر بذلك حتى و إن كان يجيدها، فإشكال العربية موجود على مستوى الوطن عربي ، و اعترف بأننا مقصرون في حقها، و كل فنان مطالب بإتقانها و الاجتهاد في دراستها، فقد ظلمنا اللغة العربية و ظلمنا المشاهد الذي يحب اللغة العربية . رجل المسرح يسهل عمل المخرج التلفزيوني بنسبة 60 بالمئة . السلسلة وقعت في فخ التشابه مع أكثر من ثلاث سلسلات تناولت موضوع السفر عبر الزمن، و قيل بأنها نسخة عن سلسلة مصرية تغيب عنها الحبكة الفنية، هل أثر هذا على العمل؟ فكرة عنتر ولد شداد موجودة، لكن تجسيدها من ناحية المضمون شيء آخر، و لم يؤثر ذلك على العمل و الدليل موجود في نسبة المشاهدة و التعاليق المرفقة لكل فيديوهات الحلقات، فعنصر التشويق كان حاضرا في مختلف الحلقات، و الدليل أن الجمهور احتج على قصر المدة الزمنية للسلسلة ، و طالب بتمديد في عمرها الزمني، لكن التزامنا بالبرمجة حال دون الاستجابة لطلبه. . بالرغم من الانتقادات الموجهة للعمل، إلا أنه حقق نسبة مشاهدة عالية، هل هذا راجع لمشاركة الفنان الكوميدي المعروف مروان قروابي ؟ نجاح أي عمل يعود لتوافق الفريق و للاختيار الناجح الممثلين، كما حدث في سلسلة «عنتر وليد شداد» ، حيث وفق المخرج في اختيار الشخصيات المناسبة في الكاستينغ، و هذا بإشادة الأسرة الفنية، فهناك مزيج من الممثلين المسرحيين و التلفزيونيين ، فكل عنصر في العمل قدم إضافة ايجابية له، و كذا ضيوف الشرف، فالقائم بالدور الأساسي هو من يقود العمل من بدايته لنهايته، و لا يمكنه أن يؤدي دوره على أكمل وجه، دون الممثلين المحيطين به. . ما رأيك في الانتاجات التلفزيونية لهذا الموسم، هل ترى بأن الكم الهائل منها ساعد في بروز مواهب شابة أم زاد من تفشي الرداءة ؟ كثرة الإنتاجات التلفزيونية يساعد على اكتشاف ممثلين أكفاء، كما يخلق منافسة شريفة، لكن الكم وحده لا يكفي، كما أن إحضار من هب و دب ليصبح نجما في ظرف قصير لا يجوز مهنيا، و ما علينا فعله هو الرجوع لرجال و نساء المسرح المتمكنين ، و دمج العناصر الشابة معهم، ليحدث نوع من الاحتكاك ، الذي يعتبر تكوينا بالنسبة إليهم، ففي فترة التصوير يمكن أن يكتسب معارف قيمة التي تساعده في صقل موهبته و تحقيق النجاح ، و هكذا نخلق باقة من الفنانين المتكاملين . النجومية لا تُصنع بمن هب ودب . أين تجد نفسك في المسرح أو التلفزيون ؟ المسرح له جو و إحساس خاص، و أجد نفسي فيه لأنني أتقاسم حرارة العمل مع الجمهور الذي يتفاعل معي ، و التلفزيون أيضا له ميزته الخاصة. . ماذا عن جديدك الفني؟ حاليا أنا بصدد الشروع مع جمعية البليري التي أنتمي إليها، بالتحضير لعرض مسرحي بعنوان «المنظفون» ، و نحاول أن ننهيه في فترة الصيف، لأتفرغ مع بداية الموسم الاجتماعي، تحسبا لعروض تلفزيونية جديدة، و ما أود أن أختم كلامي به هو توجيه شكر خاص للمنتج أحمد رياض الذي عرض علي دور «سيد القوم» المهم في السلسلة ، و كذا للمخرج نسيم بومعيزة الذي وضع ثقته في شخصي و اقتنع بما قدمته، و كذا للممثلين الذين عملت معهم.