إن أي عرض مسرحي جديد تنتجه المؤسسة ،المقصود به الكيفية الجمالية والفنية والتعليمية التي قد يحتاجها الجمهور ،ومن هنا تم وضع استراتيجيات صلبة قصد تطبيق ما خطط وبرمج له سالفا، لكن الوقائع والأحداث تثبت أن الفشل في الاستقطاب أصبح سمة مسرحية فريدة عن باقي الفنون. فالمتتبع للمشهد أو بالأحرى الفاعل المسرحي يدرك جيدا أن تقديم عرض أمام قاعة ممتلئة بالجمهور أصبح حلم، إلا في بعض المناسبات القليلة ،كالمهرجانات التي لو ننزع مجموع المشاركين وقيام بعض المسرحيين بجلب مشجعيهم ليقولوا له . . برافو... برافو...برافو...للتأثير على لجان التحكيم وملء عدسة كاميرا قناة " سميرة " أو " بنة تيفي" .لوجدنا القاعة خالية من عروشها... !! فالتفكير في استراتيجية يتردد بها الجمهور على العرض المسرحي غالبا ما يكون مدروسا في البلدان المتقدمة،من جعل التردد سلوك اجتماعي نابعا من حاجة الجمهور للحدث المسرحي الذي يختلف مع الأشكال الفنية الأخرى. وغالبية من يتردد على العرض المسرحي لا يهمه معرفة بعض المصطلحات ك.. unité du temps . unité de lieu ou l'unité ، d'action ، لأنه ليس مجبر على ذلك ،فحضوره نابع من البحث عن المتعة والفرجة والضحك داخل الفضاء الجماعي وهو المسرح، فالجزائر شاسعة بمساحاتها وهذا ما عزز التنوع البيئي الذي صنع ثقافات وأشكالا تعبيرية متعددة لم تدرس بعد. فالجمهور يبحث عن ما يمكن أن يلبي له رغباته ويصنع فيه الحيوية والتجديد ، تساعده على هزم روتين الحياة اليومية ،ولعل الانتاجات المسرحية الأخيرة لتلك المؤسسات من خلال عروضها التي قدمت في آخر مهرجان وطني للمسرح المحترف، واعتماد نصف المؤسسات على نوع واحد للمسرح ، وهو العبث الذي نقل سواد الواقع على الخشبة ،والسؤال هنا ،هل كان مفروض على الفنان أن ينقل هذا السواد إلى الخشبة وهي المتنفس الوحيد للجمهور للتخلص من سواد الوضع. هل نحن ملزمون بنقل الجمهور إلى الفرجة والمتعة والجمالية التي من الممكن أن تساهم في بعث أمل فيه،؟ أم أنه محتوم علينا مسايرة ذلك الواقع السوداوي وممارسة التطهير المعاكس كما يقول أرسطو؟..فالاختلاف والتنوع هو من يعزز قدرات الاختيار ،وليس الاختصاص في فرض شكل معين على جمهور منطقة معينة ؟.