هناك تفاعل وتنظيم وتعاون بين الناشطين الذين يرصدون الحدث ويرسلوا الصور والفيديوهات على شبكة الانترنيت والذين بدورهم ينشرونها على مواقع التواصل الاجتماعي ، فقد لعبت مواقع التواصل دوراً هاماً و صارت الملاذ الآمن لكثير من الناشطين و المتتبعين ، كما لم يعد حشد النّاس من أجل الخروج إلى الشارع و التظاهر سلميا من أجل اسماع صوتهم يتم بالطرق التقليدية فقد تمكّن الفيسبوكيون في ظرف قياسي من توصيل رسائلهم إلى العالم و لذلك تكون وسائل العالم الافتراضي تجاوزت بكثير وسائل الاعلام في العالم الواقعي ، و الشيء يقال ذاته عن تويتر و اليوتوب . وفي ظل تزايد الاهتمام بالعالم الأزرق والإقبال الكبير للشباب على استخدام مزايا الشبكة الزرقاء كان التأثير قائما حول مدى مساهمة الشبكة العنكبوتية في تشكيل وعي سياسي باعتباره مؤشر قوي على تطوّر المجتمعات والنظم السياسية ، كما يساهم في تنبيه الأفراد إلى حقوقهم وواجباتهم ، و أكثر من ذلك صار هذا العالم الافتراضي مزعزعا لأمن الدول واستقرارها على النحو الذي تريده الأنظمة ، بعدما صار الوسيلة الاعلامية الأولى من أجل ضرب المواعيد و الالتفاف حول مطالب محسومة و شحن الهمة لدى النّاس من أجل الخروج إلى الشارع و التعبير عن مواقفهم من الأنظمة و الاصلاحات و المطالبة بالحقوق و لم تستثن موجة القطار الافتراضي السريع الشباب الجزائري الذي يتحلّق حول الحواسيب بالملايين انتظارا للإشارة الخضراء إعلانا بالنزول . و قد مكّنت مواقع التواصل من إنشاء المدونات إلكترونية ، وإجراء المحادثات وإرسال الرسائل ، كما أتاحت مشاركة الصور ومقاطع الفيديو وتيسر نشر ملفات ، والكتابة حول موضوعات محددة من الممكن أن تدخل ضمن دائرة اهتمام مشتركين آخرين ، وتمكنهم من التعليق على تلك المواضيع وإبداء آرائهم فيها كما يحدث في هذا الحراك ، الذي أبان الداعون إليه على مستوى رفيع من المعرفة بكل أشكالها ، من ( بي أش دي ) إلى تكنولوجية ثلاثية الأبعاد التي روّج من خلالها للمسيرات السلمية من أجل اكتساح المساحات . و نظرا إلى أنّ الشباب تراودهم أحلام وتطلعات وآمال جديدة وكبيرة حول مستقبلهم ومستقبل بلدهم فقد ألانوا بشكل لافت هذه المواقع من أجل جعلها وسيلة لإسماع صوتهم و تأكيد حسن نواياهم في تغيير سلس ، تلك التطلعات خلقت لديهم مزيدا من الشغف والتعطش لمعرفة المزيد. و ما أصبح يعرف لدى العامّة بالإعلام الاجتماعي صار قوة ضغط عالمية، لا تستثني أحدا بل و مصدر قلق لكثير من الحكومات، بعد أن تسبب في انتشار الخوف وسط دول كثيرة. ففي بداية الأمر استخدمت شبكات التواصل الاجتماعي للدردشة والثرثرة ولتفريغ الشحن العاطفية التي قد تتحكم فيها أفكار دينية أو عرقية أو جنسية أو ذات صلة بالهويّة ، ولكن يبدو أن موجة من النضج سرت في شرايين تلك الشبكات حيث أصبح الشباب يتبادلون وجهات النظر السياسية و الإيديولوجية أيضا و بالتالي تكوّن نوع من الوعي ( الذي قد يكون سلبيا أو إيجابيا ) منها ، واستقر الأمر مؤخراً على أن أصبحت تلك المواقع الاجتماعية لكثير من الشباب كفضاء حر مخصص لتبادل آرائهم من أجل المطالبة بتحسين الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية . و من باب الموضوعية أيضا لابد من الإشارة إلى سلبيات الشبكة التي عادة ما تغرّر بعديد المتتبعين و الجاثمين قبالة حواسيبهم عندما يتمّ تسويق الصور و الفيديوهات المفبركة و التي يتقن أصحابها ما يعرف ب « الفتوشوب « و هو برنامج رسوم لإنشاء وتعديل الصور النقطية أنتجته شركة أدوبي و يعتبر أشهر البرامج لتحرير الرسومات وتعديل التصوير الرقمي ، الذي يلين أيّ صورة بالشكل الذي يرغبه صاحبه ، كما أنّ كثيرا من الجهات تسوّق المعلومة الخاطئة في زمن صار الكل صحفيين و مصدرا للخبر و هو ما ينبغي معه توخي الحيطة و معرفة من يكلّم من وراء الشبكة . ف ش