لكي يتوقف رنين الهاتف ليلا ، يملي و يأمر و يزجر ، يرغب بالترقيات و المسؤوليات و يرهب من الابعاد و التحويلات ، لا بد من بناء جدار قانوني عازل غير قابل للخرق و لا الهدم و لا التسلل بين وزارة العدل كأحد لبنات السلطة التنفيذية و المحاكم كرمز للسلطة القضائية ، و بدون فصل تام خال من أي صلاحيات متشابكة ما بين السلطتين سيبقى الهاتف يرن . حتى لا يتلقى القاضي مكالمة ليلية تملي عليه الحكم قبل المداولة لا بد من إعادة النظر في قيمة و مكانة القاضي في المجتمع هل هو مجرد موظف عادي يتلقى راتبا عند نهاية كل شهر ، هل القضاء مهنة للاسترزاق و فقط للهروب من شبح البطالة و التسكع في الطرقات ، لا بد من تفعيل أهدافه السامية و إيصال رسائله النبيلة باستعمال كافة الوسائل الإعلامية و الوسائط الاجتماعية و لا بد من أن تفتح أبواب المحاكم على الجمهور ليطلعوا على التفاصيل و الجزئيات في دولة الشفافية و الاتصال المباشر خاصة في القضايا ذات البعد الوطني و التي تهم الرأي العام . حتى لا نوقظ القاضي في ساعة متأخرة من طرف جهة معلومة لا بد من إعادة النظر في الشروط المعتمدة للجلوس على كرسي المحكمة ، فالكميات الهائلة من المعلومات القانونية المخزنة في الذاكرة و المجترة عبر الفم لوحدها لا تكفي ، و النقاط العالية في الكشوف السنوية أيام التحصيل في كليات الحقوق وحدها لا تجدي ، بل لا بد بالإضافة إلى الاختبارات العلمية من امتحانات نفسية و أخلاقية يخضع لها المرشح ، هل هو قوي أم ضعيف الشخصية ، يمكنه تحدي التهديدات و المضايقات أم من نوع " احني رأسك للعاصفة " ، هل وازعه الديني و تحصينه التربوي يمنعه من تلقي الرشاوى أم من صنف الآكلين من كل الصحون .