لا شكّ أن عهد الريع البترولي قد ولّى فمهما زدنا اتكالا عليه هو مجرد ثروة آيلة للنضوب و مستقبلنا في الثروات المتجددة ،و اقتصادنا الأخضر لا يجب أن يبتعد عن الزراعة التي قلنا عنها قبل عشرات السنين أنها مستقبلنا الاقتصادي و مصدر أمننا الغذائي .أفكار حفظناها عن ظهر قلب و أدركنا منافعها لكننا لم نستوعب من الدرس شيء و الدليل أن القطاع الفلاحي ببلدنا الذي يزخر بأكبر السهول مساحة لا يزال آخر ما نفكر فيه و لا نجتهد لحل مشاكله و توفير الإمكانيات الكافية للعاملين به ،و حتى هم فرّوا من الحقول و هجروا المزارع بحثا عن مناصب في الإدارة و السياسة و الأعمال، بيد أن الفلاحة هي رأس المال و الأرباح. حاولنا من حين لآخر إقحام بعض التجارب لتشجيع الشباب على الاستثمار في الأرض فأنشأنا مزارع نموذجية بشراكة أجنبية أو من غيرها، و قدمنا كل التسهيلات لتوسيع المساحات المسقية و استصلاح الأراضي ..و و.. لكنها تبقى مجرد تجارب، ما فشل منها أكثر مما وصل إلى الهدف فالمشاكل التي يطرحها الفلاحون أكبر من برامج المواسم و الحملات تحتاج إلى تخطيط و تنسيق بين المصالح و إرادة فعلية من الفلاح أولا لتغيير وضعه و تحسين ظروفه و اعتماد الوسائل الحديثة التي يتخوف من تكاليفها ،ثم إرادة الإدارة لمدّ الدعم الحقيقي لهذا القطاع و إشراك الجامعة في تكوين يد عاملة متخصصة قادرة على إنشاء مؤسسات مصغّرة منتجة للقيمة المضافة و ليس لليد العاملة العاجزة.