إن توفير الأمن يعتبر من الخدمات المهمة التي يجب أن توفرها الدولة للمواطن و في هذا السياق تبذل السلطات العمومية جهودا كبيرة في هذا الاتجاه من أجل تحقيق أوسع تغطية أمنية لكل المناطق والأحياء في المدن لكن لا يزال هناك نقص يسجل في النقاط السوداء و مناطق الأحياء الفوضوية و حتى بعض التجمعات السكنية الجديدة التي تفتقر إلى مراكز أمن و مما لا شك فيه أن الجهود المبذولة من قبل الدولة كبيرة ولا يستهان بها، لكن التوسع العمراني الذي تشهده مدننا و انتشار الأحياء الفوضوية والعشوائية السريع هنا وهناك يسبب نقصا متزايدا في الهياكل الأمنية و بناء على ذلك فإن الجانب الأمني يظل مرتبطا ارتباطا وثيقا بمشاكل وأزمات أخرى و على رأسها السكن حيث أن الكثير من مدننا عامرة بمناطق غير آمنة يسود فيها العنف و تستفحل فيها الجريمة بكل أنواعها و درجات خطورتها بل تبلغ فيها أحداث العنف والجرائم ذروتها ليلا ونهارا على مرأى و مسمع من الجميع و ما تصدره الصحف من أخبار عن عصابات الأحياء و الاعتداءات اليومية على المواطنين بالأسلحة البيضاء و الجرائم الفظيعة المرتكبة تحت تأثير تناول المخدرات والأقراص المهلوسة و الخمور و غيرها من السلوكات غير السوية إلا دليل على النتائج الوخيمة لغياب الأمن و هو ما يؤكد على ضرورة دعم الدولة بكل ما أوتيت من قوة لهذا الخدمة التي تقع مسئولية توفيرها على كاهل السلطات العمومية أولا ثم المواطن في المقام الثاني و ذلك من خلال تأمين دوريات للمراقبة والسهر على أمن المواطنين و ردع المجرمين وقمع الجريمة ووأدها في مهدها ،والحيلولة دون انتشارها الواسع بكل أشكالها من سرقة وسطو على الممتلكات واختطاف وجرائم قتل و غيرها من الآفات . وإذا كان المواطن يطالب بشروط حياة كريمة و خدمات تحفظ كرامته ،فإن الأمن يعد من أهم تلك المطالب حيث أنه لا يعقل أن تستقر حياته وتكون طبيعية في ظل الخوف على حياته وأطفاله وأملاكه و من هذا المنطلق وجب التفكير في إستراتيجية فعّالة تؤسس لحياة آمنة وترسي قواعد حياة هادئة مطمئنة بعيدة كل البعد عن مخاطر الاعتداءات التي تودي بحياة الناس على يد أفراد من المجتمع هم مصدر خطر على حياة الناس قد سلكوا طريق الجريمة لأسباب اجتماعية واقتصادية متعددة إذ كان بالإمكان تجنيبهم ذلك المصير المظلم في حال تم التكفل بهم و عدم إقصائهم وإبقائهم على الهامش ،فانتشار الجريمة مرده ظواهر اجتماعية، وتراكم معاناة فئات ،و ترسبات لفوارق اجتماعية بين فئات المجتمع الواحد سرعان ما تحولت إلى هوة واسعة و عميقة قسمت ذلك المجتمع إلى طبقة الأثرياء من جهة و الفقراء، والمحرومين المعدمين من جهة ثانية و تداخلت ظروف و أحداث و تفاعلت لتصنع واقعا يوميا مرا هو بيئة خصبة لتفشي الجريمة و غياب الأمن و لهذا فإن معالجة مشكل غياب الأمن والقضاء على ظاهرة تعرض المواطنين للاعتداءات المختلفة والقتل في وضح النهار هو حلقة من عملية إعادة تقويم لجوانب حياة الناس بمعالجة أسباب غياب الأمن والقضاء عليها و التقليل من الفوارق الاجتماعية وتأمين شروط الحياة الكريمة والنظيفة لشريحة من المواطنين تعاني الحرمان والفقر في مناطق ظل و أحياء نسميها فوضوية لا تتوفر على أبسط خدمات الحياة الضرورية للبشر .