يبدو أن البرامج الفكاهية الجزائرية لم تستطع بعد أن تتخلص من عباءة الرداءة التي ترتديها كل موسم رمضاني، كما أنها لا تزال بعيدة كل البعد عن ذوق المتلقي الذي كلّ وملّ من انتظار الجودة والنوعية ، كيف لا ؟ وهو في كل مرة يشاهد برامج فارغة من أي محتوى وتفتقد للإبداع شكلا ومضمونا ، ..برامج لا علاقة لها بالكوميديا التي من المفروض أن ترفه عنه وتجعله يستمتع بوقته ، وكأن مُقدمي ومنتجي هذه الحصص يتعمدون عدم احترام عقل الجمهور ولا يردّون بتاتا على نداءاته المتواصلة وآماله في مشاهدة فقرات فكاهية تخرجه من قوقعة الروتين التي يتخبط فيها والضغط الذي يعيشه يوميا بسبب جائحة كورونا . ورغم أن النقاد اجتهدوا أكثر من مرة لإبراز أسباب ضعف البرامج الكوميدية ومدى افتقادها للمواد الفنية الناجعة، إلا أن المنتجين والمخرجين لا يبذلون جهودا كبيرة لتقديم الأحسن والاهتمام أكثر بجودة العمل، بل يركزون أكثر على إحداث «البوز» و تحقيق أكبر نسبة مشاهدة على مواقع التواصل الاجتماعي، هذه الأخيرة التي أصبحت معيارا تصنف من خلاله الأعمال الفنية المختلفة لدى بعض الشرائح ، والأسوأ من ذلك أن بعض المنتجين باتوا يعتمدون على أسماء لا علاقة لها بالتمثيل ولا بالاحترافية، وهي في الأغلب شخصيات مؤثرة في الفايس بوك والأنستغرام أو شخصيات مختصة في المجال الغنائي، وهو ما يُعاب أيضا على بعض القنوات التي تروج لمثل هذه الأعمال، دون أن تأخذ بعين الاعتبار ثقافة المواطن الجزائري الذي لم يعد يفرق بين الصالح والطالح.. لكن في نفس الوقت ، لا ننكر أن هناك بعض الأعمال الفكاهية التي ربما حفظت ماء وجه الكوميديا لهذا الموسم، ونحن هنا لا نجزم على احترافيتها ونجاحها بشكل كبير، لكن على الأقل يجد فيها المشاهد الجزائري متنفسا له بعد الإفطار مثل سلسلة « وين رانا رايحين» التي تعرض يوميا على قناة الباهية تيفي، وهي من بطولة نجمي ثلاثي بلا حدود حزيم ومصطفى، و أيضا الفنانة بختة وعبد القادر عداد والممثلة مليكة يوسف ، إضافة إلى سلسلة « مسعود ومسعودة 3 « للمخرج نسيم هدي ، والتي صنفها الجمهور على أنها من أبرز الفقرات الفكاهية في شهر رمضان، بفضل الآداء المتميز لكوكبة من نجوم الكوميديا على غرار هواري ملوك، كريمة بن زيان والفنان حميد لحلو وغيرهم ، دون أن ننسى سلسلة « طيموشة « للمخرج يحيى مزاحم ، وبطولة كل من الفنانة مينة لشطر، خالد بن عيسى، عايدة عبابسة، نوميديا لزول، ليليا بويحياوي وغيرهم..ومن جهته ظهر الفنان عبد القادر جريو في عمل فكاهي جديد بعنوان «في التسعين» رفقة نخبة من الممثلين أمثال مصطفى لعريبي ومحمد خساني، والفنانة فضيلة حشماوي وحميد بلا حدود، حيث رحل بالمشاهد إلى سنوات التسعينيات من خلال ديكور وملابس تعكس ملامح تلك الفترة.. وربما هذه بعض النماذج التي خرجت نوعا ما عن سرب الرداءة لكنها لن تغطي أبدا ما يعيشه مشهدنا الإبداعي من رداءة بسبب فوضى الإنتاج وسوء اختيار النصوص الذي أثر بشكل كبير على واقع برامجنا ، خاصة في رمضان باعتباره الموسم الوحيد الذي ينتظره المواطن بفارغ الصبر حتى يشاهد محطاته التلفزيونية رفقة عائلته ويقضي أوقاتا جميلة بعد الإفطار ..لكن هيهات .. !!، فلا حياة لمن تنادي .. !!