مديرية الاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة المراسل الصحفي عبد الحليم عتيق    بهدف تحسين الإطار المعيشي: انطلاق عديد مشاريع التهيئة الحضرية بمختلف البلديات بقسنطينة    وزيرة الثقافة زارتها بعد إعلان مرضها    على هامش أشغال مؤتمر القمة 15 لمنظمة التعاون الإسلامي ببانجول: العرباوي يجري محادثات مع نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي    الأمين العام لحزب جبهة التحرير،عبد الكريم بن مبارك،من تمنراست: حزب الأفلان سيخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة موحدا ومتماسكا    الجمعية البرلمانية لحلف شمال الأطلسي: وفد برلماني يشارك بروما في منتدى المجموعة الخاصة بالمتوسط والشرق الأوسط    بمشاركة 900 عارض من بينهم 600 من الوطن من 14 بلدا بالعاصمة: بلعريبي يدشن الطبعة 26 للصالون الدولي للبناء (باتيماتيك2024)    الفلاحة.. طريق مفتوح نحو الاكتفاء الذاتي    تقدير لجهود الجزائر في توطين الصّيرفة الإسلامية    توفير كل الإجراءات لجذب الاستثمارات ودعم المؤسّسات النّاشئة    الجزائر ستواصل الدفاع عن «أم القضايا» بمجلس الأمن    النّخبة الوطنية تحصد6 ميداليات في اليوم الخامس    بعد رواج عودته الى ليستر سيتي: إشاعات .. وكيل أعمال محرز يحسم مستقبله مع الأهلي السعودي    دورة الجزائر الدّولية للدراجات ستحمل طابع العالمية    الجولة 24 من الرابطة الثانية "هواة": أكبر المستفيدين في "معركة" البقاء.. عين مليلة تؤجل الصعود الرسمي لآقبو و"البوبية" تعقد مأمورية "بونة"    الوزير الأوّل يلتقي برئيس غينيا بيساو    الحماية المدنية..يقظة وتأهّب دائم للإنقاذ والتّدخّل    برنامج الجزائر الجديدة في حاجة إلى المؤمنين بالمشروع الوطني    طريق السلام يمرّ عبر تطبيق الشرعية الدولية    غيريرو يغيب عن إيّاب رابطة أبطال أوروبا    هذه تواريخ سحب استدعاءات المترشّحين    إقبال واسع على معرض المنتجات الجزائرية بنواكشوط    من ظاهرة النصب والاحتيال عبر الأنترنت الدرك الوطني يحذّر..    موقع إلكتروني لجامع الجزائر    ثلاث ملاحم خالدة في الذّاكرة الوطنية    جمعية العلماء المسلمين الجزائريين تنظم لقاءً    على الجميع الالتزام بالمرجعية الدّينية الوطنية    الجزائر-قطر : اتفاق على فتح مجالات تعاون جديدة    المجلس الشعبي الوطني : يوم برلماني حول "واقع سياسة التشغيل في الجزائر"    تربية المائيات : الوزارة تدعو الراغبين في الاستفادة من تحفيزات قانون المالية 2024 الى التقرب من مصالحها    يخترع مبررات دائمة لاستمرار العدوان وتوسيع دائرة الصراع .. هنية يتهم نتنياهو ب"تخريب جهود الهدنة"    الأيام السينمائية الدولية بسطيف: 21 فيلما قصيرا يتنافس على جائزة "السنبلة الذهبية"    بموجب مرسوم تنفيذي : إنشاء القطاع المحفوظ للمدينة العتيقة لمازونة بولاية غليزان وتعيين حدوده    جيجل: إعادة فتح حركة المرور بجسر وادي كيسير بعد إصلاحه    "معركة الجزائر" تشحذ همم الطلبة الأمريكيين للتنديد بالعدوان الصهيوني على غزة    جيدو/الجائزة الكبرى لدوشانبي: ميدالية برونزية للمصارعة الجزائرية أمينة بلقاضي    بلمهدي يشرف على يوم تكويني لفائدة المرشدين الدينيين المعنيين ببعثة حج 2024    التوعية بمخاطر الأنترنت تتطلب إدراك أبعادها    السيد بلمهدي يشرف على يوم تكويني لفائدة المرشدين الدينيين المعنيين ببعثة حج 2024    فلسطين: ارتفاع حصيلة الشهداء جراء العدوان الصهيوني على غزة إلى 34 ألفا و683    الصحة العالمية: هجوم الكيان الصهيوني على رفح قد يؤدي إلى "حمام دم"    الجزائر تستنفر العالم حول المقابر الجماعية بغزّة    حماية الطفولة: السيدة مريم شرفي تستقبل من قبل وزير المصالح الاجتماعية بكيبك    إجراءات للوقاية من الحرائق بعنابة: تزويد محافظات الغابات في الشرق بطائرات "الدرون"    ميلة: قافلة طبية لعلاج المرضى بسيدي مروان    رئيس الجمهورية يهنئ نادي فتيات أقبو    أول وفد لرياضيينا سيتنقل يوم 20 جويلية إلى باريس    النزاع المسلح في السودان.. 6.7 مليون نازح    المعالم الأثرية محور اهتمام المنتخبين    اقترح عليه زيارة فجائية: برلماني يعري فضائح الصحة بقسنطينة أمام وزير القطاع    البروفيسور الزين يتوقف عند "التأويلية القانونية"    الالتقاء بأرباب الخزائن ضمانا للحماية    الشريعة الإسلامية كانت سباقة أتاحت حرية التعبير    برنامج مشترك بين وزارة الصحة والمنظمة العالمية للصحة    إذا بلغت الآجال منتهاها فإما إلى جنة وإما إلى نار    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    القابض على دينه وقت الفتن كالقابض على الجمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الراي"الأغنية الجريحة شجن الهامش"
نشر في الحوار يوم 20 - 01 - 2017


الحلقة 1
الجزء 5

ياسين بوغازي

الأسطورة أغنية والأغنية ثورة
لقد كان الراي ثورة بما أحدثه في الاذهان وفي الموسيقيات وفى الرؤى الجديدة عن عالم ممكن قياسه على أسطورة أغنية الأغنية التي كانت ثورة.
كانت ثورة بل لقد كانت متلازمة من الثورات المتداخلة والمتشابكة بصرخات الرفض للمعتاد والممنوع وفي تشظيات موسيقي تحفل بالتيارات الجديدة تلك المستجيبة للرغبات وقتها وبالمكاشفات عن الاجتماعي المعنوي والأخلاقي المتزمت ربما، فلقد راودتهم جميعا بالحان صاخبة سرية وبأشعار من الملحون المسكون بتقية الرمز وشعوبية المعنى، وكانت ثورة بأسماء ربما لم يتح لها إلا الراي الجريح ظل الهامش الحزين أن ترفع قولها إلى سموات البوح الغنائي رغم ضراوة الاقترافات الشخصية التي سبقت من مسارات النبذ السلوكي والعائلي والممنوعات وكسر القيود القبلية القاتلة في نماذج ذكرت فيما سبق.
لقد كانت كل هذا تحت ظلال من فترات تاريخية طويلة ومهمة، فترات تاريخية مضت وسكنت الذكريات فيما عرت الأغنية الثورة وبما أعلت من حكايا الأسطورة الرايوية التي أكلت من سير الرايويين أعمارهم فأضحت نماذجا في يوميات الناس يلفها الإبهار وتحيط بها تخوم من الفضول لاكتشاف تلك اليوميات الرايوية التي بعثت أملا ربما في غد أحسن على إيقاعات أغنية.
لقد قال الراي ما كان ممنوعا فلا يقال، قال غنائيا بشاعرية وبرايوية أضحت تيارا للعالم بأسره ومخاضا حداثيا موسيقيا تهفو له قلوب العالمين ؟
كان متلازمة من الثورات الهادئة التي لا تتعب ومن الثورات المقتنعة مند البدايات بما تغنى برمزيات المغنى نفسه ورمزية المعني نفسه أيضا، وقد توالدت تاريخيا وتراكمت واقعيا كحالة غنائية استثنائية صعب جدا إلغاؤها رغم ضراوة ما حيك والذي ما زال يحاك ؟ لقد أضحت التجربة مثلما الأسطورة المتجلية في أغنية والأغنية قامت كما الثورة فكانت ضمن أغنية أخرى عريقة وكأنها استولدت من جنبها لكن بأكثرية من مخاضات الغضب والرفض، وكبرت سريعا وامتلكت من السطوات الإيقاعية والجرأة والمكاشفات الضمنية في الأشعار المغناة وبالإيقاعات الصاخبة ما لم تمتلكه أغنية غيرها في بادية الساحل الوهراني ومثلثه الرايوي المتمرد أين رفع الإبهار وجهه الأولى لأنها ببساطة كانت مختلفة تماما ضمن مألوفات كثيرة من الأنماط الغنائية والطبوع والنماذج الأخرى التي استوردت من هنا وهنالك وقد خطت لها مسارا ضمن تراثيات الغرب الجزائري ربما وأغنية الساحل الوهراني تحت سموات البداوة فيما سبق ضمن اللحنيات المغناة التي المكرسة الحضور وبشتى الصنوف.
لم تكن مغريات الحياة الموسيقية والغنائية قبل سطوع شموس الأغنية الرايوية بالملفتة بما يكفي أو تلك الجالبة للانتباه كما أحدثته أغنية الراي فقد كانت ببساطة تعيد ما كان يغنى كميراث من العقود التي سبقت في نمطية من الأجواء والمغنيين والأشعار حتى وقد أكل الوقت رغبات تلك الطبوع إلى أن أصبحت ربما من لوازم الفرح والابتهاج لكن ضمن الاعتيادي المالوف الذي لا يثير نزوات الإبهار في ذلك الساحل الوهراني.
فقد كانت حياة غنائية ضمن الاعتيادي والمألوف تقديماته الغنائية قبل الأغنية الرايوية الثورة بتمردات ما تلا ؟ فيوميات أهل الغناء من الموسيقيين والمؤديين تعيش في ظلال الهامش من تلك الأيام الماضية في بداوة المكان ومبهجات الحياة، فقد كانوا يحاولون أن يعطروا مساءاتهم بالأفراح فقط ربما بمقاطع غناء يبهج الأرواح وفق ما كان مشهورا حسب الفترات الزمنية من الأصناف شتى. وكانوا هؤلاء من أهل الغناء متلازمة أيضا من المشارب والأجناس قد تمازجت في انصهار تاريخي موسيقي غنائي أعطى صيغا من الأغنيات والإيقاعات المتأصلة.
كان الساحل الوهراني سيما مدينته الأشهر وهران محط الأجناس من يهود ومغاربة على ما كان مشاعا من موسيقيات الأمازيغ والعرب والإيقاعات الأفريقية فكانت المدينة برمتها وكأنها مزج من الإيقاعات والنغمات أو حفل كبير من شتى الأغاني المتأصلة الواحدة أعمق من الأخرى والعكس صحيحا تماما كما أن ذلك الإرث الغنائي الموسيقي المزج كان متأثرا بالتطورات الجديدة مقياسا بوقته لاسيما تلك التي تعنى بالموسيقى وأساليب الغناء.
ففيما كانت طباع غنائية تأخذ من التجارب الجديدة منهاجا بمقاييس زمانها بما كان متاحا في طالع القرن العشرين، كانت أغنية تكاد تكون الأشهر والأكثر حضورا في جغرافية ذلك الساحل بل وفى الغرب الجزائري كله كما سرده ضمن كتابة سلفت. وهي أغنية كانت مشهورة وغير مشهورة أيضا، ومألوفة ولكن وكأنها غير مألوفة أيضا، متأصلة لكنها جديدة التطلعات في كل فترة ومنتظرة لما يمكن أن تحمله التقلبات الحضارية على الغناء والموسيقى بما كانت تستشعره على انفتاحها إلى كل ما هو جديد، بل أن بنيتها الإيقاعية كانت توحي بذلك التأهب والأحلام الممنوعة.
كانت تلك الأغنية البدوية وهي الأكثر رسوخا في التراث الغرب الجزائري وفى أغاني الساحل الوهراني برمته وكانت هي الأخرى بمشارب شتى من الغناء البدوي بشكل عام. وفي خضم الحضور الغنائي الطويل الذي يؤرخ له منذ القرن الثامن عشر كأسلوب من الغناء البدوي البسيط جدا والمحتفى بالشاعرية الشعبية والملحون فكان ضاربا في عمق الماضي، ثم إن تطورا قد مس هذه الأغنية البدوية القديمة فبدأت تسكنها روح مختلفة تماما عما كانت إيقاعيا ربما أو توظيفا للتجارب الجديدة في الإلقاء والتناول اللحني ضمن أساسيات البداوة المغناة، فقد بقيت في أطر من الغناء البدوي بصفة عامة إلى حدود العقود الثلاثة الأولى من القرن العشرين. لما بدا لحنا غريبا إيقاعيا يشد الانتباه في ذات الأغنية تلك ومع الوقت أخذ ذلك الاختلاف ينحى إلى التميز فكان إيقاعا محمولا على ذات الآلة الأكثر حضورا في الأغنية البدوية وهي الدربوكة ذات الأصول العربية وبدأت تلك الإيقاعات الجديدة في إحداث الفارق الذي أضحى بعد خمسة عقود التي تلت الثلاثة الأوائل من القرن العشرين تيارا غنائيا قائما مشهورا وأنه الراي الجزائري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.