صيام شهر رمضان هو أحد أركان الإسلام وهو فريضة فرضها الله على المسلمين في السنة الثانية من الهجرة هو والجهاد في سبيل الله، وقد توفي النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وقد صام تسع رمضانات، وكان فرضه بهذه الآيات الكريمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} إلى قوله {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ، فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} البقرة:183-185. وقد مرّت فريضة الصّيام بمرحلتين، وذلك على طريقة القرآن في التدرّج في التّشريع: المرحلة الأولى: مرحلة التّخيير، أي تخيير المكلّف المطيق للصّوم بين أمرين: الصّيام، وهو الأفضل، والإفطار مع الفدية، وهي إطعام مسكين عن كلّ يوم يفطره، فمَن زاد على ذلك فهو خير. والمرحلة الثانية: مرحلة الإلزام والتّحتيم، أي الإلزام بالصّوم، ونسخ التّخيير، فعن سلمة بن الأكوع قال: لمّا نزلت: {وعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةُ طَعَامِ مِسْكِين} كان من أراد أن يفطر ويفتدي، حتّى نزلت الآية الّتي بعدها فنسختها وهي قوله تعالى ”فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ” متفق عليه. فأوجب الله الصّيام على الصّحيح المُقيم، ورخّص في الإفطار للمريض والمسافر. والمرحلة الثانية هذه، كان لها مرتبتان: الأولى كان فيها تشديد على الصّائمين، والثانية كان فيها تخفيف ورحمة، أمّا التّشديد فقد كانوا إذا ناموا بعد الإفطار أو صلّوا العشاء لا يحلّ لهم الأكل والشّرب والجماع، إلّا عند غروب اليوم التالي، ثمّ خفّف عنهم بقوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ، هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ، عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ، فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ، وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ، ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} البقرة:187. هكذا كان تشريع فريضة الصّوم على المسلمين، وهكذا تدرّج القرآن بهم مُراعاة لفطرتهم وتعويدًا لهم على التّكاليف.