* email * facebook * twitter * linkedin قطع رئيس الدولة عبد القادر بن صالح الشك باليقين بإعلانه تنظيم الاستحقاق الرئاسي يوم 12 ديسمبر القادم، في ظل التضارب القائم حول تنظيم الانتخابات في آجالها أو تأجيلها، واضعا بذلك حدا لحالات الترقب التي اكتنفها الكثير من التردد بين الأوساط السياسية، التي لم توفق في تقليص أمد الأزمة، حيث اكتفت مواقف المعارضة بالخصوص برفض كل المقترحات المقدمة، من دون تقديم بدائل واقعية تساير المتطلبات الراهنة للبلاد منذ الإعلان عن تأجيل هذا الاستحقاق، الذي كان مقررا يوم 4 جويلية الماضي لعدم توفر الظروف الملائمة لتنظيمها في تلك الفترة. وبذلك يكون المقترح الذي تقدمت به القيادة العسكرية والقاضي باستدعاء الهيئة الناخبة يوم 15 سبتمبر قد حظي بالقبول من قبل رئاسة الجمهورية، لأسباب عاجلة لخصها رئيس الدولة عبد القادر بن صالح في خطابه أول أمس، «بالدستورية والسياسية والاقتصادية والإستراتيجية»، معربا عن يقينه بأن هذه الانتخابات «تمثل الحل الديمقراطي الوحيد والناجع الذي سيسمح لبلدنا بتجاوز وضعها الراهن». إبراز الطابع الاستعجالي لتنظيم هذه الانتخابات، لم يكن بسبب الدوافع المذكورة فحسب، حيث حرص رئيس الدولة على التأكيد على انخراط غالبية الشعب في هذا الخيار، باعتباره ضروريا، سيمكن «بلدنا من استعادة عافيته وسيره الطبيعي سياسيا ومؤسساتيا وتؤهله لأن ينصرف لمواجهة التحديات الكبرى في المجالين الاقتصادي والاجتماعي والتصدي للتهديدات الخارجية المحدقة به». وفي ظل تباين المواقف السياسية التي تعد ظاهرة صحية في بلد يتطلع إلى تكريس المسار الديمقراطي، فقد دعا بن صالح إلى ضرورة تغليب المصلحة العليا للأمة على كل الاعتبارات، كونها القاسم المشترك و»لأن الأمر يتعلق بمستقبل بلادنا ومستقبل أبنائنا»، مناشدا كافة المواطنين، التجند لجعل الموعد الانتخابي «نُقطة انطلاق لمسار تجديد دولتنا والعمل جماعيا وبقوة» لأجل إنجاح هذا الاستحقاق الذي سيمكن البلاد من انتخاب رئيس جديد، يتمتع بكامل شروط الشرعية ويأخذ على عاتقه قيادة مصير البلد وترجمة تطلعات الشعب. ولم يكتف رئيس الدولة بإبراز الأهمية «الآنية» لهذه المحطة الحاسمة، كونها ستضع حدا للأزمة التي دخلت شهرها السابع، بل حرص على التأكيد على البعد النوعي لهذا الاستحقاق الذي من شأنه «إرساء الثقة في البلاد، تكون بِمثابة البوابة التي يدخل من خلالها الشعب في مرحلة واعدة توطد لممارسة ديمقراطيةٍ حقيقية في واقع جديد». وعليه، فقد حرص بن صالح على توجيه رسائل واضحة المعالم لكافة شرائح المجتمع، يكمن مضمونها في مسايرة المنحى السياسي الجديد من خلال العمل يوم 12 ديسمبر القادم، لصناعة تاريخ البلاد والمساهمة جماعيا في حسن اختيار الرئيس الجديد وتسطير المستقبل «الذي حلم به الأجداد والآباء ويحلم به اليوم الأبناء». رئيس الدولة التزم أيضا بأن تكون الانتخابات الرئاسية المقبلة، مواكبة لكافة الشروط والمعايير المطلوبة، استجابة لتطلعات الشعب الذي طالب بصفة سلمية بتغيير عميق لنظام الحكم، معرجا في هذا السياق على إنشاء السلطة التي توكل لها مهام تنظيم الانتخابات، بدءا باستدعاء الهيئة الناخبة إلى غاية الإعلان عن نتائج الانتخابات، ووضع تحت تصرفها كل الوسائل المادية واللوجستية. ومن باب وضع حد لكافة التأويلات التي يسعى أصحابها لزرع الشكوك في المساعي المبذولة، فقد أكد السيد بن صالح أن اعتماد النصين المتعلقين بالنظام الانتخابي والسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، يترجم مضمون التطلعات المشروعة للشعب، من خلال تمكينه من «اختيار بكل سيادة وحرية وشفافية، الشخصية التي يرغب في تكليفها بمهمة قيادة التغيير والاستجابة لباقي المطالب التي دعا لها المواطنون»، لتكون بالتالي كل هذه التغييرات «جوابا واضحا للمشككين». ولا تتوقف المهمة عند مجرد تنظيم انتخابات نزيهة، بل ستكون نقطة البداية لرسم مستقبل واعد للبلاد، حيث أكد رئيس الدولة أن هذه التغييرات أَتت لتؤكد عزم الدولة على المضي قدما إلى الأمام من أجل تجسيد منهج التغيير المنشود»، عبر تطهير تأطير الدولة ومكافحة الفساد واللاعقاب واستعادة السير الطبيعي للمؤسسات». واغتنم بن صالح المناسبة للتذكير بمتطلبات الواجب الوطني، من خلال العمل للتوصل إلى إيجاد حلول تمكن من تجاوز عقبات المرحلة الحاسمة التي تمر بها البلاد، مبرزا قناعته بأن هذه الانتخابات تعد حقا هدفا استراتيجيا وطنيا يجب العمل على بلوغه، كونِها الحل الديمقراطي الوحيد والأنجع. ومن خلال ما سبق، نستشف من خطاب رئيس الدولة الكثير من الرسائل التي تؤكد على حتمية تنظيم الانتخابات الرئاسية كأولوية لتفادي متاهات المرحلة الانتقالية التي يدعو لها البعض، والتي اعتبرها بعض القانونيين بأنها تندرج ضمن مطالب النظام السابق. في المقابل، برز الحرص على مواصلة مكافحة الفساد واللاعقاب وتعزيز ثقة المواطن بمؤسساته، موازاة مع ترتيب البيت الذي سيتعزز بآليات قانونية لسد مختلف الثغرات التي كانت في النظام السابق.