الوضع أثر سلبا على مداخيل المستثمرين في القطاع تسبب غياب تساقط الثلوج هذا الموسم في “تراجع كبير” لعدد السياح الذين يقصدون جبال الشريعة بأعالي البليدة، الوضع الذي أثر سلبا على مداخيل المستثمرين في القطاع وحتى سكان هذه البلدية الفقيرة الذين يمارسون نشاطات تجارية وصناعية بسيطة. وخلال جولة إلى هذه المنطقة السياحية بامتياز، ظهر أنها تكاد تخلو من الزوار لدرجة أن الطريق الوطني رقم 37 المؤدية لها (الرابط بين البليدة والشريعة) فارغة من السيارات ما عدا عدد ضئيل من حين لآخر، كما أن الساحات أضحت خالية لا يغمرها إلا السكون، في حين أمست المطاعم والفندق الوحيد بالمنطقة بلا زبائن ولا زوار. ولدى اقترابنا من عمال أحد المطاعم الذي لم يكن فيه ولا زبون واحد رغم أن الوقت كان وقت غذاء، أكدوا لنا أن “الشريعة على هذا الحال يوميا خلال هذه السنة ما عدا بعض الزبائن الذين يأتون خلال عطلة نهاية الأسبوع”. واسترسل أحدهم قائلا: “كل يوم نحضر الطعام ونعرضه في المطعم وينتهي معظمه في المساء مع القاذورات لأننا لا نستطيع حفظه”. وذكر عامل الاستقبال بفندق “الأرز” (الفندق الوحيد المفتوح في المنطقة) أن “الغرف تكاد تكون فارغة حيث يبلغ معدل شغل الغرف حوالي 10 بالمائة خلال هذه الفترة بسبب عدم إقبال السياح نظرا لعدم سقوط الثلوج التي عادة ما تقارب خلالها نسبة شغل الغرف المائة بالمائة”. وذكر المتحدث أنه “رغم انخفاض الأسعار خلال هذه الفترة (من 5000 إلى 6000 دج) والمجهودات المبذولة في تحسين الخدمة المقدمة للزبائن لجذبهم إلا أن الفندق يكاد أن يكون خاليا”. كما اشتكى التجار الذين تمت مقابلاتهم في محلاتهم الصغيرة أو الذين يعرضون على طاولات متنقلة بعض منتوجات الصناعة التقليدية والحلويات والمكسرات من كساد تجارتهم، حيث قال أرزقي، أحد شباب المنطقة، أنه “بالكاد يبيع سلعا ب 150 دج في اليوم وهو ما لا يكفي حتى لاسترجاع ثمن السلع المعروضة”. كما أكد محمد تاجر يملك دكانا متواضعا أنه لا يفتح محله في معظم أوقات اليوم ما عدا ساعة أو ساعتين بسبب ندرة الزبائن، وهو تسبب له في “خسارة مالية كبيرة” ويدفعه للتفكير في “التوقف عن ممارسة هذا النشاط”. غياب الثلوج يؤثر سلبا على مداخيل السكان والبلدية من جهته، صرح رئيس المجلس البلدي، أعمر بسكرة، أن “هذه السنة نفتقر للعدد الهائل للسياح بسبب انعدام الثلوج التي تعد عاملا أساسيا في جذب السياح من كافة مناطق الوطن وحتى من خارجه”، مضيفا “في الموسم الحالي نادرا ما نسجل قدوم الزوار خلال أيام الأسبوع، وفي عطلة نهاية الأسبوع تأتي بعض العائلات فقط لقضاء وقت في الطبيعية والاستمتاع بهدوء المنطقة”. إلا انه – يضيف – بسبب شح الأمطار والثلوج خلال هذا الموسم سجلنا “تراجعا كبيرا” في عدد السياح مما أثر سلبا على مداخيل التجار الذين انخفضت جبايتهم وبالتالي قلت الضرائب التي تدفع للبلدية، حيث لم تتجاوز مداخيل البلدية خلال السنة الماضية المليوني دج. واعتبر السيد بسكرة أن “البلدية تفتقر إلى المرافق والمنشآت الضرورية لدفع الحركة السياحية بالمنطقة”، مشيرا إلى أن بلدية الشريعة ليس لديها أماكن للترفيه وفضاءات للعب الأطفال أو فنادق كبيرة تغطي الطلبات في موسم الذروة ما عدا فندق الأرز وهو ملك للبلدية وتم استئجاره منذ 2006 لمستثمر خاص وفندق النسيم الذي تم ترميمه واستئجاره لمصلحة الشؤون الاجتماعية التابعة لأحد البنوك، وعدد قليل من المطاعم والمتاجر الصغيرة. ولهذا – يقول – أصبح توافد العائلات محدودا لأنها تفضل التوجه للمناطق المجاورة التي أنجزت بها فضاءات ترفيهية. “كما يقف مشكل النقل حجر عثرة في طريق العائلات والشباب الذين لا يملكون سيارات ويريدون التوجه للشريعة خصوصا مع عدم وجود حافلات لنقل المسافرين بين البليدة و الشريعة أو سيارات أجرة ما عدا بعض الخواص الذين يعملون بطريقة غير شرعية”، حسب رئيس البلدية، الذي قال إن “ما زاد الطين بلة هو توقف المصعد الهوائي منذ حوالي ستة أشهر لأسباب نجهلها”. ضرورة العمل على خلق جذب سياحي لمنطقة الشريعة ودعا بسكرة السلطات العمومية إلى دعم البلدية ومساعدتها على انجاز مشاريع استثمارية حتى تتمكن من المساهمة في خلق الثروة ومناصب العمل لشباب المنطقة وعدم الاعتماد على تساقط الثلوج فقط لجذب السياح للمنطقة، معربا عن “تفاؤله” إزاء التزامات الحكومة فيما يتعلق بالبلديات الواقعة في نقاط الظل. ومن جهتها شددت ليلى بن عزوق مفتشة رئيسية بالمديرية المحلية للسياحة على ضرورة العمل على خلق جذب سياحي لمنطقة الشريعة لاستقطاب اكبر عدد من السياح. وقالت إن هذا الجذب “لن يتحقق إلا من خلال انجاز فضاءات للتسلية والترفيه بالإضافة إلى برمجة تظاهرات سياحية وثقافية وحفلات ومهرجانات في المنطقة الجبلية لتعريف الزوار بها”، مؤكدة على “ضرورة تكاتف جهود جميع المعنيين في هذا المجال من مديريات تنفيذيات وسلطات محلية ووسائل إعلام للترويج لوجهة الشريعة والنهوض بالسياحة الجبلية من جهة و خلق تلاحم بين سكان المنطقة والزوار من جهة أخرى”.