إجراء امتحان إثبات المستوى للمتعلمين عن بُعد    ملف الذاكرة لا يقبل التنازل    وهران: إقبال معتبر على صالون التجارة الإلكترونية والإقتصاد الرقمي    الغذاء العالمي: منع دخول المساعدات ينذر بكارثة وتجويع خطير لأهالي القطاع    رئيس الجمهورية يستقبل رئيس المجلس الوطني لجمهورية الكونغو    تنفيذا لتعليمات رئيس الجمهورية، اتخاذ ترتيبات لتحسين الخدمات القنصلية للجالية الوطنية    خلال يوم دراسي حول الأسواق المالية : جامعة سكيكدة ولجنة تنظيم عمليات البورصة ومراقبتها توقعان اتفاقية تعاون    المعرض السادس للمنتجات الجزائرية بنواكشوط يتوج بالتوقيع على عشر اتفاقيات تعاون    القضاء على إرهابي وتوقيف 21 عنصر دعم للجماعات الإرهابية خلال أسبوع    ذاكرة: ولايات شرق البلاد تستذكر مجازر 8 ماي 1945 في ذكراها ال79    بدعوة من الجزائر, مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة مشاورات مغلقة حول المقابر الجماعية في غزة    منظمة التعاون الإسلامي ترحب بقرار جزر البهاما الاعتراف بدولة فلسطين    كرة القدم/أوروبا: بن سبعيني, ثالث لاعب جزائري يبلغ نهائي رابطة الأبطال    كرة القدم: ورشة "فيفا-فاف" حول تطبيق تقنية الفيديو المساعد للتحكيم (الفار) في الجزائر    ملفات تعود لسنة 2021 : والي سكيكدة تصف التأخر في الحصول على عقود التعمير بغير المقبول    سكيكدة: تنصيب أحمد ميرش مديرا للمسرح الجهوي    مهرجان الجزائر الدولي للموسيقى السنفونية : فنزويلا في أول مشاركة لها والصين ضيف شرف للمرة الثانية    التصفيات الجهوية المؤهلة للمهرجان الوطني لمسرح الهواة بمستغانم : مشاركة قياسية للفرق المسرحية والتكوين رهان محافظة المهرجان    الأيام السينمائية الدولية بسطيف: تتويج الفيلم القصير "كود بوس" بجائزة "السنبلة الذهبية"    "راهن الشعر الجزائري" : مهرجان شعري وملتقى دراسي بمناسبة عيد الاستقلال    التوحيد: معناه، وفَضْله، وأقْسامُه    الجزائر/تونس: التوقيع على محضر اجتماع اللجنة المشتركة للتعاون الجمركي    الحملة الوطنية التحسيسية حول المخاطر المتعلقة باستعمال الوسائط الاجتماعية متواصلة    ذكرى 8 مايو 1945: انطلاق من العاصمة لقافلة شبانية لتجوب 19 ولاية لزيارة المجاهدين والمواقع التاريخية    حوادث الطرقات: وفاة 38 شخصا وإصابة 1474 آخرين خلال أسبوع    محمد عباد: المجتمع المدني مطالب بتكثيف جهوده للحفاظ على الذاكرة الوطنية    البزار: لا مؤشرات بقرب انتهاء الحرب على غزة لأن الكيان الصهيوني محاط بحماية أمريكا    انطلاق اليوم الأربعاء عملية الحجز الالكتروني للغرف للحجاج المسجلين مع الديوان الوطني للحج والعمرة    رئيس الجمهورية يأمر بإعداد مخطط حول البيئة والعمران يعيد النظر في نظام فرز وتوزيع النفايات    رئيس الجمهورية: رفع معاشات ومنح المتقاعدين نابع من اعتراف وتقدير الدولة لمجهودات أبنائها من العمال    وفد من وكالة الفضاء الأمريكية يزور جامعة العلوم والتكنولوجيا هواري بومدين    على هامش لقاء سوسطارة والكناري حسينة يصرح: ملفنا قوي و"التاس" ستنصفنا    دور ريادي للجزائر في تموين السوق الدولية بالأسمدة    وفاة الأسيرة الصهيونية "جودي فانشتاين"    أفضل ما تدعو به في الثلث الأخير من الليل    الجزائر تدين بشدة تنفيذ الاحتلال الصهيوني لعمليات عسكرية في رفح    تأكيد على دور حاضنات الأعمال في تطوير المؤسسات الناشئة    قسنطينة تستعد لاستقبال مصانع التركيب    16 موزعا الكترونيا جديدا لتحسين الخدمة قريبا    هذه مسؤولية الأندية في التصدى لظاهرة العنف    دخول 3 رياضيّين جزائريّين المنافسة اليوم    إحياء ذكرى تأميم المناجم وتأسيس "سونارام"    الحجز الإلكتروني للغرف بفنادق مكة ينطلق اليوم    حجام يتألق في سويسرا ويقترب من دوري الأبطال    الأهلي المصري يرفع عرضه لضم بلعيد    ترحيل 141 عائلة من "حوش الصنابي" بسيدي الشحمي    بن رحمة هداف مجددا مع ليون    تبسة : ملتقى وطني حول تطبيق الحوكمة في المؤسسات الصحية    دعوة لإعادة النظر في تخصص تأهيل الأطفال    تفكيك جماعة إجرامية مختصة في السرقة    مطالب ملحّة بترميم القصور والحمّامات والمباني القديمة    صيد يبدع في "طقس هادئ"    طرح تجربة المقاهي ودورها في إثراء المشهد الثقافي    حج 2024:بلمهدي يدعو أعضاء بعثة الحج إلى التنسيق لإنجاح الموسم    هول كرب الميزان    الجزائر تصنع 70 بالمائة من احتياجاتها الصيدلانية    «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بيِّن…»    "الحق من ربك فلا تكن من الممترين"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وما جعله الله إلا بشرى لكم
نشر في أخبار اليوم يوم 12 - 03 - 2014

من الآيات المتفقة المضمون والمفترقة في ترتيب النظم الآيتان التاليتان:
الآية الأولى: قوله تعالى: {وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم} آل عمران:126.
الآية الثانية: قوله سبحانه: {وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم} الأنفال:10.
بين هاتين الآيتين الكريمتين ثلاثة اختلافات بالنظر إلى ترتيب نظمهما:
الأول: إثبات ضمير الجمع المخاطب {لكم} في آية آل عمران، وحذفه في آية الأنفال.
الثاني: مجيء المفعول به {قلوبكم} عقب الفعل {ولتطمئن} واتباعه الجار والمجرور {به} على الأصل في آية آل عمران، وتقديمه على المفعول به في آية الأنفال {به قلوبكم} على خلاف الأصل.
الثالث: اختلاف الإخبار عن الله تعالى ب(العز) و(الحكمة) في الآيتين، فجاء في سورة آل عمران مجيء الصفة، فقال سبحانه: {وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم}، وجاء في سورة الأنفال مجيء الخبر المستأنف، فقال: {إن الله عزيز حكيم}.
أجاب أهل العلم عن الاختلاف الأول بقولهم: لما تقدم آية الأنفال قوله سبحانه: {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم} (الأنفال:9) حيث تضمنت الآية ضمير الجمع المخاطب {لكم} فأغنى ذكره بداية عن ذكره تالياً، فقال: {وما جعله الله إلا بشرى}، ولما لم يتقدم آية آل عمران هذا الضمير، استدعى المقام ذكره، فقال عز وجل: {وما جعله الله إلا بشرى لكم}. قال الإسكافي في هذا الصدد: لما قال: (فاستجاب لكم} عُلِمَ أنه جَعَلَ بشرى لهم، فأغنت {لكم} الأولى بلفظها ومعناها عن الثانية، وفي آية آل عمران لم يتقدم ما يقوم مثل هذا المقام، فأتى بقوله: {لكم} على الأصل.
وقد ألمح ابن عاشور إلى معنى جيد في هذا الاختلاف، وحاصل كلامه: أنه أتى بضمير المخاطب الجمع في آل عمران، فقال: {إلا بشرى لكم}، وحذفه في الأنفال؛ لأن آية آل عمران سيقت مساق الامتنان والتذكير بنعمة النصر في حين القلة والضعف، فكان تقييد {بشرى} بأنها لأجلهم زيادة في المِنَّة، أي: جعل الله ذلك {بشرى} لأجلكم، كقوله تعالى: {ألم نشرح لك صدرك} (الشرح:1)، وأما آية الأنفال فهي مسوقة مساق العتاب على كراهية الخروج إلى بدر في أول الأمر، وعلى اختيار أن تكون الطائفة التي تلاقيهم غير ذات الشوكة، فجرد {بشرى} عن أن يعلق به {لكم}؛ إذ كانت (البشرى) للنبي صلى الله عليه وسلم، ومن لم يترددوا من المسلمين في ملاقاة قريش.
وأجابوا عن الاختلاف الثاني بقولهم: إنه لما أخَّر الجار والمجرور في الكلام الأول في آية آل عمران، وهو قوله تعالى: {وما جعله الله إلا بشرى لكم}، وعطف الكلام الثاني عليه = {ولتطمئن قلوبكم به}، وقد وقع فيه جار ومجرور، وجب تأخيرهما في اختيار الكلام؛ ليكون الثاني كالأول في تقديم ما الكلام أحوج إليه، وتأخير ما قد يستغني عنه.
وأما تقديم الجار والمجرور {به} في آية الأنفال، فلأن الأصل في كل خبر يُصدَّر بفعل أن يكون الفاعل بعده، ثم المفعول والجار المجرور، وقد يُقدم المفعول على الفاعل للاهتمام به والعناية بشأنه، وكذلك الجار والمجرور بمنزلة المفعول به في التقديم والتأخير وشبههما؛ ولما كان الغرض الرئيس في آية الأنفال بيان إمداد الملائكة للمؤمنين، فقد قدَّم الجار والمجار اهتماماً به وعناية ببيانه، فقال سبحانه: {ولتطمئن به قلوبكم}.
وأجاب ابن عاشور عن مجيء الضمير على الأصل في آية آل عمران، وتقديمه في آية الأنفال على خلاف الأصل بقوله: تقديم المجرور في قوله: {ولتطمئن به قلوبكم} يفيد الاختصاص، فيكون المعنى: ولتطمئن به قلوبكم لا بغيره، وفي هذا الاختصاص تعريض بما اعتراهم من الوجل من الطائفة ذات الشوكة، وقناعتهم بغَنْم العُروض التي كانت مع العير، فعرَّض لهم بأنهم لم يتفهموا مراد الرسول صلى الله عليه وسلم حين استشارهم، وأخبرهم بأن العير سلكت طريق الساحل، فكان ذلك كافياً في أن يعلموا أن الطائفة الموعود بها، تمحضت أنها طائفة النفير، وكان الشأن بهم أن يظنوا بوعد الله أكمل الأحوال، فلما أراد الله تسكين روعهم، وعدهم بنصرة الملائكة، علماً بأنه لا يطمئن قلوبهم إلا ذلك. وكلام ابن عاشور هنا يفيد أن تقديم الضمير {به قلوبكم} في آية الأنفال هو لأجل الاختصاص، وليس لأجل الاهتمام.
وقد أجاب ابن الزبير الغرناطي عن اختلاف النظمين (لكم) و(به) بقوله: إن آية آل عمران لما تقدم فيها قوله تعالى: {ويأتوكم من فورهم} (آل عمران:125) والإخبار عن عدوهم، فاختلط ذكر الطائفتين، وضمَّهُما كلام واحد، فجُرِدت (البشارة) لمن هدى منهما، وأنها لأولياء الله المؤمنين، فجيء بضمير خطابهم متصلاً بلام الجر المقتضية الاستحقاق، فقال: {بشرى لكم} وبين أن (قلوبهم) هي المطمئنة بذلك، فقال: {ولتطمئن قلوبكم به}، فقُدِّمت (القلوب) على المجرور، اعتناء وبشارة، ليمتاز أهلها ممن ليسوا من أهلها. أما آية الأنفال فلم يتقدم فيها ذكر لغير المؤمنين، فلم يحتج إلى الضمير الخطابي {لكم}.
أما الاختلاف الثالث فقد أجابوا عنه بقولهم: القصد إعلام المخاطبين أن {النصر} ليس من قِبَل الملائكة، ولا من جهة العدد والعدة وفضل القوة، ولكنه من القادر الذي لا يُغْلَب، ولا يُمنع عما يريد فعله، والحكيم الذي يضع النصر موضعه.
والآية التي في الأنفال إنما هي في قصة يوم بدر، وبين الله تعالى ذلك بلفظ {جعله} كالعلة لكون {النصر} بيده، فكأنه قال في المعنى: {النصر} ليس {إلا من عند الله}؛ لأنه {العزيز} الذي لا يُمنع عما يريد فعله، {الحكيم} الذي يضع {النصر} في موضعه، ففصل ذلك في خبرين على الأصل الواجب في توفية كل معنى حقه من البيان.
والآية التي في سورة آل عمران هي في قصة يوم أحد، وهي بعد يوم بدر؛ فلما كان قد فصَّل الخبر بصيغة التأكيد في قصة يوم بدر في آية الأنفال، جاء به مختصراً بصيغة الوصف في قصة يوم أحد في آية آل عمران؛ اعتماداً على ما فصَّل في الخبر الأول، فكان الاختصار بالثاني أليق، وكان الثاني له أجمل، فخص كل موضع بما يقتضيه المقام.
وجواب ثان عن هذا، وهو أن آية الأنفال تقدم فيها وعود جليلة كقوله تعالى: {وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم}، ثم قال: {ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين} (الأنفال:7)، ثم قال: {ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون} (الأنفال:8)، فهذه وعود سيقت مساق التعليل، لم يتقدم إفصاح بمثلها في آية آل عمران، فناسبها تأكيد الوصفين العظيمين من قدرته جل وتعالى على كل شيء، وحكمته في أفعاله، فقال: {إن الله عزيز حكيم}، ولما لم يقع في آية آل عمران إفصاح بما في آية الأنفال، وردت الصفتان تابعتين دون تأكيد، فقال: {وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم} وجاء كلٌّ على ما يناسب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.