عرفت أروقة المحاكم في السنوات الأخيرة ارتفاعا في عدد قضايا الطلاق، فآخر الإحصائيات تشير إلى وقوع كارثة حقيقية، ففيما كانت الإحصائيات سنة 2004 تشير إلى تسجيل 29 ألف حالة أشارت الإحصائيات التي تمّ إعدادها سنة 2013 إلى تسجيل 54 ألف و985 حالة طلاق، أي بمعدل يومي يصل إلى 150 حالة طلاق يوميا، حيث تتفكّك 150 عائلة كلّ يوم في الجزائر، وهو رقم مهول يعكس حالة (التسرّع) في اتّخاذ القرارات الأسرية أحيانا وتراجع نسبة نجاح العلاقات الزّوجية، خصوصا إذا علمنا أن عددا كبيرا من حالات الطلاق أسبابها تافهة جدّا. يسجّل المتتبّعون، وخصوصا العاملون في قطاع العدالة بكلّ أسف، تزايد أعداد حالات الطلاق في بلادنا من سنة إلى أخرى، وإذا كانت سنة 2013 شهدت قرابة ال 55 ألف حالة طلاق فإن العام الحالي مرشّح لتسجيل زيادة في عدد حالات الطلاق، والملاحظ أن عددا كبيرا من حالات الطلاق أسباها تافهة وعددا غير قليل من الزّيجات الحديثة تنتهي بالطلاق، حيث لا تدوم بعض العلاقات الزّوجية سوى شهورا قليلة بعد أن أصبح (أبغض الحلال عند اللّه) شيئا عاديا عند كثير من الأزواج. وفي هذا السياق، قالت المحامية في مجلس قضاء بومرداس (ب. نبيلة) ل (أخبار اليوم) إن معظم القضايا التي تعجّ بها المحاكم هي قضايا طلاق. وحسب القضايا التي (تولّتها) المحامية المذكورة يحدث الطلاق لعدّة أسباب، فهناك من (خلعت) زوجها لأنه خانها وهناك من طلّق زوجته في شهر العسل لأنها لم تناسب مزاجه وأخرى طلّقها زوجها لأنها ذهبت إلى العرس رغما عنه، كما ذكرت أن هناك من دفعته تفاهته إلى تطليق زوجته لأنها وبكلّ بساطة لم تغسل قميصه، وهذا السبب التافه كان سببا في دمار عشهما الزّوجي الذي دام 3 سنوات. ولا شكّ في أن الطلاق يترك انعكاسات نفسية سلبية على الزّوجين، خصوصا بالنّسبة للمرأة، فهو بمثابة نهاية الحلم الذي انتظرته منذ مدّة طويلة ويمثّل نهاية مؤلمة لها وينعكس سلبا على الجانب الفكري والذهني والعاطفي، وهو ما أكّدته الطبيبة النفسانية (ع. فردوس) التي أشارت إلى أن هناك عددا من النّساء المطلّقات اللواتي يخضعن للعلاج النّفسي، وتستعرض حالة جامعية عمرها 20 سنة تزوّجت دون رضاها بسبب الفقر فأصيبت بحالة من الذعر في الأسبوع الأوّل من زواجها، وهذا ما دفع زوجها إلى التخلّي عنها وتطليقها وهي الآن تخضع للعلاج، وأخرى ذاقت مرارة العيش مع زوجها حتى تطلّقت فدخلت في دوّامة من الاكتئاب. أمّا الحالة الثالثة التي استعرضتها لنا الطبيبة نفسها فهي لفتاة لم تتزوّج بعد وعانت نتيجة الوعود الكاذبة التي اِلتزم بها أحدهم نحوها قبل أن يتخلّى عنها في آخر المطاف فأصيبت بانهيار عصبي وهي تتعالج منذ 5 سنوات، والحالات المشابهة كثيرة. وهناك أسباب أخرى للطلاق كالكذب، تدخّل الأهل، عدم التوافق الفكري، الغيرة... الخ. ويرى كثيرون أن هذه الظاهرة تعود أساسا إلى ضعف الوازع الديني وانعدام الصراحة بين الزّوجين وعدم معرفتهما لحقوقهما وواجباتها، أو الخروج عن بعض عادات المجتمع الاسلامي. ومن المؤسف أن الحلول شبه منعدمة، قبل الزّواج هناك تكاليف كثيرة واِلتزامات كبيرة وأحلام أكبر وبعده نتائج وخيمة، وكما يقول المثل الشعبي (في الصيف فاطو وفي الشتا بوفاطو).