مرت على ليبيا الامس الاثنين الذكرى السنوية الثالثة لمقتل العقيد معمر القذافي وسقوط نظامه في 20 أكتوبر من العام 2011 بعد انتفاضة دامية بمزيد من الفلتان الأمني ومقتل عدد من الليبيين يكاد يماثل عددهم الذين قتلوا للتخلص من حكمه الدكتاتوري الذي دام أكثر من 42 عاما، بحسب خبراء ومحللين. ونتيجة لما يكتنف البلد من فوضى، لم يتم الإعلان عن أي برنامج احتفالات رسمي لإحياء ذكرى تحرير البلاد من النظام السابق، والذي أعلن في 23 أكتوبر 2011 بعد ثلاثة أيام على مقتل القذافي، الذي اعتقل ثم أعدم على أيدي ثوار قرب سرت مسقط رأسه. * لا صوت الا صوت الرصاص والانفجار وتخلو طرابلسوبنغازي (شرق) ثاني مدينة في البلاد ومهد الانتفاضة التي بدأت في منتصف ففيفري2011 من أية مظاهر احتفالية، بل لا يسمع سوى أزيز الرصاص ودوي الانفجارات في مواجهات دامية. وتعتبر بنغازي الأكثر اضطرابا في بلد تعمه الفوضى وتسيطر عليه الميليشيات منذ الإطاحة بنظام القذافي بعد نزاع دام ثمانية أشهر في 2011 .وفي هذه المدينة وحدها وخلال الأيام الخمسة الماضية قتل نحو 75 شخصا على الأقل بعد الهجوم الذي بدأه الأربعاء اللواء المتقاعد من الجيش خليفة حفتر على الميليشيات الإسلامية التي يتهمها ب الإرهاب . وأمام ضعف الحكومة الانتقالية، شن اللواء حفتر الذي شارك في الثورة على القذافي، هجوما في مايو على الميليشيات الإسلامية. وإتهمته السلطات الانتقالية حينها بمحاولة انقلاب لكنها غيرت موقفها لا سيما بعد أن نال اللواء المتقاعد تأييد عدة وحدات من الجيش. ويرى خبراء ومحللون أن هذا البلد أضحى أبعد ما يكون عن الاستقرار بعد حالة الفلتان الأمني التي تنتابه منذ ثلاثة أعوام . وقال المحلل سالم النيهوم إن الليبيين خسروا من أبنائهم عقب الثورة التي كان من المفترض أن تخلصهم من الدكتاتورية ما يقارب العدد الذي خسروه إبان الثورة . وأوضح النيهوم أن الصراعات الجهوية والإيديولوجية والقبلية باتت أدهى من القبضة الأمنية والحكم الدكتاتوري السابق ، لافتا إلى أن عددا من الليبيين باتوا يترحمون على ذلك النظام السابق على الرغم من كرههم له . *لم يتغير شيء إلا الموت في كل مكان وقال المحامي طارق الورفلي لم يتغير أي شيء في ليبيا ، معتبرا أن الأمن قد تدهور لأبعد حد وأن الوضع يتجه للأسوأ بسبب الصراعات القائمة حاليا . وأضاف إننا فرطنا في الأمن لأجل الحرية فخسرناهما معا لقد كانت هناك فرصة أن نجعل بلدنا أفضل مما كانت عليه فترة حكم القذافي لكن أناس غير مسؤولين لا تهمهم إلا مصالحهم ذهبوا بنا وبالبلد إلى هذا المنزلق الخطير . فعندما أعلن الثوار تحرير البلاد من قبضة القذافي، كان الليبيون يصبون لأن تصبح بلادهم الغنية بالنفط بمنزلة دبي جديدة، أما اليوم فإن هاجس السيناريوهين الصومالي والعراقي بات يسيطر عليهم. وبات الثوار السابقون الذين قاتلوا النظام السابق خلال ثمانية أشهر من النزاع ، بعد بضعة أشهر محل اتهام المسؤولين بأنهم وراء كل المصائب والفوضى التي اجتاحت البلاد بعد سقوط القذافي. وقال المحللون ان السلطات الجديدة بعد سقوط نظام القذافي ونظامه الأمني، كلفت الثوار السابقين بضمان الأمن. فشكل هؤلاء عشرات الميليشيات على أسس عقائدية أو قبلية، ولم يترددوا في تحدى الدولة عندما تهددت مصالحهم، ما هدد السلم الأهلي وعملية بناء المؤسسات في البلاد. وفي هذا الصدد، يقول المحلل بشير الكوافي إن بلادنا خلت من أية كاريزما قيادية تخلصنا مما نحن فيه الآن لا يوجد على الساحة الآن سوى أولئك الطامعون أو المنفذون لأجندات خارجية . وتابع الكوافي وهو أستاذ جامعي أن شبح الحرب الأهلية دخلنا فيه بل نخوضها بامتياز وحقد وكراهية منقطعة النظير، ومازال يخيم علينا شبح آخر لا يقل سوءا وهو تقسيم البلد إلى دويلات . وأرجع المحللون التردي الأمني الى الثوار الذين ازداد عددهم عقب إعلا ن تحرير البلد بمئات الآلاف وغرفوا من الترسانة العسكرية للنظام السابق لتشكيل ميليشيات وتولي مهام الجيش والشرطة، ما أتاح المجال أمام انحرافات مافياوية، وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. وتبدو السلطات من جهتها عاجزة حتى الآن أمام تنامي قوة الجماعات المتطرفة وخاصة في شرق البلاد الذي كان يشكل مسرحا لاغتيالات عناصر أمنية واعتداءات على مصالح وممثليات دبلوماسية غربية ومحلية، حتى عقب انطلاق حملة حفتر الواسعة. وأدى تصاعد أعمال العنف إلى هروب معظم الدبلوماسيين والشركات الأجنبية مما يؤخر إعادة إعمار هذا البلد. وما يزال نحو مليون ونصف المليون ليبي من أصل نحو 6 ملايين مواطن يتهمون بمناصرة نظام القذافي نازحون خارج البلد، فيما نزح مئات الآلاف عن ديارهم ومدنهم خلال الشهرين الماضيين بسبب العنف والمواجهات الدامية خصوصا في طرابلس وغربها ، بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الأممالمتحدة. الليبية لحقوق الإنسان توجه نداءً عاجلاً للأمم المتحدة وجه مقرر اللجنة الوطنية الليبية لحقوق الإنسان أحمد عبد الحكيم حمزة، أمس الأحد، نداءً عاجلاً للأمين العام للأمم المتحدة، ومفوضية الأممالمتحدة لشؤون اللاجئين واللجنة الدولية للصليب الأحمر، لتردي الوضع الإنساني الذي يواجهه النازحون في مناطق مختلفة من ليبيا نتيجة للمعارك التي تشهدها بعض المدن. وقال حمزة في تصريح خاص لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن أعداد النازحين تتزايد بشكل مضطرد، وأن الإحصاءات تشير إلى وجود نصف مليون مواطن ليبي هم من النازحين من مناطق الصراع المسلح في ورشفانة، وككلة، ومحيط مدينة طرابلس في قصر بن غشير، وطرابلس. و وصف حالة النازحين بالس مأساة الكبرىس ، وتابع قائلا إنه _ يوجد عجز كبير في تقديم الخدمات، علاوة على عدم وجود أماكن إقامة لائقة، وإن هناك ضعف من قبل السلطات الليبية لتقديم المساعدات اللازمةس .