زعزعت قضية الطفل رمزي الرأي العام بعد أن مات على يد شخص في حدود العقد الخامس، بحيث أوسع الجاني الطفل الضحية ضربا وهو الذي لا يتعدى سن الحادية عشرة، أرسله أبواه إلى المدرسة لنهل العلم فعاد إليهما في النعش، والأمر في هذه المرة لا يتعلق بقضية خطف أو تحرش أو مختلف الحكايات التي ألفنا سماعها بل السيناريو هو جديد في مجتمعنا من اقتباس الجاني الذي استعمل القوة والضرب صوب طفل بريء استسلم له بكل بساطة بسبب ضعفه. فهل يعقل أن نقف على هذه المآسي في مجتمع محافظ يدين بالإسلام الذي يحث على التسامح والاحترام والعطف على الصغير، إذ يروي شهود عيان أن رمزي المسكين رحمه الله تعرض إلى ضرب مبرح من طرف الجاني في أنحاء متفرقة من جسمه الصغير، وحسب أقرب مقربيه فإن الضربات والركلات كانت بصوب الصدر والرقبة واستمر الجاني في فعلته ودفع الطفل من السلالم في ذلك النفق بمنطقة الأبيار، ولا يتصور العقل الحادثة الأليمة التي راح ضحيتها طفل صغير لا حول ولا قوة له من طرف إنسان راشد عاقل وكبير، فهو ليس بمجنون حسب المعطيات، و كل ما في الأمر حصول مناوشات بينه وبين ابن الجاني مثلها مثل المناوشات التي تحدث بصورة روتينية بين الأطفال، ولحسن الحظ أن ليس جميع الآباء يفكرون بنفس المنطق ولو كان الأمر كذلك لانقرض الأطفال من الجزائر، بحيث عهدنا في مجتمعنا مبدأ الصلح وكانت أمهاتنا وآباؤنا يتسارعون إلى الصلح بيننا وبين أصدقائنا وأبناء جيراننا في الصغر بعد النزاع على لعبة أو غيرها من الأشياء، بل كانت الجارة تمسك الطفلين ابنها وابن جارتها وتؤدبهما معا، وكذلك الأمر بالنسبة للرجال، والسؤال المطروح ماذا حل بمجتعنا اليوم وما أصابه وجعله يتخبط في آفات لم نعهدها بالأمس، بحيث ينتقل الوضع من السيء إلى الأسوأ وننام ونصحو على فواجع لا يرضاها الله تعالى ولا العباد، فكيف لطفل بريء أن يذهب هكذا وهو الذي كان ينعم بالحرية والعيش الكريم وسط أهله، فهل نحن في غابة، بعد أن ساد قانون الغاب بيننا، إلى حد لم يعد يقوى فيه الشخص على حماية نفسه وضمان سلامته، وهي بالفعل فواجع حلت بمجتمعنا المحافظ مما يوجب دق ناقوس الخطر وغرس ثقافة التسامح التي غاب جوهرها وللأسف بين أغلبية الناس وحلت محلها نزعة الانتقام والعنف ورد الثأر الذي عهدناه في زمن القبائل والعشائر. وشن الكل حملة استنكار واسعة لتلك الجريمة الشنعاء التي كانت في حق الطفل رمزي خاصة وأنها سابقة أولى من نوعها في الجزائر تنبئ بخطورة الوضع، لاسيما وأن المعتدي على الطفل هو إنسان بالغ وراشد وألفنا سماع جرائم بين الأطفال أنفسهم تحت وعاء العنف في المدارس، لكن في هذه المرة القضية تتعلق بانتقام رجل لابنه من طفل آخر، وكان انتقاما فظيعا انتهى بإزهاق روح الطفل بأبشع الطرق وكانت الفاجعة التي حلت بالعائلة وبالجزائر ككل كون أن الضحية كان بالإمكان أن يكون من عائلة أخرى والكل مهدد في الوقت الحالي، مما يوجب تحليل هذه الوضعية والحث على التسامح الذي يأمر به ديننا والابتعاد عن كافة صور الانتقام الذي تتعدد سلبياته.