أكد رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته براهيم بوزبوجن أن فعل الفساد أصبح ممكنا بسبب "الاختلالات" المسجلة في تنظيم الإدارات. وأوضح السيد بوزبوجن أنه (إذا كان فعل الفساد يقع بالدرجة الأولى على عاتق العون العمومي الذي اقترفه إلا أن هذا الأخير ما كان لينجح حتما في تحقيقه في غياب الاختلالات المسجلة في التنظيم وفي مسارات اتخاذ القرار وفي رقابة المسؤولين (كل على مستواه) السائدة في إداراتنا). وجاءت مداخلة رئيس الهيئة خلال يوم دراسي حول الوقاية من الفساد ومكافحته كدرس للمفتشين العامين لمختلف القطاعات الوزارية والإدارات الكبرى للدولة. وبعد أن ذكر بأن مخطط عمل الهيئة التي يرأسها (يقوم على مقاربة تعتمد على تقييم مخاطر الفساد) تطرق ذات المسؤول إلى أهمية قيام الهيئة (بحصر المصادر المتكررة والفرص والفاعلين المحتملين) لفعل الفساد. واسترسل قائلا أن (كل استراتيجية سديدة للوقاية من الفساد يجب أن تستند إلى اختصاصات مرتبطة بالحكم الرشيد والاهتمام الخاص الذي يبنغي إيلاؤه لإجراءات الرقابة الداخلية ومدة سريانها وكل إجراء كفيل بتعزيز الشفافية). ويتعلق الأمر أيضا ب(الوعي أنه حتى وإن كان الإجراء المعتمد يخص العون العمومي بشكل خاص، إلا أنه لا يعفي المستخدم (الإدارة العمومية أو المؤسسة) ولو معنويا من مسؤوليته). وأكد السيد بوزبوجن أن ظروف التنظيم والتسيير (تبقى عموما محددة لوجود مخاطر الفساد). وحسب ذات المسؤول فإن إضعاف الإدارة بالفساد يمثل (مصدرا للظلم) وينطوي على (مساس بالأمن العمومي)، مضيفا أن مكافحة هذه الظاهرة تمثل (معركة من أجل استمرارية الدولة والحفاظ على سلامتها الترابية وحقوق المواطن). وبهذه المناسبة أشار السيد بوزبوجن إلى أن هيئته أجرت سبر آراء (لم ينشر بعد) حول تصور السكان لمفهوم الفساد بمشاركة مركز البحث في الأنتروبولوجيا الاجتماعية الذي كشف عن (حذر جلي من الإدارات العمومية). وتطرق من جهة أخرى إلى التشريع الوطني المتعلق بمكافحة الفساد واتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد التي صدقت عليها الجزائر بمرسوم رئاسي في 19 أفريل 2004 والتي قيدت في القانون الداخلي بموجب القانون 06-01 المؤرخ في 20 فيفري 2006. وأشار في هذا الشأن إلى أن مكافحة الفساد (تندرج في إطار السياسات العالمية أي السياسات الهيكلية والمؤسساتية والمقيمة ضمن مقاربة توافقية ومبتكرة). وذكر بأن الجزائر شكلت سنة 2013 محل تقييم من قبل نظرائها بمرافقة مكتب الأممالمتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة الكائن مقره بفيينا. وأظهر التقييم حسب المسؤول الجوانب الإيجابية ل(إدراج الأحكام المتضمنة في فصلي إتفاقية الأممالمتحدة حول محاربة الفساد ضمن القانون الداخلي. ويتعلق الأمر بالفصل المتعلق بالتجريم والكشف والقمع والفصل المتعلق بالتعاون الدولي في المجال الجنائي. ويتمثل الهدف في تسهيل التحقيقات والمتابعات القضائية في قضايا الفساد. واعتبر السيد بوزبوجن أن هذا التقييم يبقى (غير كامل) ويستحق (التعميق) و(التوسيع) ليشمل معايير أخرى على غرار قابلية تطبيق هذه الإجراءات ومدى نجاعتها وتأثيرها على مكافحة الفساد. وأشار المسؤول إلى أن سياسة الوقاية من الفساد (مسألة تمس كل هياكل الدولة كون أخطاره قائمة بها على المستويات الإقتصادية والمالية وكذا على مستوى صلاحيات السلطة العمومية). وتتمثل مهام الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته التي أنشئت سنة 2011 في تنسيق ومتابعة النشاطات والأعمال المباشرة على أرض الواقع بالإعتماد على تقارير دورية ومنتظمة مرفوقة بإحصائيات وتحاليل حول الوقاية من الفساد ومكافحته تودعها لديها القطاعات والمتدخلين المعنيين.