بوغالي يستقبل بنواكشوط وزير الصيد الموريتاني    صناعة صيدلانية: تنصيب لجنة تحضير المؤتمر الوزاري الافريقي المرتقب نوفمبر المقبل بالجزائر    الجزائر تدشن المقر الرسمي للجنة الإفريقية للطاقة    سوناطراك تراهن على التشجير من أجل المحافظة على البيئة    وزير العدل يؤكد دعم قطاعه للاستراتيجية الوطنية لمكافحة المخدرات    انطلاق المعرض الوطني للمرجان والزيوت بمدينة القالة بمشاركة خمسين حرفيا من خمس عشرة ولاية    مشاريع هامة لتوسيع شبكة الطرقات في ولايتي المغير وسطيف    تخرج ست دفعات جديدة من ضباط القوات الجوية بعين أرنات    الأمن السيبراني وأخلاقيات مهنة القضاء محور يوم دراسي    حقوقية صحراوية تستعرض بنيويورك "القمع الممنهج" الذي تتعرض له النساء الصحراويات في الأراضي المحتلة    العدوان الصهيوني على غزة: الأوضاع الصحية والإنسانية في القطاع كارثية    إطلاق منصة شراكة    نظام التقاعد بالجزائر من الأنظمة الأكثر مرونة    الوزير الأول يشرف على فعاليات إحياء اليوم الدولي لمكافحة المخدرات بالجزائر العاصمة    اتفاقية بين أوريدو والكشافة    دور المرأة في حماية الأسرة والمجتمع من مخاطر المخدرات محور يوم دراسي بالجزائر العاصمة    إشادة بمناقب مجاهد الثورة الجزائرية ومناضل القضية الفلسطينية    افتتاح الطبعة ال11 للمهرجان الدولي للإنشاد بقسنطينة    إدراج ماستر كارد في خدمات الدفع الدولي قريباً    الوزير الأول، نذير العرباوي، يترأس، اجتماعا للحكومة    كل ما سخر لإستئصال الآفة، يضاهي جهودنا في مكافحة الإرهاب"    الجزائر نحو ترسيخ مكانتها كوجهة تنافسية لتطوير مناخ الابتكار"    اليونسكو تنشر القائمة الإرشادية للتراث العالمي للجزائر    يوم عاشوراء يوم السادس جويلية القادم    22 شهيدا في قصف الاحتلال    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في قصف الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة إلى 64 شهيدا    عصرنة، تطور تكنولوجي وفعالية عالية لمنظومة الدفاع    الرئيس تبون يدرك التفاصيل الدقيقة للاستثمار.. وممتنّون له الفرصة المتاحة    خدمات إلكترونية لضمان أفضل استقبال للجالية الوطنية    المركز الوطني للسينما والسمعي البصري: الإعلان عن قائمة مشاريع برنامج "هي" للسنيمائيات الجزائريات    الإطلاق الرسمي لتطبيق "Discover Algeria" للتعريف بالتراث الجزائري عبر الوسائط الرقمية    الجزائر جاهزة للعمل مع الشركاء لتنفيذ القانون الدولي    غرة شهر محرم 1447هجري ستكون يوم الجمعة 27 جوان 2025    كرة القدم: نهائي كاس الجزائر بين اتحاد الجزائر وشباب بلوزداد يوم 5 يوليو بملعب نيلسون مانديلا ببراقي    الموافقة على تعيين سفير الجزائر بغويانا    حلّ المركز الوطني للصناعة السينماتوغرافية    إحباط تمرير 8 قناطير من الكيف عبر الحدود مع المغرب    "يوم عصيب" في اسرائيل إثر مقتل 7 جنود في غزّة    1200 مليار لتهيئة الشواطئ    تتويج منتخب ولاية الجزائر باللقب    حينما يتحول المطبخ إلى مرآة للهوية    أيام تكوينية لمرافقة الأفواج الشبانية بتلمسان    لطفي عمروش مطلوب لتولي العارضة الفنية    44 دولة أكدت مشاركتها في الألعاب المدرسية الإفريقية    عرفان بأودان الذي دفع حياته ثمناً لحرية الجزائر    الذكرى ال52 لاستشهاد محمد بودية: إشادة بمناقب مجاهد الثورة الجزائرية ومناضل القضية الفلسطينية    الجزائر من بين أفضل 12 اتحادية    مشاركة 11 فرقة من 10 دول    موتسيبي يعزّي الجزائر    تنصيب لجنة التحقيق في فاجعة ملعب 5 جويلية    كأس إفريقيا سيدات 2024 : المنتخب الجزائري يشرع في المرحلة الثانية من التحضيرات بسيدي موسى    تسليم أولى تراخيص تنظيم نشاط العمرة للموسم الجديد    الجزائر-موريتانيا: فرق طبية من البلدين تجري عمليات لزرع الكلى بالجزائر العاصمة    حادث ملعب 5 جويلية: وفد وزاري يقف على الوضعية الصحية للمصابين    احذروا الغفلة عن محاسبة النفس والتسويف في التوبة    شكاوى المرضى في صلب عمل لجنة أخلاقيات الصحة    التعبئة العامّة.. خطوة لا بد منها    هذه أسباب زيادة الخير والبركة في البيت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن المثقف العربي والحرب
نشر في أخبار اليوم يوم 11 - 08 - 2015


بقلم: أيمن نبيل*
مع تطور نقاشات جينالوجيا المثقف ظهرت أطروحات مختلفة بشأنه بدأت بتعيين زمن ظهور مفردة المثقف بدلالاتها الحالية ونقاش الجينالوجيا والجذور وعمليات التأريخ للمثقف قادت إلى دراسة إشكالات المثقف في سياقه التاريخي مثل علاقته بالسلطة وظيفته موقعه من الخريطة الاجتماعية واجبه الأخلاقي ونقاش وجود واجب أخلاقي بالأساس يخص المثقف وغيرها من الإشكاليات. ومن اللازم في السياق العربي الراهن إثارة نقاشات واسعة حول إشكاليات المثقف العربي تتجاوز الأطروحات التي ظهرت في الخمسين عاما الماضية عن (أزمة المثقف العربي) لأن الثورات العربية في عام 2011 وما يعايشه العالم العربي في اللحظة التاريخية الراهنة خلقت (مرشحات لونية) تمكن الباحث من نقد الواقع بصورة أكثر عمقا كما أنها أحدثت إشكاليات جديدة للمثقف العربي مضافة إلى الإشكاليات والأزمات الكلاسيكية التي رافقته منذ دولة الاستقلال. نقارب المثقف هنا باعتباره صاحب نشاط فكري منتج لخطاب مستغرق جزئياً أو كلياً في نقاش شؤون المجال العام وهذا الخطاب يوجه من خلال وسائط كلاسيكية أو حديثة تمكن المجتمع نظرياً من الاطلاع عليه. هذه مقاربة شديدة التعميم وعربياً يضاف إلى ما سبق أنه بالضرورة مهجن ثقافيا كما حال مثقفي العالم الثالث على العموم والمثقف ليس ابنا بيولوجيا للثقافة الشعبية كما يحاول بعضهم تكريسه في الوعي الجمعي تبريراً لرداءة النخبة بإرجاعها للمجتمع وهذه إحدى ملامحه البنيوية ولكن المثقف الغرب-أوروبي ليس ناتج تصالب ثقافات واضحا. هو في النهاية يتحرك في عالمه الثقافي-الحضاري. أما المثقف العربي فهو هجين و(غير نقي) ثقافيا وهذا ينتج أزمات بنيوية عنده وقد نوقشت كثيراً منها مثلا (عقدة الخواجة) والتي استحكمت في المثقف العربي بتمظهراتها المتناقضة (التبخيس الذاتي/تضخيم الذات (وهناك مجموعة قليلة من المثقفين العرب استطاعت تجاوز إشكالية التكوين المهجن بجهد نفسي وعقلي كبير في الواقع وذلك التجاوز تمظهر في أعمالهم الفكرية وتنظيراتهم في المجال العام).
(أتت الثورات العربية السلمية منها والمسلحة بأزمات جديدة للمثقف العربي ذات محمول أخلاقي في الأساس).
حين اندلعت الثورات العربية كان الاحتجاج السلمي أقرب إلى العقيدة الجمعية عند المحتجين وكانت المسألة الأخلاقية محسومة تماما لصالح المتظاهرين: جهاز قمعي في مواجهة مواطنين عزل. ولهذا كانت هذه الفرصة الأهم والأكبر أمام المثقف للانحياز الأخلاقي ولم يكن هناك مدخل حقيقي لمناهضة فعل الثورة فالأنظمة العربية رثة وفاسدة بحيث لا تسمح للمثقف بأن يقف معها على أساس من فكرة الدولة.
مع نجاح الثورات التونسية والمصرية واليمنية في إزاحة رأس النظام جابه المثقفون مجتمعاتهم ورأوها كما هي بمشكلاتها التاريخية وطموحاتها وأحلامها وأمراضها. وهنا ظهرت تمايزات جديدة فظهر المثقف النقدي/الأخلاقي المواكب للحراك الاجتماعي وظهر المثقف الذي يلعب على بعث أشد نزعات الثقافة الشعبية انحطاطا وهناك من التزم الصمت. وفي موازاة ذلك بدأت الثورتان الليبية والسورية في الكفاح المسلح وهنا ظهر إشكال أخلاقي أمام المثقف النقدي المؤيد للثورة. أولى ملامحه نقاش فكرة الظالم والمظلوم وطرق الرفض لحادثة إهدار الآدمية ثم الخطر الكامن تاريخيا في الكفاح المسلح من غير جهة تنظم العنف على شكل المجتمع وبنيته. وعند تجاوز هذه الإشكالات من منطلق أخلاقي تواجه المثقف مشكلة أخرى هي نقد السلوك اليومي للمظلوم وقد حمل السلاح وهذا أمر ضاغط نفسيا وليس من السهل إنجازه هذا علاوة على إعادة نقد أفكار رئيسية مثل السيادة الوطنية علاقات النظام بالمجتمع وغيرها من المسائل التي يفجرها تسلح المجتمع في معركته مع النظام.
نظريات الحرب
لقد أظهر الكفاح المسلح في كل من ليبيا وسورية غياب نظرية الحرب في الثقافة العربية المعاصرة نظرية الحرب بما هي مقاربة لتساؤل أخلاقي عن الحرب (المحقة) وحدودها وماهيتها وكيف نعرفها وننظر لها وكذلك قلة مثقفي الكفاح المسلح الذين بمقدورهم تفهم حمل المجتمع السلاح بالتوازي مع النقد الواضح للسياسات الكارثية للتشكيلات الثورية المسلحة والسلوكيات اللاأخلاقية التي تحدث عادة حين يحمل المظلوم سلاحا والتفكير بمرحلة ما بعد الحرب بعيدا عن إنتاج الإنشاء مراثي كان أم مدائح أي المثقف الذي يختلف عن كل من مثقفي الكفاح المسلح المؤدلجين في النصف الثاني من القرن الماضي الذين رأى بعضهم في الحرب الأهلية اللبنانية تمظهرا لصراع طبقي! وهؤلاء كانوا مثقفي حروب أهلية ولا تمثل فكرتي الديمقراطية والمواطنة في وعيهم شيئاً وازنا ويختلف عن المثقفين الذين يدعون تلبرلا شائها فينتجون مراثي فقط أو أحيانا يجلدون الضحية ويبكتونها لأنها دافعت عن نفسها وعن الذين يرون في المظلومية صك غفران ودلالة خيرية أبدية وهذه عملية (جوهرة) لا تاريخية للإنسان تجر الكوارث لاحقا سواء في فهم الواقع أو التفكير في المستقبل.
وهكذا أتت الثورات العربية السلمية منها والمسلحة بأزمات جديدة للمثقف العربي ذات محمول أخلاقي في الأساس وسيكون للسنوات المقبلة مفاعيلها على المثقف العربي الذي سيلتفت إلى ضرورة التنظير للدولة ولفكرة الظلم الجمعي وإعادة نقد الربط المكرس بين المظلومية والخيرية والأساس الأخلاقي للوقوف مع المضطهدين وسيكون عليه تقديم نقد معقد للحرب والاقتتال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.