باتنة: وضع حيز الإستغلال لسد بوزينة    قالت تجسد من خلالها الشفافية الفعلية للعملية الانتخابية،مسراتي : الجزائر سعت من خلال تشريعاتها إلى تحقيق منظومة قانونية    بخصوص عدل 3 ،طارق بلعريبي: من تتوفر فيه الشروط يحصل على السكن    في رد للزميلة جريدة"المجاهد "على تغريدة مسيئة لزعيم حزب فرنسي: التغريدة تعبر عن حقد الطبقة السياسية الفرنسية تجاه الجزائر    رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي،الفريق أول شنقريحة من قسنطينة: الجيش سيبقى بالمرصاد لمن يقف وراء تهريب المخدرات إلى الجزائر    استعراض واقع وآفاق التعاون وتعزيز الشراكة    الإفراج المشروط.. دور هام في إعادة اندماج المحبوسين    لعقاب يؤكّد أهمية تكوين الصحفيين    تنسيق جزائري أمريكي بشأن غزّة    مشروع قانون الرقمنة.. لبنة أساسية في مسار التحول الرقمي    تعزيز قدرات تخزين الحبوب عبر 52 ولاية    سونلغاز تضع منشآت طاقوية هامة حيز الخدمة.. قريبا    الوزير الأول يلتقي رئيس مجلس التجديد الاقتصادي    محافظة الطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية: إختتام مشروع توأمة مع مجمع ألماني-هولندي الخميس    المنظمة الإفريقية للتأمينات: المدير العام للصندوق الوطني للتعاون الفلاحي يترأس المؤتمر والدورة ال50 للجمعية العامة    أسئلة في المتناول وترفع من حظوظ النجاح    استنهاض الضمير العالمي لوقف الجرائم ضد أطفال فلسطين    العدوان الصهيوني على غزة: إستشهاد 8 من عناصر أمن في إستهداف لمركبتهم في دير البلح    العدوان الصهيوني: "الأونروا" تعلن توقف محطات هامة لتحلية المياه عن العمل في غزة    المغرب: تنديد بتبني المقاربة الأمنية في مواجهة موجة الإحتجاجات المتنامية في كل ربوع المملكة    جميع مباريات الجولتين 28 و29 بدون جمهور    بيتكوفيتش يضع اللّمسات الأخيرة قبل مواجهة غينيا    أحزاب تدعو للتوافق على مرشّح للرئاسيات    حجز كوكايين بسطيف    ضرورة تسيير النفايات المنزلية كاقتصاد تدويري    انطلاق إنجاز مشروع طبي اجتماعي للفنان.. قريبا    تباحث تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين    المنتخب الوطني يختتم تربّصه بفوز على نادي آقبو    "الحج، أسرار ومقاصد" موضوع ندوة علمية    الوادي.. إنجاز 20 محوّلا كهربائيا استعدادا للصائفة    الاحتلال يصعّد قصفه للصّحراويّين في الأراضي المحرّرة    مهرجان مسرح الهواة.. استمرارية وثبات في دعم المبدعين    تمديد آجال التكيف مع القانون المتعلق بالصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية    "فايجة اللبن".. لوحة فنية لإنسان ما قبل التاريخ    لماذا يسعى بايدن لإنهاء الحرب على غزة وفرض "مبادرة سلام" على نتنياهو؟    ورقلة.. قافلة تحسيسية للوقاية من خطر التسمّمات    تحمل اسم العلامة "محمد البشير الابراهيمي"..تخرج الدفعة ال10 للمتصرفين الرئيسيين لمصالح الصحة    المسيلة.. تصريف مياه أمطار غمرت عدة منازل ببوسعادة    عثر عليها بقصر بغاي بخنشلة.. لقى أثرية وقبور تعود إلى الفترتين البيزنطية والإسلامية    عن قصيدته "ما تساقط من غيمة الوجد"..الجزائري صدام عيسى بوعزيز يتوج بجائزة كتارا للشعر العربي    أصحاب المهن الحرة مدعوون لتسوية وضعيتهم قبل 30 يونيو الجاري    موظف البنك الذي قهر برشلونة قبل تدريبه    هذه أسباب تسلّط الجن على بني آدم..    مبابي يوقّع للرّيال    حلٌ لمواجهة غلاء الأضاحي    النظام المغربي يُشارك في قتل الفلسطينيين!    هل كان التباعد الاجتماعي مجرّد وهم؟!    "موبيليس" يهدي شريحة هاتف مجانية للحجاج    جاهزون لمساعدة بيتكوفيتش وأدعو المناصرين لدعم "الخضر"    انطلاق تكوين الوحدة السادسة لإجازة "كاف برو"    أدب الطفل يعاني الاستسهال والتطفل.. والجودة غائبة في النصوص التربوية    فوز الفيلم الجزائري "ما فوق الضريح" بجائزة أفضل إخراج    رشيد غزال يودّع بشكتاش التركي برسالة مؤثرة    ثلاثة أشقاء يروّجون المخدرات أمام المدارس    مواقف تَرْبَويّة نبويّة مَعَ الشباب    لا تتبرّكوا بجدار أو باب ولا منبر ولا محراب..    جبر الخواطر.. خلق الكرماء    ليشهدوا منافع لهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا جزاء الصوم في أيام الحر والصيف
نشر في أخبار اليوم يوم 11 - 06 - 2016


* الشيخ أبو إسماعيل خليفة
إن الله سبحانه وتعالى قد أنعم علينا بمواسم وأزمنة لمضاعفة أجور الطاعات ومن هذه المواسم الفاضلة شهر رمضان الذي جعل فيه من جلائل الأعمال وفضائل العبادات وخصه عن غيره من الشهور بكثير من الخصائص والفضل زد على ذلك أن كان من قدر الله علينا أن جعل رمضان هذا العام في شهر الصيف وقت اشتداد الحر وطول النهار وقصر الليل وشدة الظمإ ومعروف أنه كلما وُجدت مشقةٌ في العبادة كلما كان أرفع للدرجات وأحط للخطيئات فالأجر المترتب على العبادة يزداد بازدياد المشقة الطارئة على العمل غير المقصودة لذاتها كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها في الحج: (أجرك على قدر نَصَبك) أي تعبك.
ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن تبعه من السلف الصالح يبادرون إلى الطاعات ويسارعون إلى جنة عرضها الأرض والسماوات بصيام النفل في زمن المشاق. فأما إذا كان الصيام صيام فرض وصاحَبَه الإخلاص وحسن العمل والاحتساب وابتعد عن الرياء والشكوى كان الأجر أكبر. نعم كانوا -رضوان الله عنهم- يفرحون بطول النهار ليصوموا رغم العطش الشديد والظمأ في الهواجر فينالوا بذلك درجة الصبر التي قال الله عنها سبحانه: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَاب). الزمر:10.
ثبت في الصحيحين عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: (لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في اليوم الحارّ الشديد الحرّ وإنّ الرجل ليضع يده على رأسه من شدّة الحرّ وما في القوم أحد صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن رواحة). وفي رواية أن ذلك كان في شهر رمضان. وعَنْ قَتَادَةَ أَنَّ عَامِرَ بْنَ عَبْدِ قَيْس لَمَّا حَضَرَه الموت قَالَ: مَا آسَى عَلَى شَيْء إِلَّا عَلَى قِيَامِ الشِّتَاءِ وَظَمَأِ الْهَوَاجِرِ. وَلما حضرت حُذَيْفَةَ بن الْيَمَان الْوَفَاةُ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي كنت أخافك وَأَنا الْيَوْم أرجوك اللَّهُمَّ إِنَّك تعلم أَنِّي لم أكن أحب الْبَقَاء فِي الدُّنْيَا لجري الْأَنْهَار وَلَا لغرس الْأَشْجَار وَلَكِن لظمأ الهواجر وَقيام اللَّيْل ومكابدة السَّاعَات. وَمثل هَذَا يرْوى عَن مُحَمَّد بن الْمُنْكَدر -رَضِي الله عَنهُ- أَنه لما نزل بِهِ الْمَوْت بَكَى فَقيل لَهُ مَا يبكيك؟ فَقَالَ: مَا أبْكِي حرصا على الدُّنْيَا وَلَا جزعا من الْمَوْت وَلَكِن أبْكِي على مَا يفوتني من ظمأ الهواجر وَقيام ليَالِي الشتَاء.
أيها المسلمون: الصوم في الصيف جزاؤه الريّ والسُّقيا يوم العطش لمّا صبر الصائمون لله في الحرّ على شدّة العطش والظمأ أفرد لهم باباً من أبواب الجنة وهو باب الريان من دخله شرب ومن شرب لم يظمأ بعدها أبداً فإذا دخلوا أُغلق على من بعدهم فلا يدخله غيرهم هذه أُولى فوائد اجتماع الصيف برمضان أعني: عظم الثواب والأجر. عن سهل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال أين الصائمون فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد).
قال ابن رجب رحمه الله في اللطائف: (كانت بعض الصالحات تتوخى أشدّ الأيام حرّاً فتصومه فيقال لها في ذلك فتقول: إنّ السِّعر إذا رخص اشتراه كل أحد تشير إلى أنها لا تُؤثِر إلا العمل الذي لا يقدر عليه إلا قليل من الناس لشدته عليهم وهذا من علوّ الهمة).. ونقل أيضا رحمه الله عن بعض السلف أنه قال: (بلغنا أنه يوضع للصُّوَّام مائدة يأكلون عليها والناس في الحساب فيقولون: يا رب نحن نُحَاسَب وهم يأكلون فيقال: إنهم طالما صاموا وأفطرتم وقاموا ونمتم).
نعم الله
روي أنه لما مرض معاذ بن جبل رضي الله عنه مَرَضَ وفاته قال في الليلة التي تُوفي فيها: أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار مرحبًا بالموت حبيبًا جاء على فاقة اللهم إني كنت أخافك وأنا اليوم أرجوك اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب البقاء في الدنيا لجري الأنهار ولا لغرس الأشجار ولكن لظمأ الهواجر ومكابدة الليل ومزاحمة العلماء بالركب عند حِلَقِ الذكر. لم يتأسف _ رضي الله عنه - على مال ولا ولد ولم يبك على فراق نعيم الدنيا ولكنه تأسف على قيام الليل ومزاحمة العلماء بالركب وعلى ظمأ الهواجر بالصيام في أيام الحر الشديد..
أسأل الله العلي القدير أن يجعلني وإياكم ممن وُفّق فأحسن العمل والقصد وجنا من الدنيا خير زاد ليوم المعاد إنه وليّ ذلك والقادر عليه.. أقول قولي هذا..
أيها المسلمون: عليكم أن تستشعروا في هذا الفصل عظيم نعمة الله عليكم حين يسّر لكم من وسائل التبريد والتكييف المختلفة ما تطمئن به النفوس وتتّقون بها أذى الشمس وسمومها فهذه أجهزة تقلبُ الصيفَ شتاءً وتخففُ من لأواءِ الهجير وتطفئُ لهبَ القيظ في المنزل والمسجد والسيارة والعمل.
هل تأملنا ذلك فشكرنا ربنا على ذلك ؟!.
هل تأملنا فيمن يسكنون بيوت القصدير والخيام والقش فحمدنا ربنا وعبدناه حق عبادته؟.
ألا إن هذا يدعونا لأن نتذكر أسراً تعيش بيننا لا يملكون ما نملك من هذه الوسائل الحديثة وإن ملكوها فلا يستطيعون دفع ما يترتب على عملها من أموال فأعينوهم - عباد الله - واحتسبوا الأجر من الله قال تعالى: وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيراً وأعظم أجراً وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اتقوا النارَ ولو بشق تمرة وقال أيضاً: والمؤمن في ظل صدقته يوم القيامة. يروى أن امرأة من الأعراب كانت جوادة مفرطة ولا سيما على الفقراء حتى تضرر أهلها منها فحبسوها ومنعوها الطعام والشراب أياما متتابعة ظنا منهم أن الجوع يجعلها تعرف قيمة المال فتحافظ عليه ولا تضيعه ولكن تجربتهم أخفقت ودرسهم العملي أحدث عكس المطلوب منه إذ بعد أن وثقوا من تأديب الجوع لها أخرجوها وناولوها كيسا من الدراهم وما إن رات أول سائل حتى ناولته الكيس جميعه قائلة: إني أبذل ما أبذل وأنا لا أعرف ما يقاسيه المعدمون من بلاء أما الآن وقد ذقت طعم الجوع وتجرعت مرارته فإني أعاهد الله أن لا أجد شيئا إلا أسرعت ببذله في الحال.
ألا فخذوا أروع الدروس في السموّ بالنفوس من سموّ هذه النفوس. واغتنموا رحمكم الله هذه الشهر وعرفوا قدره وقدروا له قيمته واحترموه واشغلوا أوقاته بالطاعات والقربات فإن الفرص لا تدوم ولا يبقى إلا الحي القيوم.
فاللهم أعنا على أنفسنا وقوّنا حتى نستقيم على أمرك وقنا شرّ أنفسنا والشيطان وتقبل من الصيام والقيام واحشرنا في زمرة خير الأنام اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل اللهم إنا نعوذ بك من تحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك اللهم نبهنا من رقدة الغافلين ومن علينا بعفوك يا أرحم الراحمين. اللهم آمنا في الأوطان والدور وأصلح الأئمة وولاة الأمور واعصمنا من الفتن والشرور اللهم إنا نسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم والفوز بالجنة والنجاة من النار برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات. اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.