بقلم: حمادة فراعنة* في محاولة لتسويق نفسه أمام المجتمع الإسرائيلي الأكثر يمينية وتطرفاً من بين صفوفه مستغلاً موقعه كوزير للحرب في حكومة تل أبيب العنصرية التوسعية الاحتلالية يتطلع ليبرمان كي يكون مرشحاً لرئاسة الحكومة المقبلة بعد رحيل نتنياهو بديلاً عنه ولذلك يسعى عبر مقايضة دماء وتضحيات الشعب الفلسطيني ومعاناته على أرض وطنه المعذب بفعل الاحتلال وبسببه ومن قبل أدواته العسكرية والأمنية يسعى ليبرمان لتوفير الأمن والتوسع ورفاهية المستوطنين ومشروعهم الاستعماري التوسعي على حساب الفلسطينيين وزيادة الضغط عليهم وفقدان فرص الحياة والتقليل منها وجعل أرضهم طاردة لهم. برنامج ليبرمان المستجد ولا جديد في مضمونه يقوم على عاملين: أولهما زيادة وسائل القهر والتعذيب والطرد وهدم البيوت والعقوبات الجماعية للشعب الفلسطيني وجعل حياتهم اليومية قاسية لا تطاق لأبعد مدى وثانيهما دفع الفلسطينيين للانحناء والتذيل وقبول الواقع والتكيف معه وفق سياسات الاحتلال وبرامجه ومشاريعه والدفع باتجاه إيجاد قيادة بديلة عن منظمة التحرير وتحالفها الجبهوي العريض الذي يضم مختلف الفصائل والشخصيات والمكونات والجاليات الفلسطينية. ليبرمان يتوهم أنه يستطيع هزيمة الشعب الفلسطيني وتركيعه وفرض تكيفه مع الواقع المفروض وما يمثله المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي من استمرارية الاحتلال والاستيطان وتهويد فلسطين وأسرلتها غير مستفيد من تجربتي إسحق رابين وأرائيل شارون الموصوفين على أنهما من _ أبطال إسرائيل _ وهزمهما الشعب الفلسطيني. إسحق رابين هزمته الانتفاضة المدنية الشعبية التي إنفجرت عام 1987 ودفعته للتسليم أمام بسالة الفلسطينيين واستعدادهم العالي للتضحية وضمن حركة جماهيرية حزبية منظمة قادتها فصائل منظمة التحرير مجتمعة كل وفق قدراته وإمكاناته دفعته نحو الإذعان والاعتراف بالعناوين الثلاثة عام 1993 الاعتراف بالشعب الفلسطيني وبمنظمة التحرير وبالحقوق السياسية المشروعة للفلسطينيين تجسد ذلك بإتفاق أوسلو وما أسفر عنه من إنسحابات إسرائيلية تدريجية بدأت بغزة وأريحا أولاً وتتالت مع باقي مدن الضفة الفلسطينية مع ولادة السلطة الوطنية كمقدمة لقيام الدولة المنشودة ولكن قتل رابين على يد اليمين المتطرف وسقوط شريكه شمعون بيرس أمام نتنياهو وصعود اليمين المتطرف الرافض لاتفاق أوسلو وما أسفر عنه من نتائج أفشل مشروع التسوية كلياً وتم إحباط المسار برمته وهو يرواح مكانه الآن في ظل عجز فلسطيني وتطرف إسرائيليي غير مقيد. وشارون الذي تولى السلطة على أنقاض أوسلو ونتائج تدمير مساره ومكوناته أعاد احتلال المدن الفلسطينية في شهر مارس 2002 والتي سبق وانحسر عنها الاحتلال بفعل الانتفاضة الأولى واتفاق أوسلو سعى لتدمير الذات الفلسطينية ومؤسسات السلطة واغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات وأمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو علي مصطفى وأبرز قيادات حركة حماس وفي طليعتهم الشيخ أحمد ياسين ولكنه تراجع أمام قوة الانتفاضة المسلحة وعملياتها الاستشهادية النوعية منذ عام 2000 فرحل عن قطاع غزة عام 2005 بعد أن أزال المستوطنات وفكفك قواعد جيش الاحتلال مرغماً بسبب ضربات المقاومة الفلسطينية وبسالتها. ليبرمان يتوهم أنه سيدخل التاريخ متفوقاً على رابين وشارون ونتنياهو وأنه سيدفن الشعب الفلسطيني تحت غطاءات الذل والسكينة ومنع حقه في الحياة وعدم استرداد حقوقه الكاملة غير المنقوصة حقه في المساواة في مناطق 48 وحقه في الاستقلال في مناطق 67 وحق اللاجئين في العودة واستعادة ممتلكاتهم المنهوبة من الدولة العبرية . الفلسطينيون هزموا رابين مثلما هزموا شارون وهم سيهزمون نتنياهو رغم تفوق الإسرائيليين الذاتي ودعم الطوائف اليهودية النافذة في العالم لهم وإسناد وغطاء الدولة الاقوى الولاياتالمتحدة لبرامجهم ومشروعهم الاستعماري التوسعي لأن الفلسطينيين يمكلون العدالة ولا خيار لهم سوى العيش والكرامة على أرضهم التي لا أرض لهم سواها ولذلك سيواصلون الحياة المقرونة بالنضال والتضحية لأنهم ينبذون الذل والسكينة والاحتلال ويعشقون الحياة وينحازون لها مثل كل الشعوب وكافة أفراد البشر ولن يضيف ليبرمان مجداً من الغطرسة والقمع والعمل الأسود المقيت ضد الشعب الفلسطيني بقدر ما سوف يُطيل عامل الزمن على وجع الفلسطينيين إضافة إلى وجع الإسرائيليين الذين لن يستقروا بأمن وطمأنينة على أرض فلسطين بدون أمن واستقرار وكرامة وحرية الفلسطينيين.