الاتحاد البرلماني العربي يشيد بجهود رئيس الجمهورية في نصرة القضية الفلسطينية و توحيد كلمة العرب في المحافل الدولية    استعدادا لمواجهتي تصفيات كأس العالم 2026..معسكر "الخضر" ينطلق الاثنين القادم    ملاكمة/أولمبياد 2024 : الجزائري يوسف اسلام ياعيش يتأهل للدور ال16    بيب غوارديولا يحدد موعد رحيله عن مانشستر سيتي    الشلف : وضع حدا لنشاط مروجين للمؤثرات العقلية وحجز 289 قرص مهلوس    خلال مشاركتها في مراسم احياء اليوم الوطني للكشافة الإسلامية الجزائرية..مولوجي تدعو إلى مواصلة تكريس البعد التثقيفي في بناء قادة المستقبل    طبعتها السابعة..الجائزة الكبرى آسيا جبار للرواية.. 24 رواية في القائمة الطويلة    المهرجان الوطني لأدب وسينما المرأة بسعيدة..فيلم "وردة الصحراء" يفتك جائزة "الخلخال الذهبي"    محادثات موسعة بين رئيس الجمهورية والوزير الأول السلوفيني    تمويلات دولية: افتتاح أشغال الجمعيات السنوية للبنك الافريقي للتنمية بنيروبي تحت شعار الاصلاح    إغتيال الصحفيين بغزة: منظمة "مراسلون بلا حدود" تتقدم بشكوى جديدة ضد الإحتلال الصهيوني    وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية يشارك بجنيف في منتدى القمة العالمية لمجتمع المعلومات    رئيس الوزراء الفلسطيني يطالب بالضغط على الكيان الصهيوني لوقف قرصنة أموال الفلسطينيين    اتصالات الجزائر تعلن عن تخفيض أسعار الأنترنت غير المحدود ورفع سرعة التدفق    لجنة الفتوى للبعثة الجزائرية للحج تعقد اجتماعا تنسيقيا    لقاء بوزارة الصحة حول مخطط المريض والتدابير الاستباقية لفصل الصيف    هدنة :99 بالمئة نسبة التغطية الكهربائية بالوطن    مقرمان يستقبل الوزير السابق المصري للسياحة والآثار، المرشح لمنصب مدير عام "اليونيسكو"    كريكو ترافق مجموعة من الأطفال في زيارة الى القطب العلمي والتكنولوجي بسيدي عبد الله    عطاف يدعو المجتمع الدولي إلى الإبقاء على الضغط لضمان انضمام فلسطين الى الأمم المتحدة    أحزاب تدعو تبّون إلى الترشّح للرئاسيات    معالجة 9 قضايا سرقة وتوقيف 24 شخصاً    أمن سطيف يفكك شبكة مختصة في التزوير    الجزائر تُجدّد الحرص على استكمال الجهد الجماعي    البكالوريا: هذه تفاصيل الترتيبات التنظيمية..    مُخرجات اللقاء الخامس تُقدّم اليوم    طلبة جزائريون يُتوّجون في مسابقة هواوي    أرقام صادمة عن حرب الصهاينة على الأطفال    وزير الصحة يشارك في لقاء عربي بجنيف    استغلال حوضي الغاز والبترول بالبحر يضاعف مداخيل المحروقات    بحث فرص التعاون وإرساء شراكة في مجال الطاقة    المقاومة تقصف عمق الكيان الصهيوني    الاعتراف بدولة فلسطين عدالة لشعبها    بومرداس تجنّد قدراتها لحملة صيد التونة    أخلاقيات المهنة وقواعدها محور يوم دراسي ببسكرة    منظمات أوغندية تعبّر عن دعمها لكفاح الشعب الصحراوي    برامج جديدة لتحسين خدمات الطاقة بقسنطينة    "الجزائرية للمياه" تدعم شبكتها بعين تموشنت ب 13 بئرا    إدارة ماريبور السلوفيني تقرر تمديد عقد سوداني    بن ناصر باق مع ميلان الإيطالي الموسم المقبل    بكرار يشيد بدعم مدربه في نيويورك سيتي الأمريكي    تكريم الفائزات في مسابقة المرأة الكاتبة والشاعرة بغرداية    التشكيلي اعمر بريكي يعرض آخر أعماله    بونة تحتضن الأيام الوطنية للرقص العصري والموسيقى الشبابية    الجزائر تؤكد على الحق في الاستخدام السلمي للتطبيقات النووية    الدرك يسترجع سيارة وشاحنة محل سرقة    تفكيك عصابة مختصة في السرقة    مقترح جزائري لإنشاء مركز دولي للتلقيح بتمنراست    ضبط آخر الترتيبات لاستقبال الحجاج الجزائريين بمكة    اتحاد الجزائر يهزم أولمبي الشلف    "الفنان الصغير".. مسابقة للأطفال المبدعين..    ليشهدوا منافع لهم    جبر الخواطر.. خلق الكرماء    ركح تلمسان يحكي.. عروض وقراءات درامية    رسالة إلى الحجّاج..    بونجاح يتوّج بآخر ألقابه في قطر    هذه صفة حجة النبي الكريم    الإخلاص لله والصدق مع الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



السّياسات العربية الخاطئة في مواجهة إيران
نشر في أخبار اليوم يوم 07 - 10 - 2018


بقلم: عميرة أيسر
تحاول الأنظمة العربية دائماً صناعة أعداء لشعوبها خدمة لأهدافها واستجابة لمصالحها الضيقة فبعض الأنظمة العربية ومن بينها السعودية على وجه الخصوص نجحت في تحويل إيران إلى العدو الأول للعرب لدرجة جعلت بنيامين نتنياهو يقول إن (الدول العربية تنظر إلينا كحليف لها ضد إيران) فما لم تنجح إسرائيل في تحقيقه طيلة أكثر من ستة عقود من الصراع العربي الإسرائيلي أي التطبيع مع الكيان الصهيوني تريد أنظمة الخليج اليوم وخاصة النظامين السعودي والإماراتي أن تقنعنا بأن العدو الأول للعرب ليس إسرائيل التي قامت على أنقاض دولة فلسطين العربية وتشريد شعبها وإنما هي إيران التي تهدّد كيان العرب ووجودهم.
يُقال أن إيران هي العدو لأنها تتدخّل في الشؤون العربية ولكن أليس التدخّل الأميركي والإسرائيلي والروسي والغربي في المنطقة هو أقدم وأسوأ وأخطر من التدخّل الإيراني حتى إن تهمة التدخّل الإيراني في الشؤون العربية وفي دول مثل سوريا والعراق واليمن وقبل ذلك في لبنان وفي فلسطين قد جاء بطلب أو برضا من حكومات تلك الدول أو قوى مؤثّرة موجودة على أرضها لكن السعودية وغيرها تدخّلت ودعمت دولاً أخرى لم تتدخّل فقط في الشؤون العربية وإنما دمّرت دولاً عربية وقتلت وشرّدت شعوبها واحتلت دولها مثلما فعلت أمريكا في العراق وفعلت دول غربية في ليبيا وفعلت وما زالت تفعل في العراق وسوريا دول مثل تركيا وروسيا فلماذا يتم التعامل مع كل هذه التدخّلات بمكيالين مختلفين؟
بعد قيام الثورة الإيرانية والقضاء على حُكم الشاه انسحب البساط من تحت أميركا و إسرائيل وحلفائهم في المنطقة وكان أول ما قامت به الثورة الإيرانية عام 1979م هو طرد السفير الإسرائيلي من طهران ووضع العَلَم الفلسطيني على مبنى السفارة الإسرائيلية في إيران والذي سلّمته الثورة الإيرانية إلى منظمة التحرير الفلسطينية كما وتم اختيار الحرف العربي بدل الحرف اللاتيني لكتابة الفارسية في المدارس والجامعات والإدارات الإيرانية وذلك كبادرة يمكن اعتبارها حسنة وتصبّ في مصلحة العرب في المنطقة.
لكن ما حصل فعلاً هو أنه ازداد الخوف من أن تنتقل عدوى ما حصل في إيران من ثورة إلى الدول المجاورة التي تدور في فلك أميركا وأعوانها وهكذا تم التفكير بالانتقام من إيران عن طريق تحريض العراق مدعوماً من أنظمة عربية ساندته بالمال والسلاح والعتاد والرجال وبعدها كانت الحرب التي حصدت من الأرواح المسلمة ما حصدت ودمّرت ما دمّرت عند الطرفين طبعاً بعد انتهاء الحرب تغنّى العراق والعرب بالأمجاد وبدا صوت العراق يعلو على صوت من ساعدوه في الحرب كما وبدأ يكون له شخصية قوية واضعاً إسرائيل نصب عينيه وهنا وقع في المحظور وكان لا بدّ من التخلّص منه وذلك عن طريق إقناع العراق مرة أخرى بأن له حقوق في الكويت وهكذا غزا صدّام الكويت ما أشاع الخوف في دول الخليج الأخرى وعندها وقع العراق في الفخّ الذي نُصِبَ له وتدخّلت أميركا وحلفاؤها لتحرير الكويت واستطاعت أخيراً إيجاد موطئ قدم عسكري لها في منطقة تحوي على أكبر مخزون نفطي في العالم وبطلب أهلها كما واستنزفت مليارات الدولارات من دول الخليج والتي كان من شأنها أن تحقّق أضخم وأكبر تنمية عربية لدول المنطقة وشعوبها.
وهكذا نلاحظ كيف أن سياسات الدعاية الخاطئة والحسابات المزاجية والرهانات الخاوية قادت المنطقة العربية إلى أن تكون ساحات للحروب البديلة للقوى الإقليمية وتحويل الشعوب في أكثر من دولة عربية إلى وقود لهذه الحروب التي لا ناقة ولا جَمَل لهم فيها ولم ترث منها سوى فناء وتشريد مواطنيها وخراب بنيانها وتدمير وتقسيم دولها.
أما إيران فقد كرّست جهدها لبناء قوّتها الذاتية العلمية والعسكرية وتحقيق اكتفائها الذاتي ووضعت نفسها في مصاف القوى الإقليمية المؤثّرة بل وطوّرت حتى من أسلوب دعايتها السياسية الذي تحوّل من شعار (تصدير الثورة) إلى (مناصرة المظلومين) وكان حرّي بالأنظمة العربية بدلاً من محاربة إيران أن تتعلّم من النظام الإيراني وتكسبه كحليف لها لا أن تحوّله إلى عدو لها وتؤجّج شعوبها ضدّه كما أنها تسعى الآن إلى خنق إيران اقتصادياً بعدما عجزت عن فعل ذلك عسكرياً والشاهد على ذلك هو تكسير السعودية لأسعار البترول لتدمير الاقتصاد الإيراني من الداخل.
إيران اليوم تبني علاقاتها المستقبلية مع الصين كما وبنت علاقة إستراتيجية مع روسيا التي ظلت أنظمة عربية تُعاديها بهدف التقرّب إلى أميركا رغم خذلانها لها في أكثر من مناسبة فيما أصبحت روسيا تتعامل مع الوجود الميليشاوي الإيراني في سوريا باعتباره جزءاً من المسألة السورية هذا وتقاربت مع تركيا وذلك على الرغم ما شهدته العلاقات الإيرانية التركية بين إيران الصفوية وتركيا العثمانية وهو صراع مذهبي وقومي ومع ذلك فقد تجاوزت الدولتان خلافاتهما العقائدية والمذهبية وحروب الماضي بينهما من أجل النظر إلى مصالحهما المستقبلية المشتركة كما عملت وتعمل إيران على تحسين علاقتها مع الغرب لأن الاتفاق النووي ليس ثنائياً بل متعدداً ويضم دولاً دائمة العضوية في مجلس الأمن لهذا دخلت أوروبا في مفاوضات مباشرة مع إيران وذلك حتى لا يذهبوا بعيداً في خصومتهم مع بعضهم البعض وللمرة الأولى ربما تجد واشنطن نفسها بمفردها في مواجهة إيران.
كما أن خلاصة التجربة الدبلوماسية الأميركية للتعامل مع هذه الدولة في ظل أنظمة مختلفة حكمت طهران هي إستراتيجية شبه ثابتة تعترف بوجود مواطن اختلاف لا حصر لها بين طهران وواشنطن لكنها في الوقت ذاته تقرّ بأهمية خفض مستوى ردود الأفعال الأميركية لتبقى عند التعاطي الدبلوماسي والتفاوض المباشر أو غير المباشر وبالمنطق السياسي فإن ما يحدث لا يشي بعداوة أو خصومة دائمة وإنما يكشف عن تلاق في المصالح وتغافل عن الكوارث ولا دليل أوضح من ترك الولايات المتحدة العراق في قبضة إيران وذلك منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003 م.
الغرب وأمريكا تحديداً تعرف إن أفضل وسيلة للتعامل مع الطموحات النووية الإيرانية هي التفاوض فإيران الخمينية بشكل ما تُعدّ عدواً للغرب لكنه عدو قد يحتاجونه ويحافظون على بقائه متماسكا بالقدر الذي يحقّق مصالحهم إنها ليست عداوة صفرية بل عداوة تسعى لتقليم الأظافر أو تخفيف الطموحات أو تهدئة الاندفاعات.
أما الأنظمة العربية فقد فرّطت في حلفاء إقليميين ودوليين لشعوبها (تركيا وإيران) وأنفقت أموال هذه الشعوب في شراء صداقتها مع أميركا المخادعة فيما نجحت هذه الأنظمة العربية عبر تاريخها المعاصر فقط في صنع أعدائها وخصومها وهم أعداء أميركا و إسرائيل ولا أحد يستطيع أن ينكر ذلك فالهدف هو زرع الخوف في دول الخليج من عدو افتراضي لإجبارهم على شراء الأسلحة ثم تكديسها وتحويل هذه الدول إلى مخازن أسلحة تستخدم عند اللزوم من قِبَل أميركا وحلفائها.
إيران لن تتوقف أو تتراجع عن مشروعها في المنطقة كما لن تتخلّى عن أذرعها في أرجاء الإقليم لأنها ترى بأنها الأكفأ والأقدر على السيطرة على المنطقة العربية وهي تطرح نفسها باعتبارها متفوّقة على جيرانها العرب وأنها منفصلة عن بقية هذا المحيط ثقافياً وسياسياً واثنيا فسياسات إيران الإقليمية هي امتداد للسياسة الداخلية والمبنية على تعزيز هامش الأمن القومي وضمان المصالح والقِيَم الأساسية للنظام ومحور هذه السياسات الإقليمية يقوم على أساس معارضة تواجد الدول الأجنبية المزعزع للاستقرار في المنطقة والدفاع عن نفسها خارج حدودها وعن الشعوب المظلومة ومكافحة الإرهاب كما أن القدرات الصاروخية الإيرانية تم تصميمها وفقاً لتجربة الدفاع المقدّس ومدى التهديدات التي تحدق بها وأيضاً لا يتوقع أن تبذل الدول الغربية جهداً حقيقياً لوقف التمدّد الإيراني ربما يضغطون لتعطيله أو تجميده لكن سيظل قائماً وأقصى ما تفعله هذه الدول وضع خطوط حمراء على استحياء حتى لا تتجاوزها طهران وربما تضغط لحلحة الأمور هنا أو هناك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.