تغزو أسواقنا يوما بعد آخر بعض المنتوجات الخطيرة التي تهدد صحتنا، والتي لا تقتصر على بعض المأكولات والملابس، ولكن حتى بعض المواد التي يروج ها البعض على أنها مواد سحرية تمكن المواطن من الحصول على الرشاقة التي يريدها في اقصر وقت، بل ودون اللجوء إلى الطبيب. مصطفى مهدي. البداية من الفضائيات قد يبدو هؤلاء الذين يقبلون على تلك المواد التي لا يعرفون عنها شيئا، قد يبدون مجانين، ولكن من ذا الذي يُقاوم تلك العبارات التي يطلقها بعض الباعة في الأسواق الفوضوية:"جال ينقص خمسة كيلو في الشهر" وما إن يقترب الزبون، أو الزبونة، يضيف:"بلا ما تنقصي الأكل ولا شيء" فإن حمل ذلك الزبون علبة الجال تلك، يسارع البائع إلى إقناعه بفوائده المزعومة، والتي تمكن واضعه على البشرة من إنقاص الوزن، بل وحسب العبارات التي يستعملها بعض أولئك الباعة فإنّ له قدرة سحرية على إنقاص الوزن، والأدهى من ذلك أنه ليس باهظ الثمن، بل إن قارورة "الجال" الواحدة من 250 غرام، تباع بخمسين دينار، وتكفي مستعملها لمدّة شهر كامل. كان هذا في مارشي 12 الذي مررنا بها، ولكن لم يكن هو وحده المروج لهذه المنتوجات المشبوهة، بل البداية عادة ما تكون من بعض القنوات العربية، والغربية، ومن بين تلك القنوات، قناة "بور تيفي" الموجهة إلى الجالية المغاربية، والذي يتم إستقطابها عبر الهوائيات المقعرة، تقول لنا نجية التي كانت بصدد شراء علبتين من ذلك "الج":ليست المرة الأولى التي أرى فيها هذا الجال بل أنهم يروجون له عبر قناة بور تيفي، ويحضرون أطباء واختصاصيين، وكل شيء، ويجمعون كلهم على نجاعته، ولا يمكن أن يكذبوا في مثل هذه الأشياء،هذا غي معقول، ولم اعتقد انه يباع عندنا إلاّ عندما شاهدته اليوم، ولقد رأيت ما مدى فعاليته". أجهزة تُنقص عشرة كيلو في عشرة أيّام! لا يقتصر الأمر على "الجال" ولكن على بعض الأجهزة التي توضع على الجسد، و التي من المفروض أنها تنقص الوزن، حيث يضعها الشخص على الموضع الذي يعاني فيه من زيادة في الوزن، ويشغلها، إذ أنها تعمل بواسطة بطاريات، هي أجهزة نالت قسطا كبيرا من الشهرة عبر الفضائيات، وكثيرة من تلك الفضائيات مشبوهة، مثل تلك قناة "ايسكا" الإيطالية التي تخصص الفترة الليلية للتشهير بتلك المنتجات، والتي يراها الجزائريون مكن وراء البحار، ويعجبون بفعاليتها، او بما يصوره القائمون على القناة وعلى تلك الومضات الإشهارية، من عينات لاشحخاص شفيوا، أو تخلصوا من وزن زائد قد يصل إلى العشرة كيلوغرامات في أقلّ من عشرة أيام! والسؤال الذي يطرح هنا عن تلك الأجهزة التي وإن كانت فعالة لتلك الدرجة، فإنها من المفروض أن تحدث ضجة، فهي أحد أمرين: إما أنها ليست فعالة كما يروج هؤلاء لذلك، وإمّا أنها فعلا تنقص الوزن، ولكن تصيب أضرارا بالصحة. سألنا نسرين، والتي بلغت السابعة والعشرين من العمر، كانت ستقتني ذلك الجهاز في نفس السوق، قالت:" في الحقيقة وجرّبت كل شيء، ولم ينفع، وحتى تلك الأجهزة التي نصحني طبيبي الخاص بالإبتعاد عنها، ولكن ما باليد حيلة، "ريجيم" الطبيب لا ينفع، وأنا مقبلة على الزواج، فعلّ إحدى تلك الطرائق تكون نافعة لي". أدركنا من جواب نسرين أنّ تلك الشركات المُصنعة لمثل تلك المواد لا تفعل سوى اللعب على شعور الأشخاص، والدّفع بهم إلى الحلم، لكن كيف تمّ تهريبها إلى أسواقنا لتلقى كلّ ذلك الصدى؟ الحالة النفسية للمريض تدفعه اليها! تحدثنا إلى الدكتور ندير شطيبي المختص في أمراض الجلد، الناشط على مستوى بلدية بوزريعة، إستفسرنا منه عن تلك الأجهزة والأدوات والمواد المختلفة التي غزت أسواقنا والتي يروج لها عن طريق بعض الفضائيات، فقال:"يوميا يأتيني مرضاي، ويسألونني عن تلك المواد، فأقول لهم أنها لا تنفع لشيء، بل إنّ البعض منها ضارّة، وليس الهدف منها إلاّ تجاري، و لو كانت فعلا صحية، لكانت تباع في الصيدليات، ولكان استعملها الأطباء في العلاج، لا أن تباع على الأرصفة، هو الأمر الذي لا بد يعيه المواطن، أن تكون طبيبا مختصا في أمراض الجلد ليس سهلا، ذلك انه يجب أن تعالج مريضك، ولكن أيضا تتعلم التعامل معه إن كان متسرعا في البحث عن العلاج، لأنه إن خرج من عندك يائسا، فلا تستغرب أن يفعل كلّ شيء من أجل أن يشفى، حتى لو إضطّره ذلك إلى إستعمال مواد يشتريها ليس من الأرصفة ولكن من الميكانيكي، لقد جاءتني يوما فتاة في السابعة عشرة من العمر، حدث ذلك قبل سبعة سنوات، وكنت حينها قليل الخبرة نوعا ما، كانت تحمل ندبا على وجهها، فقلت لها أنّ تلك الندوب لن تذهب إلاّ بعد مدة، وتحتاج إلى علاج طويل، خاصّة وأنها سمراء، ولكنها لم تنتصح بنصيحتي، وجربت مادة كان يروج لها في ذلك الوقت عن طريق قناة "بور تيفي" وقنوات أخرى مشابهة، وهي مادة كانت تباع بتسعة آلاف دينار، بدون فائدة تُذكر، وهكذا تلك الأجهزة التي تنقص الوزن، أمّا تلك التي توضع على الجسد، فهي لا تفعل سوى تشويهه، حيث أنها تساهم في شد الجلد مدة، ثمّ يرتخي ليصبح أسوأ، ويحدث هذا في مدة وجيزة، ويحسب مستعملها أنّ عليه أن يضعها يوميا، فيفعل، وهو بذلك لا يزيد منظره إلاّ تشوها، وأمّا تلك التي تلتصق على بعض المناطق من الجسد، وتتحرك ببطاريات، فليست لها أضرار جسديّة فقط، ولكن أيضا يُمكن أن تؤثر على العقل والبشرة، وهو الأمر الذي أنصح زبائني بتجنبه، وإذا كانت تلك الأجهزة والمواد مشبوهة، إذا كانت معقولة، فما عملنا نحن الأطباء إذا".