الالتفات إلى غزة واجب بأيّة حال عدت يا عيد؟ الشيخ أبو إسماعيل خليفة إنّ العيد في الإسلام غبطةً في الدين والطاعة بهجةً في الدنيا والحياة ومظهرُ القوة والإخاء إنه فرحة بانتصار الإرادة الخيّرة علي الأهواء والشهوات إن العيد مناسبة لإطلاق الأيدي الخيرة في مجال الخير وهي مناسبة لتجديد أواصر الرحم في الأقرباء والود من الأصدقاء تتقارب القلوب علي المحبة وتتجمع علي الألفة وترتفع عن الضغائن. فيا من صمتم وقمتم وخشعتم ودعوتم. الصيام مدرسة ربانية أخذتم فيها دورة تدريبية علي الطاعة والانقياد إليه تركتم الحلال الطعام والشراب والشهوة أفلم تتهيأ نفسك لترك الحرام في رمضان وفي غير رمضان؟!. فاجعلوا كل شهوركم رمضان وكل أيامكم أعيادا بطاعة الرحمن فلقد كان سلفنا الصالح – رضي الله عنهم – يجتهدون في إتمام العمل وإكماله وإتقانه ويخافون من ردّه وإبطاله قال فضالة بن عبيد رحمه الله: لأن أعلم أن الله تقبل مني مثقال حبة من خردل أحب إلي من الدنيا وما فيها لأن الله تعالى يقول: إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ . تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وبلَّغنا جميعاً جزيل المواهب وخير الآمال. : ولئن كان من حق العيد علينا أن نباهج به ونفرح وكان من حقنا أن نتبادل به التهاني ونطرح الهموم فواجب علينا من هنا أن نلتفت بحزن وأسى إلى غزة هاشم التي تحمّلت وتتحمل ذلكم الكمّ الهائل من التضحيات وتدفع الشهداء من الشيوخ والنساء والأطفال وخيرة الرجال والشباب ثمناً لصمودها ومقاومتها للعدوان السافر على أرضها.. ولذا فحقيقة عيدنا هذا العام مختلف فيه من الفرح ما فيه وفيه من الحزن ما فيه. فيه الفرح بإكمال الشهر مستشعرين قول الله تعالى ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون . البقرة 185. وأسأل الله أن يكون خَتم ربنا لي ولكم شهرنا هذا بذنب مغفور وسعي مشكور وعمل متقبل مبرور. وفيه من الحزن لما يجري لإخواننا في غزة من حصار وتجويع وقتل نعم جاء العيد لكن يتردّد على مسامعنا قول شاعرنا المتنبي: عيد بأية حال عدت يا عيد * بما مضى أم بأمر فيك تجديد حيث يخاطب المتنبي العيد متسائلا عن الحالة التي عاد فيها ويستفهم إن كان هذا العيد قد جاء بأمر جديد مختلف عما مضى وسبق أم أنه جاء بالهموم والمتاعب التي اعتاد عليها المتنبي من قبل. أما الأحبة فالبيداء دونهم * فليت دونك بيدا دونها بيد وهنا يتأسف المتنبي على بعد أحبته عنه نعم بعد الأحبة وفقدهم محزن ومؤلم ولكن يا أبا الطيب إن مع البعد قتل واجتياح وتدمير تقوم به قوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية وإنها لترخي على عيدنا ظلالا قاتمة تنزع من قلوب المسلمين الفرح وتنكأ لديهم جراحا غائرة. فلا شيء حاضر في العيد إلا صورة الحزن الذي يسكننا ويسكن حياة الكثير من الأسر الغزاوية في هذا العيد العيد الذي انتهى معه الصيام عن الطعام والشراب دون أن ينتهي الصيام عن فرحة صادرها الاحتلال من الفلسطينيين في حلهم وترحالهم.. والله المستعان.