ويخطئ من يتصور بأن إشراف الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني، اليوم، بالجزائر العاصمة على لقاء وطني لمناضلي الحزب هو استعراض للقوة. إن اللقاء يأتي تتويجا لسلسلة الندوات الجهوية التي شهدتها مختلف جهات البلاد، وهي تندرج في سياق التواصل المباشر مع القاعدة النضالية، استعدادا للاستحقاقات السياسية المقبلة. أيضا، فإن الأهمية التي يكتسيها هذا اللقاء تنبع من الحرص على التحسيس بالأولويات الأساسية التي يحظى بها الشأن الحزبي الداخلي وكذا رؤية ومواقف حزب جبهة التحرير الوطني من عديد القضايا الوطنية، وفي مقدمتها الانتخابات الرئاسية المقبلة، وطبيعي جدا أن يجدد الأمين العام تمسك الحزب بترشيح رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية جديدة. إن الحوار والتواصل المباشر مع القاعدة يمكّن المناضلين من الإطلاع أكثر على خارطة الطريق التي ينتهجها الحزب في المرحلة القادمة، كما تجعلهم على بيّنة من مواقف الحزب من مختلف القضايا الداخلية والإقليمية والدولية، وهذا حتى يكون المناضل على دراية ووعي بما تقتضيه المستجدات من قرارات لمواجهة التحديات الراهنة. إن حزب جبهة التحرير الوطني، ومن منطلق الحرص على تكريس دوره كفاعل رئيس ومحرك للحياة السياسية في المرحلة الراهنة والقادمة، لا يمكنه إلا أن يكون متماسكا وموحدا وجامعا لجميع أبنائه. إلا أن هذه التعبئة التي يعرفها الحزب، تحسبا للاستحقاق الرئاسي المقبل تتعرض للإنهاك بفعل المعارك التي تشهدها ساحة حزب جبهة التحرير الوطني. إن هذه المعارك المهلكة إنذار لكل مناضل ومناضلة، تدعوهم إلى الالتزام بمصلحة الحزب التي ينبغي أن تكون فوق مصلحة الأشخاص والزعامات، بكل ما يعنيه ذلك من تحكيم العقل واعتماد الحوار والخضوع لإرادة المناضلين والقوانين التي تحكم الحزب وتضبط سيره. ينبغي أن يدرك الإخوة الفرقاء بأنه في إضعاف الحزب أو تقسيمه إلى مجموعات متصارعة، لا مجال للحديث عن حزب جبهة التحرير الوطني، لأن الحزب حينذاك يكون قد تحول إلى أشلاء متناثرة أو بقايا حزب، لا حول له ولا قوة. يجب أن يتأكد الجميع بأنه ليس من مصلحة أي طرف تنصيب نفسه وصيا على الحزب أو محاولة هذه المجموعة أو تلك الادعاء بأنها صاحبة الأمر والنهي، لأن ذلك سيكون كارثة تطال الجميع. فالحزب ملك لكل إطاراته ومناضليه، لكن على أن لا يعني ذلك- تحت أي مسمى- تدمير الحزب وتقديمه على طبق من فضة أو من ذهب إلى خصومه ومنافسيه وأعدائه الذين يتربصون به الدوائر. إن المناضلين لا يصدقون ما يسمعون وما تراه أعينهم من مشاحنات وملاسنات ومعارك على صفحات الجرائد والفضائيات، بين مناضلين يضرب بهم المثل في النضال والتضحية والتماسك والتلاحم في ظروف ومنعطفات خطيرة. لذلك فإن ما يتوجب على أبناء الأفلان، كل أبناء الأفلان، الانتباه له هو أن الظرف حساس ولا مجال للمغامرة بمستقبل الحزب الذي يمثل استقراره وتماسكه دعامة أساسية لاستقرار الوطن، وحري بكل قيادي وبكل عضو في اللجنة المركزية أن يدرك بأن النضال الصادق والانتماء الأصيل يفرض أن تتقاطع كل الخلافات والتقديرات وتلتقي عند المصلحة العليا للحزب، التي يجب أن تتجسد في تكريس ريادته وكسب معركة الرئاسيات المقبلة. إن اللقاء الوطني الذي يلتئم اليوم بمركب 5 جويلية بالعاصمة هو نشاط حزبي، يستنفر من خلاله حزب جبهة التحرير الوطني قواه، استعدادا للانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو في نفس الآن رسالة لكل المناضلين من أجل توحيد الصف، حتى لا يكتب التاريخ عن هذا الطرف أو ذاك، أنه حقق الهزيمة ليس فقط لنفسه بل لحزبه. إنها رسالة جبهة التحرير الوطني لكل أبنائها تستصرخ فيهم الضمير وتدعوهم إلى أن يكونوا في مستوى الرسالة التي ائتمنهم عليها الشهداء.