عطّاف في بكين    المجتمع المدني مدعو للمساهمة في نجاح رئاسيات 7 سبتمبر    خلال ترأسه اجتماعا توجيهيا للتحضير لامتحان البكالوريا،بلعابد: تحسيس جميع المؤطرين بالعقوبات المترتبة عن الغش بكل أنواعه    سوناطراك تسلّم أول شحنة غازية لكرواتيا    رفع قيمة الصادرات خارج المحروقات إلى 30 مليار دولار    تريكي يشارك في منتدى القمة العالمية لمجتمع المعلومات    عون يبحث تقدم أشغال مشروع "فيات" في الجزائر    حماية الطفل من الجرائم السيبرانية والاستعمال الآمن للأنترنت    الشرطة توقف سارق محولات الكهرباء    الكشافة الإسلامية الجزائرية.. مدرسة رائدة في الوطنية    شركة المياه والتطهير"سيال"وبالتعاون مع مجمع "سانسوس"الجزائر: نجاح تجربة "الكرة الذكية" للكشف عن تسربات شبكات المياه    أغلب من يكتبون للأطفال لا يملكون أدوات الكتابة    الأرشيف الوطني.. هذه ضوابط إنجاح التحول الرقمي    ثلاثة عقود في خدمة التراث اللغوي والثقافي الوطني    الجزائر تضمن التلقيح لأكثر من 13 جنسية أجنبية على حدودها    المنتخب الوطني يفوز بالميدالية البرونزية    ألعاب القوى/ تجمع أوسترافا : الجزائري جمال سجاتي يفوز بسباق 800م ويحقق أحسن نتيجة عالمية لهذه السنة    احتضنته دار الثقافة محمد بوضياف ببرج بوعريريج : يوم دراسي حول مكافحة جرائم الامتحانات النهائية للتعليم المتوسط والثانوي    التنمية في إفريقيا: اعتماد آليات مبتكرة من أجل جلب رأس المال الخاص    الاحتلال يوسّع اجتياحه لرفح ويستهدف مجددا خيام النازحين    اعتراف إسبانيا وإيرلندا والنرويج بدولة فلسطين يدخل حيز التنفيذ    الموت أهون من التعذيب في سجون الاحتلال    تيسمسيلت: معركة "باب البكوش" رافد حقيقي لأخذ الدروس واستلهام العبر    بيتكوفيتش في ندوة صحفية يوم غد الخميس    أمال كبيرة للتتويج بلقب رابطة أبطال أوروبا    السيد عون يستعرض مع ممثلي مخابر "أبوت" مشروع إنتاج لقاح الانفلونزا الموسمية بالجزائر    محادثات موسعة بين رئيس الجمهورية والوزير الأول السلوفيني    تلمسان: إنطلاق فعاليات الطبعة الرابعة للصالون الوطني للصورة الفوتوغرافية    زيتوني: تأسيس مجلس ثلاثي لرجال الأعمال جزائري تونسي ليبي لتوطيد العلاقات الاقتصادية المشتركة    الاتحاد البرلماني العربي يحيي الدور البارز للجزائر من أجل إيقاف الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني    السيد بوغالي يستقبل رئيس الوفد الصومالي المشارك في أشغال الاتحاد البرلماني العربي    مكة: وصول 1621 حاجاً جزائرياً في انتظار التحاق 1288 آخرين هذا الثلاثاء    الإسلام والديمقراطية .. معالم المدرستين في التعددية السياسية    باتنة: مغادرة أول فوج من الحجاج نحو البقاع المقدسة    العدوان على غزة : انتشال جثث ودمار كبير بالفالوجا بعد تراجع محدود لقوات الاحتلال الصهيوني منها    موسم الاصطياف : إطلاق قريبا عملية تخييم كبرى لفائدة 32000 طفل    توقيع مذكرة تفاهم بين المجلس الشعبي الوطني وبرلمان عموم أمريكا اللاتينية والكاريبي    حوادث الطرقات: وفاة 24 شخصا وإصابة 1460 آخرين خلال أسبوع    متحدث الأونروا: "لا مكان آمن في غزة" والحرب الحالية "بلا قيم ولا تحترم القانون الدولي"    نأمل تحقيق إرادة حقيقية لمعالجة كل أبعاد الاستعمار    الجزائر تدعو لضغط أكبر لوضع حدّ للجرائم الصهيونية    جماهير سانت جيلواز تودع عمورة والوجهة "إنجليزية"    مدرب الأهلي المصري يرضخ لعودة قندوسي    منصوري يطالب مناصري "الخضر" بالصبر على المرحلة الجديدة    بيع لوحة" المدرسة" في مزاد "سوثبي"    "شولوس" تتزين لزوارها    مساع لتثمين وتطوير الشجرة والاستفادة من    لا اعتماد إلا لمن لا يملك إرادة حقيقية في تصنيع السيارات    دراسة مشاريع لتحويل الحبوب مع خواص    الجزائر الأولى إفريقيا في سوق الدواء    "لاناب" تؤكد على المشاركة النوعية للطبعة السابعة    تبسة تختتم ملتقاها الوطني للفكر الإصلاحي    انتشال جثة طفل من بركة مائية    جبر الخواطر.. خلق الكرماء    ليشهدوا منافع لهم    رسالة إلى الحجّاج..    هذه صفة حجة النبي الكريم    الإخلاص لله والصدق مع الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زهرة ظريف تستحضر سنوات النضال
مذكرات مقاتلة في جيش التحرير الوطني
نشر في صوت الأحرار يوم 22 - 01 - 2014

تستحضر المجاهدة زهرة ظريف في مذكراتها الموسومة ''مذكرات مقاتلة في جيش التحرير الوطني.. المنطقة المستقلة الجزائر'' مشاركتها في الثورة التحريرية لا سيما معركة الجزائر، فعلى مدى أزيد من 600 صفحة تعيد صاحبة المذكرات تصوير ما عايشته في تلك الفترة، كمحاولة لترك أثر مكتوب عن معايشاتها تلك.
تبرز زهرة ظريف من الوهلة الأولى دوافع كتابتها لمذكراتها الصادرة عن منشورات الشهاب، فتكتب أنها: في عام ,2012 توفيت صديقتي وأختي في القتال سامية لخضاري.. رحلت إلى الأبد، تماما كما عاشت، في هدوء على أطراف الأصابع. أدركت لحظتها وأنا أدفنها أنني أدفن معها في نفس الظروف. ليس أنا فحسب بل نحن جميعا، جيل ولد تحت نير الاستعمار الاستيطاني.. راودني شعور أننا بدفنها ندفن معها جسرا مهما من تاريخ جميع من قرروا كسر القيود الفظيعة للاستيطان، جميع من دفعوا من لحومهم وأرواحهم ودمائهم ثمن تحرير شعبنا واستقلال وطننا.
وحتى لا يتيه القارئ، لا تتوانى الكاتبة عن التأكيد على أن كتابها ليس مؤلَفا في التاريخ، ببساطة لأنها ليس مؤرخة، وليس سيرة ذاتية على اعتبار أنها- مثلما شرحت- لا تملك أدوات وتقنية كتابة السير. إنها مجرد ذكريات يجمعها مصنف يبقى للتاريخ والمتخصص والقارئ العادي.
يركز الكتاب على معركة الجزائر، وهي التسمية التي طالما اعتبرتها المؤلفة تسمية استعمارية وليست علمية، لاسيما أن تعبير المعركة لا يليق إلا على قتال بين جيشين أو طرفين يستعملان وسائل قتال، ولا يمكن أن يعبر عن الحالة التي عرفتها الجزائر، حيث كان الجيش الفرنسي يقاتل يقتل- شعبا أعزل. ولكنها تسمية لا بد منها على اعتبار تواترها واعتمادها في أكثر من مؤلف تاريخي.
من نافذة سيرتها النضالية، تطل مذكرات مقاتلة في جيش التحرير الوطني، على حقبة تاريخية تميزت بظهور ما يسمى بالبطلة، تلك المرأة التي سبلت كل ما لديها خدمة للثورة التحريرية.
تذكر الكاتبة، أنه عند تجنيدها من طرف جبهة التحرير ودخولها ضمن مجموعة مقاتلات المنطقة الحرة، فكرت كيف سيكون رد فعل والدتها لو علمت أن ابنتها التي سافرت للدراسة في العاصمة قضت ليلتها في القصبة، وقالت أنها صدمت لأن أهل القصبة مثل بقية الأحياء الشعبية في المدن الجزائرية احتضنوا الثورة وكانوا أبطالا حقيقيين، وقد بقوا مجهولين ورحل بعضهم في صمت قاتل، كما رحلت رفيقتها سامية لخضاري والتي كان رحيلها الصامت دافعا لها لكي تكتب ما عاشته بكل تفاصيله في أتون معركة الجزائر.
وجدت الكاتبة الدعم والتشجيع على الكتابة من رفيقاتها اللائي بقين على قيد الحياة ومن خلالهن قدمت تحياتها لكل الذين صنعوا منها رمزا لبطولة وكفاح المرأة الجزائرية بالسلاح في وجه جيش الاستعمار وجلادي ماسو وروت بالتفصيل لقاءات الثوار مع العربي بن مهيدي وكيف كان يشرح لهم ولهن وهم صغيرات وصغار خطط القيام بالعمليات ضد الجيش الفرنسي ويناقش معهن الأهداف والتكتيكات ويبرر لهن أحيانا سبب إلغاء عمليات تفجير كانت مبرمجة ضد مراكز للعدو الفرنسي بعدما بذلت الفتيات جهدا كبيرا وتحملن عناء وقلقا لا مثيل له في سبيل إعداد تلك العمليات الفدائية.
كتاب الزهرة ظريف يحمل قصصا من يوميات معركة الجزائر ليس بطابع البطولة والتمجيد الفج ، لكنه يرسم مشاهد للحظات انسانية دافئة في علاقات الأشخاص من كبار رموز الثورة والصغار المجهولين في وقت عصيب وتحت ظرف الحرب الشاملة، وكل هؤلاء كانوا يقدمون حياتهم في كل لحظة من أجل استقلال الجزائر.
كما حاولت زخرة ظريف أن تلقي الضوء على سيرتها الشخصية قبل الثورة التحريرية والتحاقها بالنضال، فعن عائلتها قالت أنها ولدت في رمضان لسنة 1934 يوم 28 ديسمبر في مزرعة جدها الحاج عبد السلام ظريف الذي يعود نسبه للأدارسة السلالة التي حكمت قرونا بالمغرب الأقصى والتي تنحدر من نسل فاطمة الزهراء بنت النبي محمد وكان جدها مقدما لزاوية سيدي عباس بن عمار.
و قد تخرج والدها من كلية الآداب بجامعة الجزائر في القانون الإسلامي زيادة على متابعته دروسا في زاوية سيدي بومدين بتلمسان ليتمكن من ممارسة وظيفة القاضي، وقالت أنه كان فقيها مزدوج الثقافة ترقى في سلك القضاء إلى مراتبه الأخيرة. كما كان جدها لأمها جلول بن زيان ينحدر من سلالة الزيانيين المرتبطين بزاوية سيدي أمحمد بن شعيب قرب تيارت وكانت له املاك وعقارات بمئات الهكتارات في سهل سرسو.
الزهرة كانت البنت الثانية في أسرة من خمسة أطفال وثلاث بنات علمتها أمها من خلال النسب العريق أنها جزائرية وأن بلادها سرقها واغتصبها الرومي قبل قرن وأربع سنين من ولادتها، أمها سعدية التي وعد والدها بتزويجها وهي ابنة سبع سنين لأحمد البالغ عمره حينها 13 سنة خلال زيارة عم جدها لأبيها لصديقه حاج جلول بن زيان في زاوية عباس بن عمار. ولما كان أحمد والد الزهرة يدرس بتلمسان جاء والده بالزوجة الموعودة قبل خمسة أعوام إلى البيت لتتأقلم مع ظروفه ومعيشة أهله، كانت دون سن البلوغ تلعب بالدمى وكان يتم تحضيرها لتكون زوجة ولما بلغت تمت إقامة عرس كبير سنة 1930 ولكن الزوجين لم يكونا يلتقيان إلا في فترات العطل الدراسية لأن والد الكاتبة كان لا يزال طالبا بزاوية سيدي بومدين بتلمسان.
عن قوة شخصية والدتها قالت الزهرة ظريف في كتابها وجدها والدها مرة تغسل ثياب عائلة ظريف فثارت ثائرته وحملها عائدا بها الى بيته قائلا إنه عهد إليهم بابنته المدللة لا بخادمة? وكان صهره يتحايل كل أسبوع في تقديم هدايا لها حتى لا تحس بأنها في بيت وضيع بعد بيت الجاه الذي كانت فيه مع والدها بن زيان. وقد سارت الزهرة وأخيها محمد مع والدتهما وعند جدهما لأمهما عاشا في نعيم لم يكونا يحلمان به وكان إليه وصف الجنة أقرب، ولما أنهى الوالد دراسته في الجزائر العاصمة وطلب زوجته تغيرت الحالة جذريا، ووضعت الأم أمام اختبار عسير حينما خيرها والدها بين زوجها وولديها وبين عائلتها في جواره وقد اختارت عائلتها الصغيرة وتركت كل مال وجاه والدها وهو ما كان ضد كل التوقعات، وحرض ذلك الأب على التحرر من الفريق العائلي وذهب الزوجان سعدية وأحمد ظريف للإقامة في تيسمسيلت مع أبنائهم وكانت الأم كلما عادت ابنتها الزهرة من المدرسة تنزع من رأسها ما تلقته من معلومات حول فرنسا والماريشال (كانت تقصد بيتان قائد فرنسا تحت الاحتلال النازي) وتقول لها أن العلم الموجود في المدرسة علم فرنسا وأن الماريشال قائد الفرنسيين ونحن جزائريون وبلدنا هو الجزائر وتشرح لها أن الفرنسيين محتلون ومقيمون بغير وجه حق وغرباء عن أرضنا وشعبنا وديننا ولغتنا وثاقفتنا وتاريخنا، وإعترفت الصغيرة الزهرة أنها كلما دخلت مدرسة فيالار كانت تسافر بين عالمين مختلفين تماما ومتعارضين، هما عالم أمها وعالم المدرسة الفرنسية.
ابنتا قاضيين الجزائريتان الوحيدتان في ثانوية بالعاصمة في ثانوية فرومونتان بالعاصمة ديكارت فيما بعد والتي تحمل إسم بوعمامة حاليا أخذت الزهرة ظريف وعيها الجديد الذي تقاسمته مع الجزائرية الوحيدة معها في كل الثانوية سامية لخضاري هي الأخرى ابنة قاضي العاصمة تسكن سانت أوجان بولوغين حاليا، كانت أمها قسنطينية ووالدها من بسكرة، تحكي قصة انتسابها للثانوية التي بدأت بطلب من والدها وموافقته على الشروط ومن ضمنها تجهيز التروسو الذي قضت الصيف كاملا رفقة والدتها في إقتناء قطعه. أوصتها أمها ليلة المغادرة أنها جزائرية مسلمة من عائلتين كبيرتين لأمها ولأبيها وأن عليها صيانة الاسم المحترم للقاضي ظريف، كما أنها مسؤولة عن سلوكها الذي لا يحدد فقط مستقبلها بل مستقبل كل فتيات العائلة والمنطقة.
عاشت الزهرة سنوات الثانوية والجامعة في كلية الحقوق رفقة سامية التي تقضي في بيتهم عطل نهاية الأسبوع فالقاضيان لخضاري وظريف يعرفان بعضهما، وبدأتا بعد أحداث أوت 1955 في سكيكدة بالبحث عن طريق للاتصال بقادة جبهة التحرير للقيام بعمليات ثورية في الأحياء الأوروبية، كانت المدن الجزائرية تحت الاحتلال الفرنسي تعيش واقع الأبارتايد الحقيقي لكنه غير معلن، فالجزء الأوروبي والعربي من كل مدينة يعزلهما جدار غير مرئي وتسودهما قواعد مختلفة وتتعامل حيالهما الإدارة بتفرقة عنصرية بغيضة.التقت الفتاتان بطالبين في السنتين الثانية والثالثة بالكلية اسمهما بن بعطوش وبن حمودة، لكنهما لم تفلحا في الوصول إلى النوفمبريين، كانت ما تسميه الصحافة وقتها أحداث الجزائر على كل لسان والتقت الزهرة بمدرستها في مادة الفلسفة بالثانوية السيدة كزارنيكي اليهودية الناجية من مذابح النازية في فرصوفيا، كانت تقدمية إنسانية تقدر أسباب ودوافع الذين حملوا السلاح ضد فرنسا. وبفضلها التقت بمحمود بوعياد العامل بالمكتبة الوطنية الذي سألها بعد اللقاء مطولا عن عائلتها وكان خيطها الأول للالتحاق بالثوار. لكن بوعلام أوصديق كان الرجل الذي ربطها بالتنظيم السري للثورة وبعدها التقت بمصطفى فتال المدعو الفنك والعمل في صفوف الإتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين والالتحاق بالمجموعات المسلحة في القصبة. والدور الذي لعبته ماما زهور ابنة قسنطينة والدة سامية لخضاري في مساندة الثورة من داخل بيت قاضي الجزائر العاصمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.