لم ينتظر خاطفو الرهينة الفرنسية كثيرا لينفذوا تهديدهم بذبحه، فلم تكد تمر مهلة الأربع وعشرين ساعة التي منحها الخاطفون للرئيس الفرنسي لوقف مشاركته في الهجمات على مواقع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق حتى تم نشر تسجيل فيديو لعملية قطع رئيس هارفي غوردال. لم يكن التفاوض ضمن أهداف الإرهابيين الذين اختطفوا غوردال، وملهة الأربع وعشرين ساعة كانت تعني بكل بساطة أنهم ماضون في تنفيذ الإعدام في الرهينة، فهم بالتأكيد لم يكونوا يتوقعون أن ترتجف فرنسا وتقرر وقف مشاركتها في الهجمات على مواقع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، فالهدف من الاختطاف كان القتل. عملية القتل بالطريقة التي تمت بها لا يمكن أن تؤثر في الرأي العام الفرنسي إلى درجة دفعه إلى الضغط على الحكومة الفرنسية لوقف هجماتها في العراق، والرسالة التي قرأها الخاطفون قبل تنفيذ جريمتهم كانت موجهة إلى أبي بكر البغدادي، زعيم تنظيم الدولة الإسلامية، ومثلما حدث في الرسالة الأولى فقد كان التركيز على إعلان الولاء للتنظيم، وهكذا تحول رأس غوردال إلى عربون ولاء يقدمه الإرهابيون للتنظيم من أجل فرض إدخال هذا التنظيم إلى الجزائر. ليس هذا فحسب، الرسالة أيضا موجهة إلى كثير من الشباب الذين يكتمون تعاطفهم مع تنظيم الدولة، وهؤلاء قد يجدون في التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا ضد التنظيم دليلا على عدالة القضية التي يحملها، ومن هنا يتحول إعلان الولاء للتنظيم ورقة يلعبها الإرهابيون من أجل جلب مزيد من الشباب إلى صفوفهم، فضلا عن جلب الدعم الخارجي الذي قد يأتي من جهات عدة. إن الإسراع في إعدام الرهينة يشير إلى أن الخاطفين لا يملكون القدرة على الاحتفاظ به لمدة طويلة، وأنه ليس في استطاعتهم تسيير مفاوضات مع السلطات من أجل إطلاق سراحه مقابل تحقيق مطالب ما، وهو ما جعل القتل هدفا في حد ذاته باعتباره الوسيلة التي تمكنهم من إثبات جديتهم في الانتماء إلى تنظيم الدولة الإسلامية، تماما مثلما حدث مع الجماعة السلفية للدعوة والقتال التي أثبتت جدارتها بالانتماء إلى القاعدة من خلال عمليات انتحارية وسلسلة تفجيرات متزامنة. علينا أن نفهم الرسالة جيدا، المطلوب الآن قطع كل خطوط الاتصال التي يحاول الإرهابيون ربطها مع المجتمع أو مع الخارج من أجل فرض فرع جزائري لتنظيم الدولة الإسلامية يكون منفذا للقوى الكبرى من أجل تفكيك هذا الوطن.