الجزائر-سلوفينيا..تعاون بنظرة جديدة    المحكمة الدستورية تتمتع بصلاحيات واسعة وغير مسبوقة    نحو إنتاج 200 مليار متر مكعب من الغاز الطّبيعي    تأسيس مجلس ثلاثي لرجال الأعمال بين الجزائر وتونس وليبيا    تسريع رفع الإنتاج المحلي من الألياف البصرية    دور بارز وأصيل للجزائر بقيادة الرئيس تبون لنصرة "أم القضايا"    القصف الصهيوني لمخيم النازحين برفح : حصيلة الضحايا في ارتفاع و ردود فعل دولية مستنكرة للمجزرة البشعة    ميناء وهران : استقبال مساعدات موجهة للشعب الصحراوي    تيزي وزو: الاحتفال بالذكرى ال 83 للكشافة الإسلامية الجزائرية    العاصمة.. الإطاحة بجمعية أشرار تسطو على المنازل    تريكي يشارك بجنيف في منتدى القمة العالمية لمجتمع المعلومات    مجلس الأمة يشارك بالعاصمة الأردنية عمان في حوار البرلمانات العربية    ملف التاريخ والذاكرة: الجزائر تُقدم قائمة مفتوحة لممتلكاتها التاريخية لإسترجاعها من فرنسا    الحمراوة يتنفسون    لقاءات واعدة في المرحلة الثانية    حفاظا على مصداقيتها.. تدابير صارمة لمكافحة الغش في امتحانات شهادتي المتوسط والبكالوريا    حلمي الاحتراف في أحد الأندية الأوروبية    امرأة ضمن عصابة بقسنطينة    انتشار واسع لمرض الصدفية في الجزائر    الشلف: حجز ما يفوق 10 قناطير من اللحوم الحمراء غير صالحة للاستهلاك    سطيف : تفكيك شبكة مختصة في تزويرالوثائق والمحررات التجارية    24 رواية في القائمة الطويلة..    أم البواقي : اكتشاف فسيفساء ذات قيمة تاريخية بمنطقة الرحية    العنف ضد المدنيّين في غزّة لم يعد مبرّراً    رئيس الاتحاد الإفريقي يدعو إلى توحيد القوى والمواهب    الاحتلال يتحدّى "العدل الدّولية" ب"محرقة الخيام" في رفح    المشاركون في المؤتمر ال 36 للاتحاد البرلماني العربي يوجهون رسالة شكر إلى رئيس الجمهورية نظير جهوده في الدفاع عن القضية الفلسطينية    "وردة الصحراء" يفوز ب"الخلخال الذهبي"    التشكيلي أعمر بريكي يعرض برواق "سين آرت"    سوناطراك : زيادة كميات الغاز الطبيعي الموجهة إلى سلوفينيا    ملاكمة/أولمبياد 2024 : الجزائري يوسف اسلام ياعيش يتأهل للدور ال16    بيب غوارديولا يحدد موعد رحيله عن مانشستر سيتي    الأسرى الصحراويون: معاناة متواصلة وسط ظروف اعتقالية لا انسانية بسجون المغرب    وهران: ضرورة تجسيد مخرجات الجلسات الوطنية لإطارات الشباب    تمويلات دولية: افتتاح أشغال الجمعيات السنوية للبنك الافريقي للتنمية بنيروبي تحت شعار الاصلاح    لجنة الفتوى للبعثة الجزائرية للحج تعقد اجتماعا تنسيقيا    لقاء بوزارة الصحة حول مخطط المريض والتدابير الاستباقية لفصل الصيف    مُخرجات اللقاء الخامس تُقدّم اليوم    البكالوريا: هذه تفاصيل الترتيبات التنظيمية..    طلبة جزائريون يُتوّجون في مسابقة هواوي    وزير الصحة يشارك في لقاء عربي بجنيف    إصرار الجزائر سيكسب فلسطين العضوية الكاملة بالأمم المتحدة    برامج جديدة لتحسين خدمات الطاقة بقسنطينة    بكرار يشيد بدعم مدربه في نيويورك سيتي الأمريكي    لنتسامح مع أنفسنا حتى ننعم بالسلام الداخلي    "الجزائرية للمياه" تدعم شبكتها بعين تموشنت ب 13 بئرا    إدارة ماريبور السلوفيني تقرر تمديد عقد سوداني    بن ناصر باق مع ميلان الإيطالي الموسم المقبل    الدرك يسترجع سيارة وشاحنة محل سرقة    تكريم الفائزات في مسابقة المرأة الكاتبة والشاعرة بغرداية    بونة تحتضن الأيام الوطنية للرقص العصري والموسيقى الشبابية    مقترح جزائري لإنشاء مركز دولي للتلقيح بتمنراست    ضبط آخر الترتيبات لاستقبال الحجاج الجزائريين بمكة    جبر الخواطر.. خلق الكرماء    ليشهدوا منافع لهم    رسالة إلى الحجّاج..    هذه صفة حجة النبي الكريم    الإخلاص لله والصدق مع الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأستاذ محمد بوعزارة: لسياسة لم تسرقني من الصحافة والكتابة حياتي (حوار)
نشر في صوت الأحرار يوم 16 - 11 - 2015

يفتح الكاتب الصحفي محمد بوعزارة قلبه ل»صوت الأحرار« ويكشف »الوجه الآخر« لشخصية مرتبطة في ذهن الرأي العام بالنضال السياسي، ويرصد في هذا الحوار محطات بارزة في حياته، صقلت شخصيته ويبوح بظروف نشأته وحبه الأبدي ، ويرسم ملامح مسيرة نضاله في صفوف حزب جبهة التحرير الوطني منذ سنوات السبعينات، كما يبرز مشواره في مهنة المتاعب على مر أربعة عقود وشغفه بالتأليف والموسيقى التي تستهويه.

الأستاذ محمد بوعزارة أنت سياسي معروف أيضا بكتباتك الإعلامية، كيف تقدم شخصيتك لقراء "صوت الأحرار"؟

أنا جزء متكامل بين المدينة التي تقاسمت حياتي فيها بكل صخبها و تعقيداتها وضوضائها و مباهجها و أنوارها و صداقاتها المزيفة و الحقيقية و بين ما أعطته لي من فرص التعلم ، و بين البادية بصفاء جوها و طيبة ناسها و هدوئها و بساطتها .
في مدينة الجزائر و في حي »بلكور« بالذات كانت ولادتي في سنوات الموت و التيفوئيد والاستعمار و التجهيل الذي كان يطال أبناء الجزائر عموما في ذلك التاسع عشر من مارس 1949 .
لم تترك الوالدة صبيها ليكون عاصميا ، هربت به نحو البادية حيث الخيمة بعد أن أقنعت الوالد بذلك ظنا منها أن صبيها إن بقي عاصميا فسيلتحق بشقيقه مبارك دفين مقبرة القطار .
في البادية مكث الطفل 12 عاما و صار بدويا حتى النخاع و ركب الجمل و الحصان و قاد ماشيته و عرف الحرمان من الدراسة و عرف لسعات العقرب و كاد الضبع و الذئب يلتهمانه ، و طارده الثعبان القاتل ، لم يعش الطفل حياة الرفاهية التي عاشها أترابه و أبناء عمومته في مدينة الجزائر ، لكنه عاش مثل كل أطفال بادية ذلك الزمن الاستعماري القاسي على الوطن و على عائلته بالذات.
عندما شدّد المستعمرون الخناق على العائلة عاد والداه به و بكل أبنائهم لمدينة الجزائر ،كان ذلك نهاية عام 1960 حيث شارك الطفل أمحمد في مظاهرات ال 11 ديسمبر من ذلك العام بحي »لاقلاسيير« الشعبي و كادت إحدى دبابات المستعمر تدهسه و تلحقه بقائمة شهداء الوطن لولا أن يدا قوية اختطفته من موت زؤام كان يحدق به .
لم يدخل المدرسة النظامية لأن مدير المدرسة اعتبره شيخا تجاوزه الزمن، لكن الوالد أخذه للمدرسة الحرة، حيث درس في أكثر من مدرسة و نجح عام 1964 في شهادة التعليم الابتدائي و مسابقة الدخول للتعليم الثانوي.
كانت الدراسة منتظمة في ثانويتي عبان رمضان و ابن خلدون بالعاصمة لمدة سبع سنوات كاملة حيث كان التعليم المتوسط مدمجا آنذاك مع التعليم الثانوي .
دخلت الجامعة 1971 ونلت شهادة الليسانس بتقدير جيد عام 197.
خلال مرحلة التعليم الثانوي انضممتُ مبكرا عام 1965 لبرامج الأطفال في الإذاعة الوطنية ثم درست فنون التمثيل و الإلقاء الصوتي في كونسرفتوار مدينة الجزائر و عملت ممثلا في فرقة التمثيل ثم مذيعا قبل أن أصبح بدء من عام 1973 صحفيا قبل التخرج من الجامعة .
وقد تدرجت في عدة مسؤوليات في العمل الصحفي بالإذاعة إلى أن أصبحت رئيس تحرير ونائب مدير عام 1982.
وفي نفس الفترة ترأست مؤتمر الصحفيين و انتخبت في أمانة اتحاد الصحفيين مكلفا بالإعلام و الثقافة.
في عام 1986 جرى تعييني مديرا جهويا لمحطة التلفزة بورقلة و بقيت في هذا المنصب إلى غاية عام 1994.
ولئن أحببت بصدق مهنة الصحافة فإن السياسة قد استهوتني منذ مرحلة شبابي المبكر.
أصبحت مناضلا في جبهة التحرير الوطني منذ السبعينيات و خضت غمار الانتخابات التشريعية عام 1987 بولاية الأغواط و كنت الأول في 10 بلديات، و لكن التزوير الذي طالني آنذاك في بلدية واحدة حرمني من الفوز.
وللتاريخ فانه لابد أن أشير هنا أن مسؤول التنظيم بجبهة التحرير الوطني وقتها المجاهد سي صالح قوجيل لام والي ولاية الأغواط وقتها ووبخ محافظ الحزب على ما حصل ،و طلب مني القيام بالطعن في تلك الانتخابات و لكنني رفضت ذلك حتى لا يتحول الأمر إلى نزاع عروشي بعد أن علم الناس بنجاح النائب المنافس، ثم خضت انتخابات 1991 الملغاة و اجتزت الدور الأول بالترجيح.
ومع التعددية فزت في انتخابات 1997 نائبا لولاية الأغواط و أصبحت بعدها مكلفا بالدراسات و التلخيص بمصالح رئاسة الحكومة إلى غاية الانتخابات التشريعية في 2007 ، و في تلك العهدة انتخبت من طرف نواب حزب جبهة التحرير الوطني نائبا لرئيس المجلس الشعبي الوطني .
توقعت في عام 2002 السيناريو الذي عاشه الحزب في الانتخابات الرئاسية في 2004 ، و توقعت عقب المؤتمر التاسع في 2010 بعد تركيبة المكتب السياسي بوادر الأزمة التي عاشها الحزب لاحقا .


كتبتم مؤخرا مذكراتكم تحت عنوان »من الخيمة إلى البرلمان«، لماذا هذا العنوان؟

كتاب مسيرة حياة ..»من الخيمة إلى البرلمان« أصدرته عام 2013 هو خلاصة لمسيرة حياتي كما عشتها منذ طفولتي في البادية إلى أن أصبحت نائبا في البرلمان .
وقد أردت أن أقول للشباب خصوصا أن الوصول لأي منصب مهما كان ليس حكرا على أبناء المدينة وحدهم و لا على أبناء الطبقة الغنية أو الأرستقراطية.


تناضلون في صفوف جبهة التحرير الوطني، ماذا يمثل لكم هذا الحزب؟

جبهة التحرير الوطني بالنسبة لي ليست مجرد حزب عاد ولد في الصالونات ، و لكنه يجسد التاريخ ونضالات الشعب الجزائري لاستعادة استقلاله و استرداد حريته ، هو يجسد الثورة في صفائها و ليس هذه الثورة الوهمية التي ولدت مع ربيع الدم و التدمير في الوطن العربي و تدمير الدولة الوطنية و تقسيم الشعوب.
النضال في هذا الحزب هو وليد الأدبيات و التراكمات الوطنية والممارسات الأخلاقية التي عشنا في ظلها منذ السبعينيات وفق منظور ما جاءت به أدبيات الجبهة عبر التراكم الكبير الذي عاشته مختلف الأجيال منذ اندلاع الثورة ووفق بيان أول نوفمبر و المواثيق و النصوص التي انبثقت عن مؤتمرات الحزب و دورات اللجنة المركزية في مختلف المراحل ووفق التطور المنطقي للتاريخ.
النضال بالنسبة لي ليس ابتزازا أو تموقعا مغشوشا و لكنه الإيمان و الاقتناع بعمل و بأفكار و قيم ومبادئ ناضل من أجلها الشرفاء و الشريفات من أجل الوطن و ليس عبر التمكين للوبيات المتعددة الأشكال و المشارب.
النضال تنزه عن الفكر التآمري ضد المناضلين و المناضلات الأكفاء و العمل على التمكين للكفاءات و الطاقات الشبانية من شبان و شابات .
النضال ليس خطبا تتنافى مع الواقع ..و لكنه عمل ميداني مع المناضلين و مع المواطنين لتغيير الواقع اليومي للمواطن و لصالح الوطن.


محمد بوعزارة المثقف، الكاتب الصحفي ورجل السياسة،كيف يستطيع الملاءمة بين هذه الثلاثية؟

أحاول كمثقف أن أعبر عما أومن به من قناعات دون أن أذوب كسياسي في ولاءات ضيقة تسيء لي أو تجعلني أركب الموجة الانتهازية التي يتفنن فيها بعض المحسوبين على الثقافة من أجل الوصول إلى منصب ما على حساب المصلحة العليا للوطن .
مصلحة الوطن تقتضي مني ألا أكون مداهنا في القضايا التي تتطلب مني موقفا واضحا كمثقف وكمناضل سياسي و كصحفي و كاتب ينشد الحقيقة.
وقد وظفت على الدوام ثقافتي لخدمة المصلحة الوطنية على مصلحتي الذاتية حتى و لو أدى ذلك إلى حرماني من كثير من الامتيازات و إقصائي من بعض المناصب و غضب من كنت أحسبهم أصدقاء عني، وأعتقد أن الثقافة و الصحافة و السياسة لا تتنافر بل تتكامل .


هل نستطيع القول إن السياسة سرقت بوعزارة الصحفي؟

لم تسرقني لا السياسة و لا المسؤولية عن الكتابة وعن الصحافة ..لقد عوّدت نفسي على الكتابة حتى وأنا في أشد حالات التعب والإرهاق...أكيد أن الانشغال بالعمل السياسي قلّل من نشاطي الإعلامي و من كتاباتي ، لكن الكتابة التي تسكنني دوما تجعلني أكتب باستمرار لأنني أو من كما صرحت عام 2009 في قاعة الأطلس عندما قدمت هناك أحد كتبي أنه إذا كان الفيلسوف الفرنسي روني ديكارت يقول : أنا أفكر إذن أنا موجود ، فإنني بدوري أقول :
أنا أكتب ..إذن أن موجود..الكتابة بالنسبة لي حياة ووجود و بقاء .
وقد أخذت بوصية أستاذي محمد الصالح الصديق عندما قال لي: يا ولدي أكتب ..ثم أكتب.. ثم أكتب حتى تموت كي لا تموت..
الكتابة من هذا المنطلق و من قناعاتي حياة ووجود و تعبير دائم عن البقاء .


شهدت البلاد إصلاحات سياسية من بينها إصلاحات مست القطاع الإعلامي، كيف تقيمون المسيرة؟

رغم بعض المآخذ المسجلة على قطاع الصحافة المكتوبة الخاصة أساسا منذ قانون أفريل 1990 والقوانين المعدلة لاحقا إلا أنني أسجل هنا أن هذا القطاع سجل بعد مسيرة ربع قرن خطوات كبيرة لا من حيث الكم بعد أن قارب عدد اليوميات 200 صحيفة أو من حيث المعالجة و المهنية و التطور و حرية التعبير .
ومع ذلك تبقى هناك بعض النقائص والهنّات التي يمكن ملاحظتها في هذا الصدد ، و هي تحوّل بعض الصحف إلى أدوات للإثارة و القذف ووسائل للتحزب على حساب المهنة و أخلاقياتها ، كما أن غياب التخصص في المجال العلمي و المعرفي و في مسائل الثقافة عموما يجعلني أشعر أن صحافتنا ما تزال في حاجة إلى التكيف مع تطلعات المجتمع و رغباته المتزايدة و اهتماماته المختلفة.
تم فتح قطاع السمعي البصري، حيث أحصي أكثر من 40 قناة، في نظركم هل يجد الجزائري ما يرضي نهمه إلى مادة إعلامية في المستوى؟

عدد القنوات التلفزيونية تجاوزت الآن ال 40 قناة خاصة ناهيك عن القنوات العمومية الخمسة، لن أتحدث عن الجانب القانوني فهذا مجال آخر ، لكنني أتكلم عن المحتوى ، إذ لا أعتقد أن التوجه الإخباري عموما لمختلف القنوات التلفزيونية يخدم ما يهم المشاهد الجزائري .
بالرغم من عدم وجود دراسات متخصصة و رغم عدم وجود عمليات سبر للرأي العام فإن الملاحظات الأولية أن نسبة المشاهدة للقنوات الأجنبية من طرف الجمهور الجزائري قد انخفضت بنسبة كبيرة حسب العديد من المؤشرات بعد ظهور هذه القنوات الخاصة .
ما أعتقده أن هذه القنوات تحتاج إلى مادة دسمة للمحافظة على الجمهور و كسبه و لابد لها من تنويع برامجها ، و لابد أيضا من أن تتخصص بعض هذه القنوات في مسائل و مواضيع تعبر عن الانشغالات اليومية المتنوعة للجمهور الجزائري و لا تبقى تلوك مواضيع إخبارية متشابهة.
كما أن الصحفيين و المنشطين في هذه القنوات يحتاجون إلى التكوين لأن إنشاء قناة ليس بالأمر السهل، و ليس عملية بريكولاج أو ملأ فراغ .


لديكم تجربة كبيرة في القطاع الإعلامي، جمعت بين مختلف الوسائل الإعلامية من سمعية بصرية إلى سمعية إلى مكتوبة، كيف تصفون مهنة المتاعب؟

صحيح هي مهنة المتاعب و لكنها مهنة مشوّقة بل هي كما يصفها الكاتب الكبير طه حسين مهنة العذاب الممتع، على الصحفي أن يتحقق من مصادره الخبرية و من معلوماته و ألا يكتفي بمصدر واحد و أن يكون موضوعيا و أن لا يتحيز لأي طرف كان مهما كانت علاقته به ، ثم إن عليه أن يقرأ باستمرار و ألا يكتفي بما ناله في الجامعة من دراسة نظرية.
لا أريد أن أقول إن على الصحفي أن يكون موسوعيا و لكن عليه أن يجدّد معلوماته باستمرار وأن يكون قارئا نهما لكي يقدم الجديد دوما للمتلقين، وعلى الصحفي أن يعمل على تدوين ما ينشر و يكتب في كتب، لابد من تغيير الذهنية الموجودة لدى معظم الصحفيين الجزائريين بالاكتفاء بنشر مقالاتهم في الصحف، الصحفيون الغربيون و حتى المشارقة نجدهم ينشرون كتبا ويدونون كل صغيرة وكبيرة.
ومع ذلك أنا أشد على أيدي بعض الشبان الصحافيين ولو على قلتهم الذين مزجوا بين الكتابة الصحفية و نشر الكتاب و هم في بدايات مشوارهم الصحفي، فهنيئا لهم بهذا.


هل الأستاذ بوعزارة من هواة الرياضة؟

الرياضة هي جزء من حياتي ..، تصوري في أمسية ال 16 من سبتمبر 1995 تعرضت إلى عملية إرهابية كادت تودي بحياتي ، لكن تلك العملية لم تحل دون عزيمتي في فجر اليوم التالي من النهوض مباشرة بعد صلاة الفجر لممارسة رياضة الجري ، و عندما لامتني زوجتي و أبنائي على ذلك و الإرهاب يترصدني بالموت قلت لهم لا أريد أن أموت بالخوف على فراشي .
كما أحب السباحة، فأنا عاشق للبحر و أجد فيه متعتي الفكرية و راحتي الجسدية.


ما هو الفريق الرياضي الذي تشجعه على المستوى الوطني والدولي؟

كنت من أنصار فريق بلكور لكرة القدم ، و الآن وبكل صراحة لا أتابع سوى الفريق الوطني لكرة القدم.


ما هو النوع الموسيقي الذي يستهويكم؟

أنا عاشق للموسيقى الجميلة الهادئة غير الصاخبة بكل أنواعها ..أحب الموسيقى السنفونية و أداوم على حضور حفلات الأوركسترا الوطنية ..و قد كنت وراء تشجيع شقيقي عبد القادر مدير الأوركسترا السنفونية لدراسة الموسيقى.
أحب العود و الناي و القصبة سواء كانت بنغمة صحراوية أو من الغرب الجزائري أو بنغمة شاوية أصيلة ، و كذلك الأمر بالنسبة للغناء ، إذ أستمتع حتى بصوت آيت منقلات رغم أنني لا أعرف إلا بعض الكلمات القبائلية فما بالك بعيطة عيسى الجرموني رحمه الله أو الآي ياي الصحراوية خاصة بصوت الراحل خليفي أحمد .


ماذا تمثل لكم هذه الكلمات:

الجزائر

هي الروح التي تسكنني .

الأغواط

حبي الأبدي

المرأة

عندما تغيب الأنوثة تغيب الأمومة و الزوجة و يغيب الجمال والحنان، المرأة هي هذا الكائن الذي يجعلنا نتشبث بالحياة و الحب.

الصحافة

الصحافة هي الأوكسجين الذي أتنفس منه باستمرار.

ما هو الكتاب الذي تتصفحونه حاليا؟

2084 حكاية العربي الأخير .. وهي آخر رواية للصديق واسيني الأعرج.


هل تستعملون مواقع التواصل الاجتماعي؟

أتواصل باستمرار مع الأصدقاء و مع جمهور القراء و أنشر بعض مقالاتي عبر صفحتي الخاصة.. التواصل الاجتماعي أصبح ضرورة لأي كاتب أو سياسي كي لا يكون خارج الزمن.


ما هو طبق الأكل المفضل لديكم؟

الشخشوخة والكسكسي رغم متاعب ذلك على المعدة .


من هو قدوتكم في الحياة؟

هو الشهيد العربي بن مهيدي بشخصيته الآسرة وفكره الثاقب وكلماته المدفعية.


كيف يقضي الأستاذ بوعزارة أوقات فراغه؟

لا أشعر بالفراغ فأوقاتي مقسمة ما بين الكتابة والمطالعة والرياضة و زيارة الأبناء والتواصل مع الأصدقاء والنشاط الحزبي.


ما هو أصعب موقف صادفكم في الحياة؟

كان ذلك في أعقاب الإعلان عن نتائج الدور الأول من الانتخابات التشريعية الملغاة ل 26 ديسمبر 1991.
فرغم أنني كنت من بين القلائل ممن اجتازوا الدور الأول بالترجيح ضد منافسي من الجبهة الإسلامية المحلة عقب الفوز الكاسح الذي حققه مرشحوها على حساب مناضلي حزب جبهة التحرير الوطني في الدور الأول ، فقد وجدتني تقريبا أبقى وحيدا لمواصلة الحملة في الدور الثاني الذي كان مقررا إجراؤه في نهاية النصف الأول من شهر جانفي عام 1992 .
وكان قراري بعد أن قرر معظم الأفلانيين معي التوقف عن مواصلة الحملة التحدي و مواصلة الدور الثاني حتى لو بقيت وحيدا..
كان الموقف صعبا للغاية في جو كان يسوده التوتر و كانت تلك الأيام صعبة و عصيبة....
وأود أن أذكر هنا للتاريخ أن بعض الصحف كانت قد تحدثت آنذاك عن احتمال حدوث تحالف بين حزب جبهة التحرير الوطني و جماعة الراحل محفوظ نحناح في الدور الثاني من تلك الانتخابات.
ونظرا لما كان يربطني من علاقات مع المرحوم نحناح أثناء عمله معي بالإذاعة في نهاية الستينيات و بداية السبعينيات فقد التقيت به و طرحت عليه إمكانية تجسيد هذا التحالف في ولاية الأغواط ، وقد وجدت لديه ترحيبا بالفكرة دون التعهد بتجسيدها ميدانيا كما فهمت.
ولكنني عندما اتصلت بالراحل الكبير سي عبد الحميد مهري الأمين العام للحزب وقتها و الذي كان عارفا بخبايا الأمور و كانت تربطني به أوثق الصلات ، و أخبرته بنتيجة اتصالي بالمرحوم نحناح وجدته يصارحني بأن جماعة نحناح إن كان هناك دور ثان فإنهم لن يُصَوِّتُوا لصالح مرشحي حزب جبهة التحرير الوطني بل لصالح جماعة الفيس !!
ويومها فهمت من إشارة سي عبد الحميد أن قرار إلغاء انتخابات 26 ديسمبر 1991 مسألة وقت فقط و هو ما تأكد لاحقا .


هل كريمتكم الصحفية فيروز زياني العاملة في قناة الجزيرة الفضائية اختارت درب الصحافة بمفردها أو كان ذلك بتوجيه منكم؟

لم أجبر أيا من أبنائي بما فيهم فيروز الصحفية بقناة الجزيرة و سارة الصحفية بالقناة الدولية للإذاعة الجزائرية على أي اختيار.
زوجتي وأبنائي هم أول من يقرأ كتاباتي و مقالاتي، فما بالكم باختيارات أبنائي سواء في العمل أو حتى في الدراسة ، صحيح أنني أوجههم وأقدم لهم النصح فيما أعرف من الأمور ولكنني لا أفرض عليهم رأيا بذاته .
فيروز كان توجهها علميا في الدراسة ، و لكن عندما كانت تلميذة في المدرسة و قبل استخدامي للكمبيوتر كنت ألجأ إليها في كتابة برنامج سياسي أسبوعي كنت أكتبه وأقدمه على أمواج القناة الأولى للإذاعة .
وعقب كتابة كل حلقة كنتُ أطلب منها أن تقرأ علي النص بصوت مرتفع، حيث أصحّح لها مخارج الحروف وكيفية وطريقة الإلقاء الصوتي.
وكانت تسألني أحيانا عن بعض الأمور التي كانت لا تعرفها و حتى المصطلحات وبعض الشخصيات التي أتناولها في البرنامج وربما كان ذلك من العناصر التي حبّبت لها المهنة.
فقد فوجئت بها تتوجه للإذاعة في بداية التسعينيات أثناء دراستها الجامعية دون علمي وتطلب من عبد القادر العلمي الذي كان مديرا في الإذاعة آنذاك و كانت تربطني به علاقة زمالة من قبل، أن يقبلها لتعمل في الإذاعة و هي طالبة جامعية حيث تم قبولها بعد إجراء تجربة صوتية.
ونفس الشيء حدث مع التلفزيون فهي لم تستشرني في الأمر لا مع التلفزيون الجزائري و ا مع قناة الجزيرة، فقد كان الأمر من اختيارها هي وزوجها مبروك.
أما بالنسبة لسارة فقد استشارتني في الأمر وطلبت مني مساعدتها وقد قمت بذلك بعد أن أجروا عليها تجربة صوتية وكتابية، وهي تخطو خطوات ثابتة اليوم لتفرض نفسها في عالم الإعلام المسموع و المرئي معا.


ما تقييمكم لمسيرتها الإعلامية ؟

أتابع فيروز كأب و كصحفي و أشعر بافتخار كبير لما تحققه من نجاحات في مهنتها كواحدة من أبرز صحفيات قناة الجزيرة ، كما أتابع ردود أفعال متابعي صفحتها عبر الفيسبوك و الثناء الذي يوجهه لها متابعوها و هو عبارة عن سبر للآراء يمكن الاستدلال به .
وبالمناخطوات سبة أنا أتعامل مع أبنائي كأب و كصديق ..


أصدرتم لحد الآن أحد عشر كتابا ما هو تقييمكم لهذه التجربة، و كيف جاءتكم فكرة التأليف أصلا ؟

الكتابة بحد ذاتها متعة..و التأليف متعة هذه المتعة ، الكتابة سكنتني منذ مرحلة شبابي المبكر في ستينيات القرن الماضي..إذ نشرت أول و أخر قصة على أمواج برامج الأطفال في الإذاعة عام 1965 و عمري 15 عاما و نصف العام، كما اقتبست رواية لأحد الكتاب الغربيين بثت في القناة الأولى للإذاعة عام 1969 على ما أذكر و عمري وقتها عشرون عاما، ثم واصلت النشر في مختلف الصحف الوطنية على قلتها عبر الخواطر و حتى الشعر.
وفي 1976 باشرت كتابة برنامج سياسي للإذاعة استمر عشرة أعوام كاملة كان أهم برنامج سياسي تحليلي..و منذ السبعينيات و أنا أكتب المقالات بشكل مستمر في أكثر من صحيفة بما في ذلك بعض الصحف العربية في المشرق و لندن، وكانت فكرة التأليف تراودني منذ زمن .
في 2004 كنت أجري حوارا في قناة الجزيرة ضمن برنامج الاتجاه المعاكس لفيصل القاسم.و كان يحاورني في الاتجاه الآخر رئيس تحرير إحدى الصحف المغربية ونائب في البرلمان المغربي.
قبل بدء البرنامج سألني مقدم البرنامج هل لديكم كتاب مطبوع يا أستاذ..أجبت بالنفي ..
ولما سأل محاوري المغربي وجدته كمن يجيبني أنا، إذ قال في نوع من الزهو و الخيلاء و هو ينظر لي: أنا لدي كتاب و هناك مشروع كتاب آخر ..
كتمت الأمر في نفسي ..و عندما انتهت حلقة البرنامج التي كانت تبث مباشرة و ساخنة لأنها تناولت موضوع الصحراء الغربية هتفت للزوجة و الأبناء و طلبتُ منهم أن يشرعوا فورا في جمع ما لدي من مقالات و محاضرات و مواضيع لكي أنشرها في كتاب.
قرّرت أن أتحدى نفسي أولا ، فقد قدم لي ذلك الأخ المغربي خدمة لا أنساها لها ..فبفضل استفزازه الجميل لدي الآن 11 كتابا.
أدعو الله أن يمكنني من البقاء محافظا على وصية أستاذي محمد الصالح الصديق في الكتابة حتى أموت..كما سيبقى استفزاز الأخ المغربي ماثلا أمام عيني للأبد لكي أواصل الكتابة ، فكم هي جميلة تلك الاستفزازات من قبيل استفزازات ذلك المحاور المغربي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.