»حق النقض، أي، الفيتو« في مجلس الأمن، »حق الليلة الأولى«، »حق المطاردة والمتابعة«، »إجبارية التعامل بالدولار الأمريكي«، إلى غيرها من الحقوق المجحفة الأخرى التي اخترعتها الذئاب، وحرصت الأرانب على تطبيقها بحذافيرها حتى لا ينالها عقاب الأقوياء في زمننا هذا وفي غير زمننا. في العهد العباسي المتأخر، أي، عندما تضعضعت شؤون الدولة، واهتم أشباه الخلفاء بانتهاب اللذات، ابتدع هؤلاء السفلة الجهلة ما يسمى ب»حق الليلة الأولى«، وطبقوه على بعض أراذل القوم، فصار قانونا لا يمكن الخروج عليه. وفي هذا الزمن، قرر الأقوياء الخمسة ممارسة حق النقض في مجلس أسموه مجلس الأمن الذي هو الأممالمتحدة وليس تابعا لهذه الأمم. وارتكبت المذابح والمجازر في كل مكان من العالم باسم هذا الحق المشبوه، تماما مثلما ارتكب الأمريكيون أبشع المجازر في حق الهنود الحمر طيلة القرن التاسع عشر وإلى غاية 1890، أي تاريخ المعركة الأخيرة التي خاضها أولئك المقهورون ضد عساكر أمريكا. واستحدث الأمريكيون في أعقاب الحرب العالمية الثانية ما يسمى باتفاقيات »بريتون وود«، تلك التي قرروا بمقتضاها أن يكون الدولار سيد العملات على وجه الأرض. ومنذ ذلك الحين، وقانونهم هذا ما زال ساري المفعول، ويقيم الدنيا ويقعدها. يعطس الدولار الأمريكي فتصاب العملات الأخرى بالزكام. وقبل بضع سنوات، استحدث الفرنسيون قانون المتابعة والمطاردة والتدخل في شؤون الغير باسم الأممالمتحدة، والرأفة ببني الإنسان، وطبقوه على العراق المضطهد، وفي بعض أنحاء إفريقيا. وسبق للأمريكيين قبل ذلك أن طبقوا قانونا مماثلا في جزيرة »جرونادا«، وفي »بنما«. وهؤلاء الأقوياء كلهم يحاولون اليوم المضي في تطبيق نفس القوانين على إيران وآسيا الوسطى كلها، أي حيثما وجد أي أثر للقنبلة النووية التي قد يبتدعها المسلمون. ولكأن الخطر، كل الخطر، حسب زعمهم، لا يمكن أن يولد إلا في هذه المناطق! ألا عجبا، ثم عجبا، لقوم يحاولون وضع أقدامهم فوق المريخ وبعض الأجرام السماوية الأخرى، ويرتكبون أبشع المجازر على سطح هذا الكوكب! »كيف لا يصهل عرق حين يذبح، كما يقول الشاعر مظفر النواب؟« إن حقيقة الأمر هي أن الإنسانية كلها في خطر، وهي قد تندثر في أية لحظة، لا بسبب الاحتباس الحراري، وبعض الأمراض الغريبة التي لم يعرفها الإنسان من قبل، ولكن بسبب هذا السلوك الأرعن من جانب الأقوياء. الخوف كل الخوف هو أن يبادر أحدهم إلى تصنيع قنبلة نووية، أو قنابل نووية في قبو من الأقبية، ويعمل على تفجيرها في لحظة جنون وطيش. وقد نبه العلماء والخبراء إلى مثل هذا الخطر بعيد تفجير برجي التجارة في نيويورك في عام 2001، فهل يعي الأقوياء بعض الشيء؟ وهل في مقدورهم أن ينظروا بعقل الحكمة والتعقل إلى الواقع الإنساني برمته؟