على عكس الضجة الإعلامية التي رافقت ميلاد ما يسمى تكتل الجزائر الخضراء قبل أسابيع، اظهر خطاب »الثلاثي المرح«، خلال الحملة فقرا كبيرا في الطرح، وديماغوجية فاقت كل التصورات في التعامل مع قضايا المواطنين، وهو ما ترجمته حالات الرفض التي واجهها أبو جرة وحلفاءه الجدد في بعض المناطق. تشير الأصداء المتأتية من الولايات أين ينشط قادة تكتل الجزائر الخضراء الذي يضم حركة حمس والنهضة والإصلاح، أن توقعات أبو جرة سلطاني وفاتح ربيعي وحملاوي عكوشي، باكتساح الساحة غداة تشكيل التكتل لن تكن في محلها، أو بالأحرى كانت مبنية على معطيات قديمة لم يتم تحيينها وتستند إلى التهديد من»الطوفان الإسلامي«، فقد أكدت التقارير الإعلامية الواردة من الولايات أن التجمعات الشعبية التي نشطها قادة التحالف مجتمعين لم تكن في مستوى توقعات المراقبين للوضع، حيث كثيرا ما كان حجم الحضور محتشم، علاوة على أن قادة التحالف أنفسهم وجهوا في عدة ولايات بالرفض المطلق من قبل الشباب والمواطنين خلال جولاتهم الجوارية كما هو الشأن في الحي الشعبي بن سالم بعنابة وقصر البخاري بالمدية حيث كادت الأمور أن تصل إلى مالا يحمد عقباه لولا تدخل مصالح الأمن التي سارعت إلى احتواء غضب الشباب وتهريب أبوجرة وربيعي وعكوشي، الذين قوبلوا بشعار »ارحل«. ويعني هذا فيما يعنيه أن ما يتعرض له التكتل يعكس حجمه في الواقع الميداني، سواء من حيث نسبة التمثيل الشعبي أو من حيث الخطاب السياسي، الذي اتسم بالديماغوجية ومحاولة اللعب على عواطف الناخبين من خلال توظيف معاناتهم من جهة واستغلال الدين»للتحايل السياسي« من جهة أخرى، فقد غابت على خطابات قادة التكتل اللغة الواقعية التي تستند إلى طرح موضوعي قابل للتجسيد العملي الميداني، سواء في السياسة أو الاقتصاد أو الرياضة أو الثقافة أو المشاكل الاجتماعية على كثرتها وتعقدها، وكل ما ورد ويرد من هذا التكتل بخصوص الملفات المطروحة مجرد شعارات تختفي وراء ثابت »الدين« على غرار نزع الربا من تعاملات البنوك والقضاء على مشكل العنوسة بالنسبة للشباب أو حل أزمة البطالة، لكن لا حديث عن الاوات العملية واليات تطبيق وتجسيد هذه الشعارات التي تملأ أفواه الثلاثي المرح أينما حل وارتحل. أما من حيث لغة الخطاب المتبعة، فيقر المتتبعون لمسيرة التكتل، أن قادته سقطوا في فح السفسطة الإعلامية والتلاعب بالألفاظ وكأني بهم يستغبون هذا المواطنين. فرئيس حركة مجتمع السلم الذي يسعى لاحتلال صدارة التكتل يتناسى في كثير من الأحيان انه يخاطب شعب يعلم جيدا أن الرجل كان في الحكومة وحركته ما تزال في الحكومة، وهي مسؤولة أخلاقيا على معاناة ألاف الجزائريين. وقد عبر بعض المواطنين بأسلوبهم على هذا »الإستغباء« من خلال ما حصل مع قادة التكتل في عنابة وقصر البخاري ومناطق أخرى. من الناحية الإعلامية والسياسية، تراجعت العديد من الأطراف من المخاوف التي أبدوها غداة إعلان ميلاد التكتل الإسلامي، بعد أن وضع قيد الاختبار الميداني خلال الحملة، فإعلاميا لم يعد التكتل يستقطب اهتمام المحللين بنفس الوتيرة التي رافقت ميلاده، وسياسيا ظهر تأثيره في الشارع قليل المفعول حتى في المناطق الجغرافية التي ظلت حكرا على التيار الإسلامي أو حركة حمي تحديدا، ومرد ذلك للمنافسة الشرسة التي يواجهها التكتل من قبل جبهتي التغيير بقيادة مناصرة والعدالة والتنمية بقيادة جاب الله. ومن هنا يبدو أن موقع التكتل الإسلامي ضمن الفسيفساء الحزبية لن يكون كما كان يتوقع قادته، الذين »احتلوا الصحف«، لكن انشغل عنهم الناس.