القطب الجامعي لسيدي عبد الله.. صرح تكنولوجي بمقاييس عالمية    رئيس حركة البناء الوطني،عبد القادر بن قرينة،من تيميمون: ضرورة حماية أمننا الفكري من محاولات استهدافه من بعض الجهات    تجسيد التّكامل الصّناعي بين الدّول العربية    برنامج بحث واستغلال لتثمين إمكانات المحروقات    الإحصاء العام للفلاحة.. التنمية على أسس صلبة    قال بسبب الظروف الجوية القاسية،وزير الداخلية الإيراني: أرسلنا فرق الإنقاذ إلى المنطقة لكن قد يستغرق الأمر بعض الوقت    قسنطينة: مشاريع معتبرة منتهية وأخرى في طور الانجاز بالخروب    أولاد رحمون في قسنطينة: أزيد من 16 مليار سنتيم لرفع التغطية بالكهرباء والغاز    الفرقة الهرمونية للحرس الجمهوري.. إبداع في يوم الطالب    "فينيكس بيوتك"..أهمية بالغة للإقتصاد الوطني    سكيكدة - عنابة..تنافس كبير منتظر في المرحلة التّاسعة    تتويجنا باللّقب مستحق.. ونَعِد الأنصار بألقاب أخرى    نقاط مباراة اتحاد العاصمة أكثر من مهمّة    تعزيز التكفّل بجاليتنا وضمان مشاركتها في تجسيد الجزائر الجديدة    مستعدون لتعزيز التعاون في مجابهة التحديات المشتركة    الفرقة الإقليمية للدرك الوطني بباتنة توقيف مسبوقا قضائيا وحجز 385 قرصا مهلوسا    الجيش الصحراوي يستهدف جنود الاحتلال المغربي بقطاع السمارة    جامعة الجزائر 1 "بن يوسف بن خدة" تنظّم احتفالية    الطّلبة الجزائريّون..الرّجال أسود النّزال    توصيات بإنشاء مراكز لترميم وجمع وحفظ المخطوطات    سكيكدة.. نحو توزيع أكثر من 6 ألاف وحدة سكنية    تحسين التكفل بالمرضى الجزائريين داخل وخارج الوطن    الإحتلال يواصل سياسة التضييق و الحصار في حق الفلسطينيين بقطاع غزة    العدوان على غزة: هناك رغبة صهيونية في إستدامة عمليات التهجير القسري بحق الفلسطينيين    سياسة التعليم العالي في الجزائر، محور ندوة بالجزائر العاصمة    قسنطينة: إنقاذ شخصين عالقين في صخور الريميس    اعتقال 18 فلسطينياً من الضفة بينهم أطفال    الطارف : مديرية السياحة تدعو المواطن للتوجه للوكالات السياحية المعتمدة فقط    إبراهيم مازة موهبة جزائرية شابة على أعتاب الدوري الإنجليزي    نادي الأهلي السعودي : رياض محرز يقترب من رقم قياسي تاريخي    عرفت بخصوصية الموروث الثقافي المحلي..أهم محطات شهر التراث الثقافي بعاصمة التيطري    اختتام الطبعة ال9 للمهرجان الوطني لإبداعات المرأة    الثلاثي "سان جيرمان" من فرنسا و"أوركسترا الغرفة سيمون بوليفار" الفنزويلية يبدعان في ثالث أيام المهرجان الثقافي الدولي ال13 للموسيقى السيمفونية    الفريق أول السعيد شنقريحة في زيارة عمل إلى الناحية العسكرية الأولى    نقل بحري : ضرورة إعادة تنظيم شاملة لمنظومة تسيير الموانئ بهدف تحسين مردودها    إضافة إلى فضاء لموزعات النقود: 9 عمليات لإنجاز وتأهيل مراكز بريدية بتبسة    بلقاسم ساحلي يؤكد: يجب تحسيس المواطنين بضرورة المشاركة في الانتخابات    الأمين الوطني الأول لجبهة القوى الإشتراكية من تيزي وزو: يجب الوقوف ضد كل من يريد ضرب استقرار الوطن    سيساهم في تنويع مصادر تمويل السكن والبناء: البنك الوطني للإسكان يدخل حيز الخدمة    بتاريخ 26 و27 مايو: الجزائر تحتضن أشغال المؤتمر 36 للاتحاد البرلماني العربي    رئيس الجمهورية يهنّئ فريق مولودية الجزائر    ميلة: استلام 5 مشاريع لمكافحة حرائق الغابات قريبا    بمشاركة مستشفى قسنطينة: إطلاق أكبر قافلة طبية لفائدة مرضى بين الويدان بسكيكدة    ميدالية ذهبية للجزائرية نسيمة صايفي    الاتحاد الإفريقي يتبنى مقترحات الجزائر    رتب جديدة في قطاع الشؤون الدينية    الجزائر عازمة على أن تصبح مموّنا رئيسيا للهيدروجين    هذا موعد أول رحلة للبقاع المقدسة    مباراة متكافئة ومركز الوصافة لايزال في المزاد    المطالبة بتحيين القوانين لتنظيم مهنة الكاتب العمومي    استعراض العلاقات التاريخية بين الجزائر وصربيا    إعادة افتتاح قاعة ما قبل التاريخ بعد التهيئة    الحجاج مدعوون للإسرع بحجز تذاكرهم    نفحات سورة البقرة    الحكمة من مشروعية الحج    آثار الشفاعة في الآخرة    نظرة شمولية لمعنى الرزق    الدعاء.. الحبل الممدود بين السماء والأرض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسجد كتشاوة تحفة أثرية نادرة ومعلم بارز
من معالم الجزائر القديمة
نشر في الفجر يوم 22 - 08 - 2010

يعد مسجد كتشاوة الواقع في قلب العاصمة الجزائرية القديمة من المساجد التي تصارع الزمن رغم مرور قرون على تشييد هذا المعلم الإسلامي، ليبقى أحد المعالم التاريخية الراسخة في الجزائر وأقدمها في الحي العتيق المعروف بالقصبة الذي يخفي بين بناياته المتشابكة صروحا عريقة قاومت الحروب والزلازل لقرون
وظلت شاهدا حيا على تعاقب الكثير من الحضارات عليه، لا تزال بصماتها شاهدة للعيان حتى يومنا هذا.
ويذهب المؤرخون إلى أن المسجد أنشئ في بدايته كمصلى بذات المكان الذي كان يقع بجواره ساحة يقام عليه سوق للماعز، تعرف في يومنا هذا بساحة الشهداء، ومنها تسلل اسم السوق (سوق الماعز) الذي يقابل باللغة التركية تحت لفظ كتشاوة، إلى المصلى فصار يعرف به منذ أن قام داي الجزائر في تلك الفترة “حسن باشا” بتوسيعه. غير أن هناك من ينفي ويرى في تسمية لفظ كتشاوة للدلالة على زاوية تقع على بعد أربعين متر لأحد المشايخ اسمه سيدي كتشاوة. يقول الخبير بالتاريخ العثماني في منطقة شمال إفريقيا، محمد مدور في تصريح له في حصة بيوت الرحمن التي تبثها كل جمعة إذاعة القرآن الكريم:
“في حين يذهب زين الدين العربي إلى أن تسمية كتشاوة التي تعني في اللغة التركية سوق الأغنام، إنما هي كلمة محرّفة عن كلمة كالشاوة التي هي اسم للمكان الذي بني عليه المسجد”.
وحسب ما جاء في موقع الإذاعة الوطنية، فإن مسجد كتشاوة بني في العام 1612 ميلادي الموافق ل 1021 ه، أي في الفترة العثمانية، ليتم توسيعه في العام 1794 م، الموافق ل 1207 ه عن طريق الداي حسن باشا، الذي اتخذ من المسجد الذي خربه الاستعمار الفرنسي بعد دخول في العام 1830، اتخذه كنموذج لتجديد وتوسيع كتشاوة.
وخلال فترة الاحتلال الفرنسي تم تحويل المسجد إلى كاتدرائية تحمل اسم سانت فيليب، وصلى المسيحيون فيه أول صلاة نصرانية ليلة عيد الميلاد 24 ديسمبر 1832، وبعثت الملكة إميلي زوجة لويس فيليب هداياها الثمينة للكنيسة الجديدة، أما الملك فأرسل الستائر الفاخرة، وبعث البابا غريغور السادس عشر تماثيل للقديسين.
من مسجد إلى كنيسة وأزيد من أربعة آلاف قتيل احتج على التحويل
لقد قام الجنرال الدوق دو روفيغو، القائد الأعلى للقوات الفرنسية الذي كان تحت إمرة قائد الحملة الفرنسية الاستعمارية دوبونياك، بتحويل الجامع إلى إسطبل، بعد أن قتل فيه من المصلين ما يفوق أربعة آلاف مسلم كانوا قد اعتصموا فيه احتجاجا على قرار تحويله إلى كنيسة، كما أخرج جميع المصاحف الموجودة فيه إلى الساحة المجاورة وأحرقها عن آخرها، فكان منظرا أشبه بمنظر إحراق هولاكو للكتب في بغداد عندما اجتاحها.
وتم تحوّل الجامع إلى كاتدرائية لأكثر من قرن بالرغم مما جاء في وثيقة تسليم مدينة الجزائر من قبل حاكم الجزائر في ذلك الحين الداي حسين، والتي تشترط وجوب احترام السلطات الفرنسية للديانة الإسلامية، وتتعهّد بحماية ممتلكات السكان من السلب والنهب. وباستقلال الجزائر في سنة 1962 استرجعت السلطات الجزائرية الجامع وكان الخطيب في ذلك اليوم العلامة الشيخ محمد البشير الإبراهيمي أحد مؤسّسي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
لقد كان كتشاوة كما ظل مفخرة جميع الجزائريين بدون استثناء، الذين يحملون في ذاكرتهم حكايات واسعة عن مصلاه وزخرفته والأئمة الذين خطبوا على منبره، كما يشدد القاطنون بجواره على قيمة المعلم التي تمنح الهوية الإسلامية التي طالما سعى الاستعمار الفرنسي إلى طمسها.
الملامح الأثرية لجدران كتشاوة تؤكد قوة الانتماء للثقافة الإسلامية
المشاهد لجامع كتشاوة يكتشف تعاقب الآثار التي مرت عليه منذ بنائه إلى يومنا هذا، منها جملة من الكتابات الرائعة التي تمتد بتشكيلها إلى الامتداد الثقافي الإسلامي، والتي تم فصلها في العام 1855، حيث تم نقلها إلى متحف بفرنسا واستبدلت بنقوش أخرى تعكس الواقع الثقافي الديني الفرنسي.
ومن جملة الزخارف والنقوش التي كانت مكتوبة، آيات قرآنية أبدعتها يد الخطاط إبراهيم جاكرهي أثناء إنشاء المسجد في العهد العثماني.
الشيخ الطاهر وأمانة تحفيظ كتاب الله على مدار أربعة عقود
لقد ظل مسجد كتشاوة ولا يزال بمثابة القلعة العلمية التي تمد الناس بما يمكن أن يبصّرهم بتعاليم الدين الحنيف، ولقد دأب روّاده على قراءة الراتب، وهو حزب من القرآن يقرأ قبيل صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء، بطريقة جماعية، ناهيك عن تحفيظ القرآن الذي دأب الشيخ الطاهر، إمام المسجد الذي لا يزال على قيد الحياة مواضبا على القيام به لصالح الكبار واستمر إلى غاية إغلاقه في الفترة الأخيرة لأسباب الصيانة.
أما بالنسبة لشهر رمضان فقد دأب القائمون على المسجد على تنظيم ندوات كل جمعة بعد صلاة العصر يحضرها كبار المشايخ والعارفين بالطريق إلى الله من الجزائر، حيث تضطلع بمناقشة ما يتعلق بضرورة معرفته من شؤون الدين، هذا بالإضافة إلى البرنامج السنوي لتحفيظ الصغار القرآن يوميا من العصر حتى إلى صلاة العشاء. وقد أثمر هذا البرنامج على تخرّج المئات من حفظة القرآن الكريم، إضافة إلى تعليم النساء وتحفيظهن القرآن بإشراف الشيخ الطاهر الإمام، أو بإشراف مرشدة يزكيها الشيخ الطاهر.
كما يحظى مسجد كتشاوة، إضافة للجامع الكبير، باستقبال العلماء الكبار الوافدين إلى الجزائر من مختلف ربوع العالم الإسلامي، حيث تقام دروس يحضرها الآلاف من المصلين.
جهود للترميم وخطوات استباقية لإبقائه شامخا
أغلق كتشاوة في الفترة الأخيرة لأسباب تتعلق بالصيانة بعد نصيحة قدمها المهندسون المعماريون عاينوه فاكتشفوا أن الصومعة اليمنى قد مالت ب30 سنتمر، مما يمكن أن يشكّل خطرا على المصلين، ومن المنتظر أن تبدأ أعمال إصلاحها هذه الأيام، وإصلاح عدد من التشققات التي طالت القبب والتي أصبحت طريقا لتسرب مياه الأمطار، وذلك تحت إشراف وزارتي الثقافة ووزارة الشؤون الدينية.ورغم مرور الزمن لا يزال هذا المسجد يحافظ على تاريخه ويصارع تقلبات الزمن، حيث يتواجد في الواجهة البحرية للعاصمة الجزائرية فالداخل إلى حي القصبة العتيقة يتراءى له من بعيد الجامع الذي يتوسط ساحة الشهداء التي أصبحت اليوم سوقا تجاريا مفتوحا على كل المنتوجات المحلية الصنع.
وبحسب المصادر، فإن العاصمة الجزائرية كانت تحوي 300 مسجد، قبل الاحتلال الفرنسي، ولم يبق منها سوى 13 مسجدا عريقا ذا طابع معماري عثماني كجامع بتشين الذي بني عام 1622 والجامع الجديد 1660 وجامع سيدي عبد الرحمن الثعالبي 1669 وجامع سفير 1826، أي قبيل الاحتلال الفرنسي بأربع سنوات، وقد كانت أغلب المساجد خلال الحقبة الاستعمارية قد حوّلت إلى كنائس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.